ألوان الباستيل.. من ملابس الفقراء إلى العلامات التجارية العالمية

صُنعت ألوان الباستيل بدرجاتها الناعمة لأول مرة في القرن 16

يجب أن يحاط الأطفال حتى سن الثالثة بأثاث وجدران بدرجات الباستيل للحفاظ على هدوئهم (بيكساباي)

تعيدنا ألوان الباستيل الحالمة إلى طفولتنا، حيث ألعابنا القديمة وحلوانا المفضلة. وحين نريد الهروب من الواقع يمكننا أن نغوص في درجات ألوان الباستيل الحالمة، مثل الزهري والأزرق الفاتح والأخضر بلون النعناع والأصفر الباهت، وكلها ألوان تشبه الأحلام وتعيدنا إلى رومانسية مفقودة في حياتنا اليومية.

ألوان الباستيل بين السطوع والهدوء

تتمتع ألوان الباستيل ودرجاتها بشخصية مزدوجة، فهي قادرة على الحفاظ على حيوية اللون وسطوعه، لكنها في الوقت نفسه تشتهر بقدرتها على التهدئة، وهي تمثل أيضا استراحة دراماتيكية عند استخدامها مع الألوان الداكنة التي غالبا ما تكون مفضلة في فصل الشتاء، وهو عكس ما يشاع عن ارتباطها فقط بفصلي الصيف والربيع.

تاريخيا، كانت الملابس التي يرتديها الفقراء تفتقر إلى الألوان الاصطناعية، وكانت الأقمشة تلبس ببساطة دون صباغة، بينما كانت الطبقات الأرستقراطية هي القادرة على الحصول على الصبغات الغالية والنادرة، لذلك لم تصبغ الأقمشة بألوان الباستيل إلا بعد وقت طويل من أجل صيحات الموضة، خاصة في عصر الروكوكو الذي أشاع درجات الباستيل اللونية بين الطبقات الثرية.

ويعود الفضل إلى مدام دي بومبادور صديقة لويس الخامس عشر في توجيه عصر الروكوكو باتجاه ألوان الباستيل، كما اشتهرت ماري أنطوانيت بحبها لهذه الدرجات اللونية، وكانت تفضل الأزرق الفاتح والوردي بشكل خاص.

خلال الفترة الفيكتورية تطورت حقوق العمال، وظهر اتجاه اجتماعي جديد بين الطبقات الوسطى في أوروبا، وأصبحت درجات الباستيل مرادفة للإجازات مع المظلات وكراسي الشاطئ الملونة التي تعطي انطباع بالراحة والهدوء.

واستمر سحر درجات الباستيل حتى يومنا هذا، خاصة في مستحضرات التجميل والملابس النسائية.

تتمتع ألوان الباستيل ودرجاتها بشخصية مزدوجة، فهي قادرة على الحفاظ على حيوية اللون وسطوعه (بيكساباي)

 تاريخ الفن

تم تصنيع ألوان الباستيل بدرجاتها الناعمة لأول مرة في القرن 16، وسرعان ما حظي بقبول أساتذة الفن البارزين. واستمر حضوره هادئا حتى منتصف القرن 18، وأصبح ذروة الموضة والثراء أن يرسم لشخص ما لوحة بألوان ودرجات الباستيل الهادئة.

بحلول عام 1820، تراجعت شعبية ألوان الباستيل ودرجاتها الهادئة، وتحولت إلى ألوان مخصصة للهواة. لكن تبدل الأمر مرة أخرى في أواخر ستينيات القرن 19، حين بدأ إدغار ديغا (1834-1917) استخدام درجات ألوان الباستيل في لوحاته، ولم يمضِ وقت طويل قبل أن يبدأ فنانون آخرون في استخدام الوسيط ودرجاته الهادئة بنجاح كبير، مثل غوغان وماتيس ومونيه ورينوار وتولوز لوتريك.

درجات الباستيل

تختلف ارتباطات الألوان من ثقافة لأخرى، لكن نظرا لأن درجات الباستيل أقل تشبعا من الألوان الأساسية، رأى غوته في نظرية الألوان الخاصة به، أن درجات الباستيل أقل تسلطا وعدوانية. يفضل الناس استخدامها عندما يريدون البقاء على الحياد دون التعبير عن أنفسهم بشكل واضح.

ويضيف تلميذه رودلف شتاينر أن الأطفال حتى سن الثالثة يجب أن يحاطوا بأثاث وجدران بدرجات الباستيل للحفاظ على هدوئهم، لأنها ألوان تحافظ على الضوء وترتبط بالربيع الذي يعتبر وقت ولادة وتطور ونمو أغلب الكائنات الحية، لذا يمكن اعتبارها ألوان البدايات الجديدة الهادئة.

درجات الباستيل أقل تشبعا من الألوان الأساسية فهي أقل عدوانية و تسلطا (بيكساباي)

أهم درجات ألوان الباستيل

  • الأخضر الفستقي

سمي اشتقاقا من اللون الأخضر المميز لقلب الفستق، وهو لون مهدئ وحيوي، ويكون أنيقا عند دمجه باللون الأبيض ودرجات الرمادي المختلفة، بالإضافة  للون الوردي الناعم والبنفسجي. ومثل كل درجات اللون الأخضر، يستحضر هذا اللون الأجواء الطبيعية، لذلك يعمل بشكل جيد عند استعماله في النوافذ، ليعطي إحساسا بالاتساع والمساحة، ويمكن استخدامه في دور الحضانة عوضا عن الألوان الوردية ودرجات الأزرق التقليدية.

  • الأصفر الليموني

وهو لون أصفر باهت أقرب للون الليمون، يمكن أن يكون لونا منعشا ومهدئا عند استخدامه باعتدال مع الدرجات المناسبة له، لذلك يجب أن نكون حذرين عند استخدامه، لأنه يميل إلى التمدد وفرض سطوته على الألوان المحيطة به، لكنه عندما يقترن بالألوان المناسبة يكون دافئا ومرحبا.

  • الوردي الفاتح

اللون الوردي هو مزيج من اللونين الأحمر والأبيض، وقد أصبح مشهورا في ديكور المنازل، بالرغم من سمعته السائدة كلون أنثوي بالدرجة الأولى، لكن أصبح الجميع حاليا أكثر جرأة في استخدامه. وهو يستخدم في غرف المعيشة بدرجات مختلفة، بعد أن كان قاصرا لفترات طويلة على غرف النوم، خاصة عند مزجه مع اللون الأبيض الصريح أو الأبيض الباهت قليلا.

غرفة نوم مخصصة للمرأة
اللون الوردي هو مزيج من اللونين الأحمر والأبيض، وقد أصبح مشهورا في ديكور المنازل (الجزيرة)
  • الأزرق الفاتح

ينتمي اللون الأزرق الفاتح إلى عائلة اللون الأزرق، وهو لون متعدد الاستخدامات، ولهذا السبب سوف نجده مستخدما في أماكن متنوعة، مثل المكتبات الرسمية، وقاعات المطالعة، وغرف النوم، وغرف المعيشة، بالإضافة إلى غرف الأطفال، وقد ارتبط أكثر بغرف الذكور.

ويمكن استخدام اللون الأزرق الفاتح مع درجات ألوان الباستيل الأخرى ليخلق جوا من الاسترخاء، خاصة عند استخدامه مع مفروشات وأثاث فاتح اللون، فيضيف شعورا بالراحة إلى المكان. كما يمكن مزج اللون الأزرق الفاتح مع درجات الرمادي، لإضفاء لمسة عملية على المكان، لذلك يفضل استخدامه بهذا الشكل مع مساحات العمل والأماكن التي تحتاج إلى طاقة ونشاط.

  • الأخضر البحري الفاتح

يعتبر هذا اللون مزيجا هادئا من اللون الأخضر والأبيض والأزرق، مثل الهمس الرقيق، وهو طريقة مثالية للانفصال عن العالم الخارجي. يمكن مزج هذا اللون مع الأبيض لإعطاء تأثير البحيرات الهادئة، وهو يبدو جميلا مع الألوان المحايدة مثل البيج والرمادي، كما أنه يعطي لمسة من البريق عند استعماله مع الألوان الساخنة مثل الفوشيا أو البرتقالي. ويمكن استعمال هذا اللون في جدران غرف النوم أو في المفروشات والستائر والشموع أو حتى المصابيح، لإعطاء لمسة حالمة رقيقة.

المصدر : مواقع إلكترونية