مشروع "رخصة الزواج الآمن" في غزة.. هل يوقف العنف ضد المرأة؟

تدريب الشباب والفتيات مرحلة الخطوبة وفق منهاج يضم محاور منها الاقتصادي والصحي والنفسي والشرعي لضمان زواج آمن (بيكسلز)

غزة – تختلف نظرة الشباب والفتيات في غزة لمشروع "رخصة الزواج الآمن ضمانا لسلامة الأسرة والمرأة" وهذا الاختلاف ينتج عنه العديد من التجارب الزوجية الناجحة، وأخرى تنتهي بقصص مأساوية. فلماذا هذا المشروع؟

وهذا الأمر شجع الحكومة الفلسطينية في غزة من خلال التنمية الاجتماعية على إطلاق مشروع "رخصة الزواج الآمن" الذي يتألف من عدة دورات اقتصادية واجتماعية وصحية وشرعية ونفسية، لإعداد أشخاص قادرين على تكوين أسرة سليمة وتجنب حالات العنف والقتل التي يذهب ضحيتها الأم والأطفال.

رخصة الزواج غير مخجلة

خليل النجار (27 عاماً) وخطيبته حنان الحبيبي (24 عاماً) كان لديهما معلومات عن الارتباط من العائلة من خلال خبرتها بالزواج، لكن هناك مواضيع مهمة لم يكن لحنان وخليل معرفة بها، لهذا سارع الأخير لحضور دورات لتمكين العلاقة الزوجية وتهيئة المخطوبين لها، ووجد تقبلا من خطيبته، وتوجها لمركز شؤون المرأة الذي بدأ بهذا المشروع منذ أشهر قليلة سابقة كخطوة مهمة لتقليل نسبة الطلاق والعنف الأسري وزيادة وعي المجتمع بفكرة الزواج.

خليل الذي حضر 5 لقاءات مع خطيبته استمر كل منها مدة 4 ساعات، يقول للجزيرة نت إنه استفاد بشكل كبير من جلسة التنظيم الأسري وكيفية تنظيم إنجاب الأطفال بفارق سنوات عديدة بينهم، ليتم تربيتهم بشكل صحيح وتوفير التزاماتهم، هذا لم تكن هناك معرفة به "كنت أعتقد أنه يتم إنجاب أطفال بشكل مستمر دون توقف إلى عمر معين، لكن التنظيم الأسري يعني إنجاب عدد معين من الأطفال بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية وضمان حياة جيدة لهم دون ظلم أحد منهم بتوفير مستلزماته لينمو ويتربى بشكل سليم".

أما حنان فتقول للجزيرة نت "قد تكون المعرفة التي أمتلكها من خلال تجربة والدتي ونصائحها ومن ثم تجارب صديقاتي وأقربائي ليست كافية، فهناك مواضيع لم يكن لدي علم بها مثل المواضيع الصحية وسلامة الزوجين وما يترتب عليه بعد الزواج، إضافة إلى كيفية ادارة اقتصاد المنزل" حيث لديها العديد من الصديقات ليس لديهن القدرة على توفير المال وإدارته، قد تكون هذه المواضيع لها علاقة بالمشاكل بين الزوجين والتي ينتج عنها حالات طلاق وعنف لأسباب بسيطة، لهذا تنصح الجميع بالالتحاق بهذه الدورات وأن يكون لديه رخصة لتكوين أسرة ناجحة أفضل من الوقوع في مشاكل بسبب قلة الخبرة، فهي أمر غير مخجل أبداً".

شباب غزة بين المعارض والمؤيد لرخصة "الزواج الآمن" (الجزيرة)

سوء الوضع الاقتصادي سبب العنف

وتحدثت اعتدال قنيطة منسقة مشروع "رخصة الزواج الآمن" في وزارة التنمية عن هذا المشروع للجزيرة نت قائلة "هذا المشروع تم طرحه أكثر من مرة خلال السنوات السابقة وعملت عليه بعض المؤسسات التي تهتم بشؤون المرأة والأسرة، لكن هذا العام تم طرحه بشكل جدي بعد تكرار حالات العنف والقتل داخل الأسرة لحرص الحكومة على بناء أسرة سليمة، وتعمل بشكل جدي في مناقشة هذا المشروع ليتم تصديقه والعمل عليه في كافة مناطق قطاع غزة، وتدريب هؤلاء الشباب والفتيات في مرحلة الخطوبة وفق منهاج للعديد من المحاور منها الاقتصادي والصحي والنفسي والشرعي".

وسيكون المشروع بإشراف لجنة تضم 6 وزارات: القضاء الشرعي والصحة والعدل والأوقاف وهيئة الشباب والرياضة، إضافة إلى التنمية الاجتماعية.

وتضيف قنيطة أن التركيز الأكبر في هذه الدورات على الجانب الاقتصادي وهو سبب الكثير من الخلافات بين الزوجين بسبب سوء الوضع الذي يعيشه قطاع غزة ويولد حالة نفسية سيئة للرجال وضغطا من متطلبات الحياة تجعلهم في عراك مستمر مع زوجاتهم ومشاكل تؤدي إما للطلاق أو القتل" لهذا نحن نهتم بتوعية الشباب من كلا الجنسين على كيفية تجاوز الأزمات الاقتصادية دون إلحاق الضرر بالأسرة".

تأهيل المخطوبين بهدف إدارة أسرة سليمة (الجزيرة)

إجباري أم اختياري؟

"القرارات الاجبارية لها نتائج ملموسة أما الاختيارية فلن تجدي نفعاً" كما تؤكد زينب الغنيمي رئيسة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية في شؤون المرأة للجزيرة نت قائلة "رخصة الزواج الآمن مشروع جيد يجب تعميمه على جميع المؤسسات والعمل به. إن عدم قدرة الشباب من كلا الجنسين على التكيف من بيئة إلى بيئة أخرى مع وجود العديد من العقبات التي تتمثل بالفقر والبطالة تصل إلى عنف أسري مأساوي بين الزوجين، لهذا كان مركز شؤون المرأة يعمل على تنفيذ هذا المشروع مع مجموعات من المخطوبين بعقد دورات مدتها 5 أيام، كل يوم لمدة 4 ساعات لطرح مختلف المواضيع ومناقشتها".

وتضيف "تعاونا مع المحاكم الشرعية لتزويدنا بأسماء المخطوبين والتواصل معهم لطرح هذا المشروع عليهم، بعضهم وافق وشجع الفكرة وبعضهم رفضها، ونطمح بالوصول إلى أكبر عدد ممكن، لهذا يجب أن يكون هذا الأمر إجباريا، مثل فحص التلاسيميا الذي لم يكن أحد يهتم لأمره والآن أصبح إجباريا، فكلما زادت المشاكل أمام المخطوبين دون علمهم بكيفية تجاوزها سيتولد عنف ويسجل في أعداد الإحصائيات السنوية".

بعض الفتيات يعملن لساعات المساء وبعضهن يسافرن بدون الأهل لهذا يجب تعلم الدفاع عن النفس (الجزيرة)

دورات الدفاع عن النفس

بعد تعرض العديد من النساء لجرائم قتل أسرية أصبح لدى عدد كبير من الشابات إقبال على تعلم كيفية الدفاع عن النفس. تقول مدربة رياضة الكونغ فو فاتن النقلة للجزيرة "فكرة دفاع الفتاة عن نفسها مهمة جداً في ظل عمل بعضهن لساعات المساء وبعضهن يسافرن بدون الأهل يجب تعلم كيفية الدفاع عن النفس، إضافة إلى تعرض الزوجة للعنف داخل الأسرة، ومثال ذلك السيدة التي قتلها زوجها بعد أن كبل يديها ولم تستطع الدفاع عن نفسها، لهذا كان هناك تشجيع من الفتيات على استمرار دورات في هذه الرياضة، ورغم الانتقادات التي واجهتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي فإننا مستمرون في ذلك وفي كافة مناطق قطاع غزة".

المصدر : الجزيرة