بعد 7 سنوات من الغياب.. الثلوج تدخل البهجة على المقدسيين في الأقصى

المقدسيون وجدوا في الزائر الأبيض بهجة وفرصة للفرح بعد منعهم من التنقل مدة طويلة بسبب الإجراءات الاحترازية من كورونا.

مقدسيون يستمتعون بالثلوج التي كست مدينتهم المحتلة (الأناضول)

بشوق حذِر انتظر المقدسيون الزائر الأبيض خوفا من عدم حلوله كما حدث في السنوات السابقة مع انحراف المنخفض الثلجي عن مساره.

ولم تخلُ شرفات معظم منازل المدينة من أفرادها المترقبين بدء هطول الثلوج وتراكمها، وكان موعدهم الأول مع هذا المشهد بعد أذان عصر يوم الأربعاء إذ بدأ الهطول لكن دون تراكم.

4-مسن ومسنة يستمتعان بالنظر لمدينة القدس من مطلة جبل الزيتون(لدينا إذن من المصور لاستخدام الصورة بشكل خاص) copy
مقدسيان يستمتعان بالنظر إلى مدينة القدس من مطلة جبل الزيتون (الجزيرة)

ومع مرور الساعات وتعمق المنخفض الجوي استمر هطول الثلوج على المدينة المقدسة، وتُرجمت بهجة المقدسيين بقدومه على المنصات الاجتماعية المختلفة بنشر وتداول صور ومقاطع فيديو اتخذت المنحى الروحاني المتمثل بالمسجد الأقصى.

المسجد الأقصى المبارك كان الوجهة الأولى التي قصدها الفلسطينيون بامتياز لأداء الصلوات من جهة، واستمتاع الأطفال والكبار على حد سواء بالثلوج واللعب بها في باحاته، خاصة أن معالم المسجد تكتسي بحلّة استثنائية تضفي جمالا مختلفا عليها.

فرصة لإعمار المسجد

المعلمة المقدسية خديجة خويص توجهت إلى المسجد الأقصى فجر يوم الأربعاء، ومكثت فيه منتظرة الزائر الأبيض، وقالت في حديثها -للجزيرة نت- إن اكتساء القبة الذهبية ومعالم المسجد بالثلوج مشهد أثلج الصدور، وأدخل الفرحة على نفوس كل من كان في المسجد أو شاهد المقاطع والصور عن بعد.

وأضافت "ذهابنا إلى الأقصى ورباطنا فيه لا يترتب على نزول الثلج أو عدمه، لكن الوجود في المسجد مع هطول الثلج أسعدنا بعد حرماننا منه مدة طويلة بسبب الإغلاق المتعلق بجائحة كورونا من جهة، والتضييق وإبعادي عنه شخصيا لفترات طويلة من جهة أخرى".

حلقة الفرح باستقبال الزائر الأبيض في المسجد الأقصى لم تكتمل وفقا لخويص؛ إذ منعت الشرطة الإسرائيلية المصلين من الوجود أو التصوير أو التراشق بالثلوج والاستمتاع بها في الساحة الشرقية ومحيط مصلى باب الرحمة بوجه خاص، وفي مسار المقتحمين للمسجد بوجه عام.

وردًا على هذه الإجراءات أشارت المعلمة المقدسية إلى أهمية توافد المصلين إلى المسجد واستغلال رفع الإغلاق، وقالت "رغم البرد القارس والصقيع فإن جماعات الهيكل لم تتورّع عن اقتحام الأقصى، ولأجل راحتهم وفّرت لهم الشرطة الإسرائيلية المسار الآمن بإبعاد كل المسلمين رغم كثرة عددهم اليوم عن المسار بشكل كامل".

سكان القدس لم يفوّتوا فرصة الاستمتاع بالثلوج (الأناضول)

وختمت حديثها للجزيرة نت بقولها إن المتطرفين المغتصبين ليسوا أصحاب الحق ويحرصون على اقتحام الأقصى في كل الأوقات، "ونحن أصحاب الحق الكامل بالمسجد؛ فأين نحن من هذا الحق؟".

ومن مدينة طمرة في الداخل الفلسطيني -التي تبعد 160 كيلومترا عن القدس- توجه أحمد أبو الهيجا إلى العاصمة ليمكث بها حتى يوم السبت المقبل بهدف الوجود في المسجد الأقصى والتمتع بأجواء الثلوج فيه.

وقال "حُرمت من المسجد الأقصى على مدار 40 يوما أثناء فترة الإغلاق، ومنذ إعادة فتحه أمامنا الأحد الماضي أتوجه للصلاة والمكوث فيه يوميا، تعلقت به منذ سنوات طويلة وأقول دائما إن لدي كريات دم بيضاء وحمراء وكريات دم الأقصى".

6-الفلسطيني القادم من طمرة في الداخل الفلسطيني أحمد أبو الهيجا(الجزيرة نت) للاستخدام الداخلي فقط
أحمد أبو الهيجا قدم إلى القدس من مدينته على بعد 160 كلم للاستمتاع بالثلوج في الأقصى (الجزيرة)

تفاؤل وارتياح

أبو الهيجا تحدث عن الزائر الأبيض بحماسة شديدة قائلا إن هذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها تساقط الثلوج على الأقصى، وإن مشهد اكتساء القباب والساحات باللون الأبيض بعث في نفسه الارتياح والتفاؤل بالمستقبل.

وفضلا عن الحضور الكثيف بالمسجد الأقصى حرص كثير من المقدسيين على التوجه إلى المطلات والاستمتاع بالمشهد العام للمدينة منها، وأبرزها مطلتا جبل الزيتون وجبل المكبر.

ومن بين هؤلاء الشاب المقدسي محمد دويك الذي بدأ جولته صباح الخميس منطلقا من منزله في بلدة بيت حنينا شمالي القدس نحو باب العامود، ومنها إلى مطلة جبل الزيتون، ثم جبل المكبر للاستمتاع بالمشهد الاستثنائي للقدس المكتسية بالرداء الأبيض.

وقال إن المقدسيين ينتشرون في الأحياء عادة للعب بالثلوج، لكن المختلف هذا العام الوجود الكثيف في الأمكنة كافة في ظل حرمانهم من التنقل والحركة مدة طويلة بسبب الإغلاق المرافق لتفشي فيروس كورونا.

أجواء الفرح والبهجة لم تعم جميع السكان إذ انقلبت نعمة الأمطار والثلوج إلى نقمة في كثير من منازل القدس المتهالكة؛ فقد أدت العاصفة الثلجية إلى حدوث انهيارات فيها أو في الأسوار الاستنادية المحيطة بها، فضلا عن تسرب مياه الأمطار إلى كثير من البيوت التي تحتاج إلى ترميم عاجل.

المصدر : الجزيرة