ظاهرة طبيعية أم بسبب كورونا؟.. تراجع الزواج واستمرار ارتفاع الطلاق بمصر

تراكم عدد حالات الطلاق سنويا، وما يضاف إليه من عدد العوانس كل عام، يرفع عدد السيدات بدون رجل (مطلقات، عوانس، أرامل) إلى 24 مليون سيدة، طبقا لتصريحات المحامي بالنقض عصام عجاج، وأن كل 10 سيدات يعولهم 3 رجال فقط.

آلاف الأسباب التي لا يمكن حصرها لوقوع الطلاق لكن جزءا من حالاتها سببه تردي الوضع الاقتصادي للأسرة بحسب الخبراء (غيتي-تعبيرية)

القاهرة- ألقت تداعيات جائحة كورونا بظلالها إلى أبعد مدى حيث تراجع عدد عقود الزواج وكذلك إشهارات الطلاق في مصر، وقلًتْ في كلتيهما بأكثر من 5%، وفق آخر الإحصائيات الرسمية.

وفق النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق لعام 2020 التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامـة والإحصاء، بلغ عدد عقود الزواج 876 ألفا و15عقداُ عام 2020، مقابل 927 ألفا و844 عقداً عام 2019 بنسبة انخفاض قدرها 5.6%.

وعلى مستوى الطلاق، بلغ عدد إشهاراتها 213 ألفا و950 حالة عام 2020، مقابل 225 ألفا و929 حالة عام 2019 بنسبة انخفاض قدرها 5.3%.

وكالعادة كانت نسبة الانخفاض في عدد الزواج أكثر لصالح الحضر وأقل في الريف، مقابل ارتفاع الطلاق في الحضر عن الريف، وإن كانت بنسب لا تتجاوز 4%.

وفيما يتعلق بمعدل الزواج على مستوى الجمهورية (هو عدد عقود الزواج التي تمت خلال العام لكل 1000 من السكان منتصف نفس العام) فقد بلغ 8.7 لكل ألف من عدد السكان عام 2020، مقابل 9.4 لكل ألف عام 2019.

أما معدل الطلاق، وهو إجمالي عدد حالات الطلاق (إشهارات + أحكام الطلاق النهائية) التي تمت خلال العام لكل ألف من السكان، فقد بلغ 2.2 في الألف عام 2020، مقابل 2.3 في الألف عام 2019.

 

طلاق كل دقيقتين

وفي تقرير تحت عنوان "حالة طلاق كل دقيقتين.. صوت إنذار يهدد الأسر بالتفكك.. والحل في مراكز تأهيل الشباب للزواج"، على موقع بوابة الأهرام الحكومية، وقد أشار إلى ضرورة الانتباه لجرس الإنذار الذي تقوده الإحصاءات الرسمية.

وذكر التقرير أن نسب الطلاق ارتفعت الفترة الأخيرة، حيث وصلت حوالي 213 ألف حالة عام 2020 بواقع حالة كل دقيقتين، الأمر الذي يؤكد أن هذه الظاهرة زادت السنوات الأخيرة وتمثل تهديدا للواقع الاجتماعي.

هناك آلاف الأسباب التي لا يمكن حصرها لوقوع الطلاق على عكس الزواج بحسب الخبراء (الجزيرة)

وبتراكم عدد حالات الطلاق سنويا، وما يضاف إليه من عدد العوانس كل عام، يرفع عدد السيدات بدون رجل (مطلقات، عوانس، أرامل) إلى 24 مليون سيدة، طبقا لتصريحات المحامي بالنقض عصام عجاج، فكل 10 سيدات يعولهم 3 رجال فقط.

في آخر إحصاء له، كشف الجهاز المركزي للإحصاء أن أكثر من 13.5 مليونا ممن تجاوزت أعمارهم 30 عاماً لم يتزوجوا، منهم 2.5 مليون شاب و11 مليون فتاة.

 

ويؤكد خبراء في علم الاجتماع والاقتصاد، في تصريحات للجزيرة نت، أن أسباب زيادة حالات الطلاق يصعب تحديدها على وجه الدقة؛ لأنها كثيرة ومعقدة على غير الزواج الذي يتأثر كثيرا بالوضع الاقتصادي للبلاد ككل، ومدى ازدهاره من انكماشه.

ما مدى مسؤولية الدولة؟

أعرب أستاذ علم الاجتماع محمد محيي الدين أن المشكلة ليست في أعداد أو نسب حالات الطلاق، فهناك دول في المنطقة تزيد فيها مثل هذه الحالات، وهي "تعد طبيعية في ظل التحولات الاجتماعية في مصر، ولا تثير القلق، وتصعد وتهبط وفق عوامل اقتصادية مادية وأخرى اجتماعية تتعلق بوضع المرأة وغيره".

ورأى محيي الدين في تصريحه، للجزيرة نت، أن العبرة في منع وجود أسباب الطلاق لتقليله واحتواء أثره ولا يجعله يتراكم، وفي تحفيز الوضع الاقتصادي للشباب لزيادة معدلات الزواج، وفتح المناخ العام بالاتجاهات كافة أمام مؤسسات المجتمع المدني لتمارس دورها في التوعية والتنوير والإرشاد وتقديم يد العون.

خبراء: تحفيز الوضع الاقتصادي للشباب لزيادة معدلات الزواج
بحسب خبراء يجب تحفيز الوضع الاقتصادي للشباب لزيادة معدلات الزواج (الجزيرة)

ويستدرك خبير علم الاجتماع: لكن ما يحدث أن الدولة في تقديري (تصنع) الشروط الضرورية لوقوع الطلاق، وإعجاز الشباب عن الاستقلال بنفسه، والقدرة على الزواج، وبالتالي إعادة بناء القوة المجتمعية، وقوة العمل مهددة في مصر في ظل السياسات الراهنة التي تقودها سياسات المؤسسات المالية الدولية.

زمن كورونا

لم تغب تداعيات جائحة كورونا على الزواج والطلاق، بحسب الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب الذي أكد أن "البعد الاقتصادي في معظم مشاكل الحياة بما فيها الزواج والطلاق موجود، وكانت أكثر وضوحا خلال أزمة كورونا، وربما يمتد التأثير مع استمرار الأزمة".

التوصيف: تداعيات جائحة كورونا ألقت بظلالها على الزواج في مصر
تداعيات جائحة كورونا ألقت بظلالها على الزواج في مصر بحسب الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب (الجزيرة)

ورأى، في حديثه للجزيرة نت، أن تراجع عقود الزواج بأكثر من 5% تعتبر مقبولة بالتزامن مع أزمة كورونا التي أدت إلى تراجع حتى معدلات نمو الدول اقتصاديا، مما ترتب عليه زيادة عدد العاطلين عن العمل، وتراجع فرص عقود العمل، ومقومات تأسيس منزل الزوجية، وبالتالي "تأجيل قرار الزواج للطرفين".

 

أما فيما يتعلق بالطلاق، فأشار عبد المطلب إلى أن هناك آلاف الأسباب التي لا يمكن حصرها على عكس الزواج: عوامل اجتماعية واقتصادية ودينية ونفسية، ولا أحد يستطيع تحديد أو جمع الأسباب "لكن في اعتقادي هناك سبب مهم يتعلق بسرعة اتخاذ قرار الزواج، مع الإشارة إلى أن جزءا من حالات الطلاق سببه تردي الوضع الاقتصادي للأسرة".

المصدر : الجزيرة