تربط التراث ببلاغة اللغة.. مصممون مهاجرون يختارون الحرف العربي طريقا للتفرد

تشيع التصاميم التي تستلهم الأسماء العربية، سواء الرجالية أو النسائية، والتي تريد جذب الراغبين بحمل أسمائهم كما كتبت بلغتهم العربية على لباسهم.

اختيار الحرف العربي في التصاميم يحمل شجاعة لا جدال فيها، خاصة أنها تستخدم حروف عربية في دول غربية (الجزيرة)

أمستردام- "كن قويا لأجلك"، "الحب يهزم"، "إذا تم العقل نقص الكلام". هذه بعض العبارات التي كتبت باللغة العربية على ألبسة يرتديها فتيات وشباب في موقع شركة "زيدوري"  (zidouri) للألبسة البريطانية، والتي تسعى لأن تربط عبر تصاميمها بين التراث وبلاغة اللغة العربية والواقع الذي يعيش فيه زبائنها.

الشركة البريطانية ليست الوحيدة في هذا المجال، إذ هناك من يفعل الشيء ذاته من شركات وأفراد عرب يعيشون في دول غربية، من الذين وجدوا في الخط العربي وسيلة للعودة إلى تاريخهم ومحاولة استلهامه بطرق مبدعة وعصرية.

الشباب المهاجر وجدوا في الخط العربي وسيلة للعودة إلى تاريخهم ومحاولة استلهامه بطرق مبدعة وعصرية (الجزيرة)

حروف عربية في دول غربية

وينطوي اختيار هذه الشركات للحرف العربي على شجاعة تجارية لا جدال فيها، وخاصة أن هوية هذه الشركات التصميمية تقوم على استخدام حروف عربية في دول غربية، بما يحمله هذا من تعقيد بسبب الظروف السياسية بالعقدين الآخرين، والتنميط الذي صار يرافق العرب واللغة العربية في الدول الغربية.

اللافت انتشار تصاميم تهتم بقضايا وطنية وإنسانية، وتتصدر هذا الاتجاه القضية الفلسطينية (الجزيرة)

فلسطين في القلب

واللافت هو انتشار التصاميم التي تهتم وتحتفل بقضايا وطنية وإنسانية، وتتصدر في هذا الاتجاه النصوص التي تدور حول القضية الفلسطينية، وهناك من يكتفي باسم فلسطين بالعربي أو الإنجليزي، والذي يطبع على ألبسة نسائية ورجالية.

كما تشيع التصاميم التي تستلهم الأسماء العربية، سواء الرجالية أو النسائية، والتي تريد جذب الراغبين بحمل أسمائهم كما كتبت بلغتهم العربية على لباسهم.

ويمكن تقسيم المنتجات التي تحمل الحرف العربي والتي تنتج في دول غربية على عدة أصناف؛ اذ يندرج بعضها ضمن التصميم الإلكتروني، والذي يقوم على نقل أفكار المصمم الإلكتروني إلى الملابس، فيما يحاول بعض المصممين ربط الحرف والكلمات العربية بالتصميم العام والأقمشة المنتقاة، والخروج بهوية تصميمية واضحة ومبدعة.

الإلهام في معظمه يأتي من خلفيتنا التاريخية والجغرافية، فنحن في النهاية عرب، هذا ما يقوله الشاب درباس (الجزيرة)

الموضة جزء من حركة اجتماعية

ومن الشركات التي تنشط في هذا المجال، شركة "ميدل بيست" (middlebeast) التي تتخذ من ألمانيا مقرا لها، ويديرها الفلسطيني الأردني طارق درباس.

ويكشف درباس -في حديثه للجزيرة نت- أن الشركة هي جزء من حركة اجتماعية وفنية بدأت عام 2007 في الأردن، وضمت حينها موسيقيين ومطربين وراقصين، وأن الجزء الخاص بالملابس جاء من احتياج الحركة تلك إلى ملابس تعبر عن هويتها.

ويسترجع درباس بدايات شركته للملابس والتي بدأت فعليا عام 2017، فيقول "أنا بالحقيقة راقص هب هوب، وعن طريق التجارب التي خضتها في السفر وتنظيم المناسبات دخلت بقصة التصميم. وبالتحديد ما يعرف باسم لبس الشارع".

وعن التأثيرات والإلهام في الألبسة التي تنتجها الشركة يقول درباس "الإلهام في معظمه يأتي من خلفيتنا التاريخية والجغرافية، فنحن بالنهاية عرب، ونريد أن نوصل رسالة للناس الذين يطلعون على منتجاتنا، من الذين لا يعرفون أي شيء عن العرب، أو الذين وصلتهم الصور النمطية عنا كالإرهاب والتعصب. نحن نحاول أن نقلب الصورة والمفاهيم هذه".

تصاميم الحرف العربي تجذب الشباب المهاجر ممن لا يتكلمون العربية لكن لهم انتماء ويريدون أن يظهروه لمن حولهم (الجزيرة)

تحدي الصور النمطية

وتتحدى الشركة الصور النمطية الشائعة عن العرب عبر تصاميم وصور تثير الجدل، وعن هذا يقول درباس "عندما نضع صورة لفتاة محجبة في منشوراتنا أو في تصاميمنا، فيجب أن تكون الرسالة مختلفة، وتبين أن هذه الفتاة عصرية، وحجابها لا يقف أمام تحقيق أحلامها".

إن الإلهام يأتي أيضا -كما يقول المصمم العربي الشاب- "من اليوميات التي نعيشها، ما الذي أراه في حياتي، ما هي الأشياء التي أريد أن أوصلها للناس، بطريقة صورية".

وعن نوعية الخطوط العربية المستخدمة في تصاميم شركة "ميدل بيست" يقول درباس "نحن نستخدم أكثر من خط، نستخدم مثلا الخط الكوفي، خط الرقعة، ونستخدم خط يد بدون اسم، لدينا خط معين وهو خط "ميدل بيست" ونسميه خط موزون، وهو يشبه خط أربن حديد".

وفي وسط المنافسة الموجودة بين المواقع التي تبيع الملابس على شبكة الإنترنت، تبدو حظوظ الشركات التي تبيع منتجات فيها هوية عربية محدودة، بيد أن درباس يعرف زبائنه جيدا، ويحاول أن يرضيهم.

الحرف العربي طريق للتفرد لمصممي أزياء مهاجرين (الجزيرة)

زبائن متنوعون

"أستطيع أن أقسم الزبائن إلى أنواع ثلاث" -يواصل درباس- "النوع الأول هو الذي ليس له علاقة بخلفية الشركة العربية، لكن في الوقت نفسه له أصل شرقي، مثلا شاب أو شابة من أصل تركي أو عربي. هم لا يتكلمون العربية ولا يعرفون الكثير عن الثقافة العربية، لكن لهم انتماء بسيط ويريدون أن يظهروا هذا الانتماء للناس من حولهم".

أما النوع الثاني من زبائن شركة "ميدل بيست" -وفق درباس- فهم "اللاجئون الموجودون في أوروبا، وهم من جنسيات عربية مختلفة، من الذين تركوا بلدانهم الأصلية، ويحسون أنفسهم معلقين بين الثقافات، نحن نحاول أن نكون لهم نقطة وسطية بين ثقافتهم الأصلية والثقافة الجديدة التي يعيشون بينها".

ويصف درباس النوع الثالث من زبائن الشركة بأنهم "الناس الذين يعرفون بالضبط ما نفعله ونريده عبر أزيائنا، ومطلعون على تجاربنا من قبل، او الأجانب الذين يتعلقون فقط بالجانب الفني من عملنا، أو الجانب الشرقي".

الحرف العربي يجذب الأجانب الذين يتعلقون بالجانب الفني من الحضارة العربية (الجزيرة)

وتسعى شركة "ميدل بيست" لجذب مصممين ومصممات من خلفيات شرقية، كما يكشف طارق درباس، على شرط أن يحمل هؤلاء الأفكار ذاتها للشركة وطريقة التفكير نفسها، وهمهم إيصال رسالة الشركة إلى الناس.

وكانت الشركة قد أنجزت خط أزياء يحمل اسم "بو كلثوم"، على اسم المغني السوري الشاب الصاعد الذي تحصل الفيديوهات والأغاني التي يضعها في منصات التحميل الموسيقية على مشاهدات بالملايين.

المصدر : الجزيرة