أبحاث علمية تحذرك من بعض الطرق الشائعة لشرب القهوة والشاي

استخدم الأكواب التي عليها ما يشير إلى خلوها من مادة بيسفينول "أ" (بيكسابي)

أحدثت الأكواب الورقية ثورة في صناعة القهوة، بعد الانتشار الواسع الذي حققته الموجة الأميركية من ثقافة القهوة عالميا، عندما نقلت القهوة من الفناجين الخزفية التي تُحتسى فيها على مهل وسط أحاديث رواد المقاهي، وألحقتها بالوجبات السريعة المعبأة في أكواب ورقية، لتُشرب على عجل في المكاتب والطرقات، مُعلنة عن العلامة التجارية لصناعها، ومعبّرة عن الهوية الاجتماعية لحاملها.

2.5 مليار من هذه الأكواب الورقية الساخنة تدفئ الأيدي سنويا في المملكة المتحدة وحدها، لتثير الجدل لسنوات حول مدى تأثير استخدامها في تناول القهوة والمشروبات الساخنة على صحة الإنسان، وتتحول بعد ذلك إلى عشرات الآلاف من أطنان النفايات التي يصعب تدويرها.

فإذا كنت تشرب قهوتك ماشيا، فإليك دراسة نشرتها صحيفة ديلي ميل (Dailymail) البريطانية الشهر الفائت، أظهرت أن أكواب القهوة الورقية قد تحتوي على آلاف الجزيئات الكيميائية الضارة التي تتسرب إلى مشروبك، عبر الطبقة البلاستيكية الرقيقة المضادة للماء المُبطنة للكوب.

الأكواب الورقية ليست ورقية

قال الدكتور سودها غويل، المشرف على الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين الأكاديميين في معهد الهند للتكنولوجيا، والتي تُعد الأحدث من حيث تسليط الضوء على المخاطر التي يشكلها استهلاك جزيئات البلاستيك الدقيقة عن غير قصد، إن "ربع الساعة التي يستغرقها تناولنا للقهوة أو الشاي، هي فترة كافية لتحلل الطبقة البلاستيكية المُبطنة للكوب، ليتسرب من خلالها إلى المشروب ومن ثم إلى الجسم حوالي 25 ألفا من الجزيئات الدقيقة، تتضمن معادن مثل الزنك والرصاص والكروم. ليصبح الشخص الذي يشرب قهوته في كوب ورقي 3 مرات يوميا، عُرضة لابتلاع 75 ألف جزيء غير مرئي بالعين المجردة منها".

وأوضح غويل أن "الهدف من هذه الدراسة هو رصد تحلل هذه الطبقة البلاستيكية نتيجة التعرض للماء الساخن عند درجة 85 إلى 90 مئوية، وما يطلقه تحللها من أيونات مثل الفلورايد والكلوريد والكبريتات والنترات في المشروب الموجود في الكوب الورقي"، وذلك بعد أن لاحظ فريق البحث أن "معظم الأكواب ليست ورقية، بل مبطنة بغلاف داخلي من البلاستيك لجعلها مقاومة للماء".

هذا الصباح-دعوات لفرض ضريبة على أكواب القهوة ببريطانيا
معظم الأكواب ليست ورقية بل مبطنة بغلاف داخلي من البلاستيك لجعلها مقاومة للماء (الجزيرة)

مكمن الخطورة في بيسفينول "أ"

السبب الرئيسي للتحذير من تناول القهوة وغيرها من المشروبات الساخنة في الأكواب الورقية المُبطنة بطبقة بلاستيكية، يكمن في المكونات التي تصنع منها هذه الأكواب، وخصوصا مادة بيسفينول (ثنائي الفينول) "أ"، ويرمز لها بالرمز (BPA)، وهي مادة كيمائية تُستخدم في تصنيع الأواني البلاستيكية منذ ستينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من المنتجات التي نتعامل معها يوميا، منها إطارات السيارات والملابس ومنتجات التجميل.

وتتسرب جزيئات هذه المادة للسوائل الساخنة بفعل الحرارة التي تعمل على تسخين الطبقة البلاستيكية الرقيقة المُبطنة للكوب، مُسببة العديد من الأضرار الصحية.

وكان فريق بحثي من جامعة أريزونا قد اكتشف آثارا من هذه المادة الكيميائية الخبيثة في كل عينة من الأنسجة البشرية التي قاموا باختبارها، كالرئة والكلى والطحال والكبد.

وعلق الدكتور فارون كيلكار -وهو أحد أعضاء الفريق- على هذه النتائج لصحيفة الغارديان البريطانية، قائلا "نحن لا نريد أبدا أن نكون مذعورين، ولكن من المقلق أن هذه المواد غير القابلة للتحلل والموجودة في كل مكان، قد تدخل وتتراكم في الأنسجة البشرية، ولا نضمن الآثار الصحية المحتملة لذلك".

أضرار صحية خطيرة

ومع أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) قد أفادت بأن مادة بيسفينول آمنة في حال تسرب القليل منها للغاية إلى الأطعمة والمشروبات، فقد أظهرت بعض الأبحاث أن التعرض لمادة البيسفينول يثير القلق بسبب تأثيراتها المحتملة على صحة المخ وغدة البروستاتا عند الرضع والأطفال، بالإضافة إلى تأثيرها على سلوك الأطفال.

كما يهتم أحد الأبحاث الإضافية بوجود رابط محتمل بين هذه المادة وضغط الدم المرتفع.

وقد تؤثر مادة بيسفينول على الهرمونات وتسبب اضطرابات في تطور ونمو الدماغ، إلى جانب تأثيرها على مستوى الجلوكوز والسكري، بحسب ما نشرته مجلة التكنولوجيا الحيوية المفتوحة (Benthamopen).

كما أظهرت دراسات أخرى أن وجود معدلات عالية من البيسفينول في الجسم يمكن أن يكون خطيرا للغاية على الحوامل والأجنة على السواء، ويمكن أن يؤدي إلى الإصابة بسرطان الثدي.

2.5 مليار من الأكواب الورقية الساخنة تدفئ الأيدي سنويا في المملكة المتحدة وحدها (بيكسابي)

3 خطوات لتقليل المخاطر

إذا كنت تشعر بالقلق من تسرّب مادة بيسفينول "أ" إلى طعامك وشرابك، فإن موقع "مايو كلينك" (Mayoclinic) ينصحك باتخاذ هذه الخطوات لتقليل المخاطر:

1. استخدم الأكواب المثبت عليها ما يشير إلى خلوها من مادة بيسفينول "أ" (BPA). فبعض الشركات الآن تقوم بتصنيع المزيد من المنتجات الخالية منها. وإذا لم يكن على المنتج ما يفيد بذلك بوضوح، فكن على حذر من أن بعض المنتجات البلاستيكية المميزة بالرموز 3 أو 7 الخاصة بإعادة التدوير، قد تكون مُصنّعة من بيسفينول "أ".

2. قلِّل من استخدام العبوات المعدنية والأطعمة المعلبة. واستخدم البدائل، كأوعية الزجاج أو البورسلين أو الفولاذ المقاوم للصدأ (ستانلس ستيل) لوضع الأطعمة والسوائل الساخنة، بدلا من الأوعية البلاستيكية.

2. تجنب الحرارة، فلا تضع المواد البلاستيكية في الميكرويف أو في غسالة الصحون، لأن الحرارة قد تؤدي إلى تكسيرها مع مرور الوقت، وتسمح لمادة بيسفينول "أ" بالتسرب إلى الأطعمة.

المصدر : مواقع إلكترونية