بالفيديو- مدينة نابلس الفلسطينية أم الحلويات الرمضانية.. مهنة الآباء والأجداد

أصل حكاية الحلويات في "أم الحلو" هو الكنافة النابلسية بشقيها "الناعم" و"الخشن" ويحتويان على نفس المكونات غير أن تقنية صنع العجينة مختلفة وهنا يكمن سر اختلاف الطعم والشكل

ما إن تدخل بين حواري البلدة القديمة في دمشق الصغرى (نابلس) وأزقتها -ولا سيما هذه الأيام- حتى تحدثك نفسك بالبقاء وقضاء أكبر وقت ممكن هناك.

لن تمل وأنت تشاهد معامل ومحال الحلويات النابلسية تطرح نتاجها بعد تحضيرات طويلة لشهر رمضان، وهو موسم تبدو فيه هذه الصناعة مميزة أكثر من غيرها.

عاطف دغلس- نابلس تتحضر جيدا قبل برمضان- مواطنون في ساحة النصر في البلدة القديمة قبل يوم من رمضان- الضفة الغربية- الجزيرة نت 1
مواطنون في ساحة النصر بالبلدة القديمة في نابلس قبل يوم من رمضان (الجزيرة)

أم الحلو.. نابلس

في شهر رمضان تكون مدينة "أم الحلويات" أو "أم الحلو" باللهجة العامية قد استعدت جيدا لإعداد شتى أصناف الحلويات وما لذ وطاب منها، ومع ذلك يبقى لبعض الأنواع رونقها وحضورها رغم التنوع كما الحال في الكنافة والقطايف والعوامة والتمرية والفطير.

كل تلك الأصناف يدخل في تركيبها الطحين والسميد والسكر والجبن والسمن البلدي والنباتي ليضفي عليها مذاقا طيبا، لكن سر التميز يكون باحتراف التصنيع.

ولهذا يرد النابلسيون على كل سائل عن سر التميز في منتجهم بالقول "إنها مهنة الآباء والأجداد"، وهذا ما لمسناه واقعا خلال إعدادنا للتقرير لنرى الأبناء والأحفاد وقد تسلموا عهدة العمل وبدؤوا بالإنتاج فعلا.

عاطف دغلس-الكنافة الخشنة أثناء الشوي- الضفة الغربية-نابلس- البلدة القديمة- الجزيرة نت 5
الكنافة الخشنة "البرمة" أثناء الشوي (الجزيرة)

الكنافة.. الأصل

وأصل حكاية الحلويات في "أم الحلو" هو الكنافة النابلسية بشقيها "الناعم" والمصنوعة من الطحين المحمص والمحشو بالجبن البلدي والمغمور بالقطر، وتعد مفرودة فوق سدر غالبا ما يكون من النحاس وهو الأفضل.

والشق الآخر من الكنافة هو "الخشن"، والتي تحتوي على نفس المكونات، غير أن العجينة تكون خشنة و"مشللة"، والجبنة لا تفرد فوق العجينة وإنما تحشى بداخلها، وتعد على شكل أصابع ملفوفة بطريقة فنية جميلة وتسمى "برمة".

ويحكي أهل نابلس أن الكنافة أعدت في وقت سابق لزمن مؤسس الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان في دمشق، وكان يعرف بأنه أكول، وعندما كان يتناول سحوره في رمضان لم يكن شيء يسد جوعه غير الكنافة، حيث أعد له الطبق عندما زار نابلس.

عاطف دغلس-حلوى أصابع زينب وهي تصنع من السميد والطحين- الضفة الغربية-نابلس- البلدة القديمة- الجزيرة نت 10
حلوى أصابع زينب وهي تصنع من السميد والطحين (الجزيرة)

القطايف وأخواتها

القطايف هي عجين مخمر ورائب، ويعد منه الصغير ويسمى "عصافيري"، فالمتوسط، فالأكبر منه قليلا، وقد يكون القرص كبيرا جدا وهذا يعد حسب رغبة الزبون، وتحشى القطايف بالجوز أو اللوز أو الجبن البلدي، ويضاف إليها القطر للتحلية.

ومن عجينة مشابهة لعجينة القطايف بإضافات بسيطة تصنع العوامة، وتعد على شكل كرات صغيرة بقليها في الزيت النباتي المغلي لبضع دقائق، ثم ترفع وتغرق بالقطر لبضع ثوان قبل رفعها منه.

عاطف دغلس- العوامة المحلى بالقطر- الضفة الغربية-نابلس- البلدة القديمة- الجزيرة نت 8
العوامة (اللقيمات) المحلاة بالقطر (الجزيرة)

وبين هذا وذاك تصنع التمرية، وتتكون من قسمين، الأول "حلوى السميد" وهي خليط من السميد والماء والسكر، حيث تطبخ جيدا ثم تترك ليلة كاملة لتبرد.

والقسم الآخر وهو العجين، حيث توضع قطع السميد المحلى فوق العجين المفرود وتلف لتصبح مربعة أو دائرية الشكل وتقلى بالزيت النباتي المغلي لبضع ثوان وتقدم ساخنة.

عاطف دغلس- الفطير المحشي بالقشدة والمغطى بالفستق الحلبي ويسمى وربات شامية- الضفة الغربية-نابلس- البلدة القديمة- الجزيرة نت 6
الفطير المحشي بالقشدة والمغطى بالفستق الحلبي ويسمى "وربات شامية" (الجزيرة)

الفطير وخدود الست

ويجمع النابلسيون بين كل تلك الحلويات على المائدة الرمضانية، غير أن جزءا كبيرا منهم يميل للفطير باعتباره أقل دسما، ومن أسمائه "خدود الست" و"وربات شامية" و"البسكوتة".

عاطف دغلس- صاحب محل يعرض الفطير النابلسي والمعروف باسم خدود الست تحضيرا لشهر رمضان- الضفة الغربية-نابلس- البلدة القديمة- الجزيرة نت 3
صاحب محل يعرض الفطير النابلسي المعروف باسم "خدود الست" (الجزيرة)

والفطير مصنع من طبقات رقيقة من العجين المحمص والمحشو إما بالجبن أو بـ"البالوزة"، وهي أشبه بالقشدة، وتصنع داخل محال الحلويات من الحليب المطبوخ، ثم تغطى بالفستق الحلبي المطحون للطعم والزينة، والذي يرش فوق معظم الحلويات النابلسية.

عاطف دغلس- نابلس تتحضر جيدا قبل برمضان- الكنافة الناعمة الالذ والأطيب لدى كثيرين- الضفة الغربية-نابلس- البلدة القديمة- الجزيرة نت 2
الكنافة النابلسية الناعمة من أشهر أكلات "أم الحلويات" (الجزيرة)

حلويات السوق غير

ويزداد الشغف عند الناس -ولا سيما في شهر رمضان- لدخول محال الحلويات وتتبع عملية صناعتها ومراقبتها ويلقون ترحيبا كبيرا من أصحاب تلك المحال.

والجميل أن معظم النابلسيين يمكنهم إعداد هذه الحلويات في منازلهم، ولا سيما الكنافة بأنواعها، ورغم ذلك لا يستغنون عن شرائها من السوق حيث إن الطعم والشكل مختلفان.

المصدر : الجزيرة