عقاقير التنحيف وزيادة الوزن بالعراق.. وعود كبيرة في حبة صغيرة

يمكن لمستحضرات الكورتيزون وحاصرات بيتا أن تؤدي إلى زيادة الوزن. (النشر مجاني لعملاء وكالة الأنباء الألمانية “dpa”. لا يجوز استخدام الصورة إلا مع النص المذكور وبشرط الإشارة إلى مصدرها.) عدسة: dpa صور: Erich Braunsperger/dpa Credit: Erich Braunsperger / dpa / Erich Braunsperger/dpa
عقاقير تتداول من قبل مشاهير على مواقع التواصل على أنها تؤدي لإنقاص الوزن أو زيادته (الألمانية)

السليمانية – "لدي ضعف مزمن في الأعصاب بسبب المنحف، ولدي كذلك هبوط مستمر في الضغط، ولم أنحف ولا حتى نصف كيلو، أرجو ألا ينخدع أحد ويتناول عقاقير التنحيف لكي لا يخسر صحته".

"بنت عمي توفيت بشكل مفاجئ بسبب احتشاء الأمعاء الناتج عن كثرة أنواع المنحفات التي تناولتها"

" في الصف السادس الإعدادي تناولت مسمّنا، ومنذ ذلك الحين وأنا أعاني من عدة أمراض أبرزها حساسية الدم والجلد".

"أخي تناول مسمّنا، وبسببه حدثت لديه مضاعفات في المعدة، أنفقنا عليه أموالا طائلة ولا زالت حالته الصحية في تدهور مستمر".

"أنا مدرب وأمتلك مركز لياقة، اعتبر كل المنحفات والمسمّنات عبارة عن أكذوبة تجارية، لها تأثيرات ضارة إن لم تظهر عاجلا فستظهر لاحقا".

مجموعة من الردود التي توالت على صاحب صفحة كبيرة ومعروفة بالعراق على موقع إنستغرام، بعد أن توجه إليهم بسؤال عن تجاربهم مع المنحفات والمسمنات، والتي باتت رائجة الفترة الأخيرة بسبب كثرة الإعلانات عنها من قبل العديد من المشاهير على صفحاتهم بمواقع التواصل، والذين يروجون لمنتجات بوصفها الحل الأسرع لمشاكل النحافة والبدانة، وبأنها العصا السحرية التي تحول الأمنيات بالحصول على قوام مثالي، إلى واقع ملموس.

ومؤخرا سُجلت العديد من حالات الوفاة التي ربطت بتناول أصحابها عقاقير التنحيف.

هيلين أحمد توفيت إثر تناولها حبوب تسمين كانت قد ابتاعتها عن طريق الإنترنت (مواقع التواصل)

تؤدي للوفاة

آخر هذه الحوادث كانت لشابة تدعى هيلين أحمد من محافظة دهوك في إقليم كردستان، توفيت إثر تناولها حبوباً للتسمين كانت قد ابتاعتها عن طريق الإنترنت، وقد أصدرت صحة محافظة أربيل لاحقا تحذيرا من تناول العقاقير والأدوية بدون وصفة طبية.

هيلين ذات 19 عاما كانت طالبة بالمرحلة الثالثة في معهد رويال الأهلي بأربيل، وكانت قد بدأت بتناول حبوب معينة حصلت عليها من خلال الإنترنت، وبعد ما يقارب الشهر من تناولها لتلك الحبوب، فارقت الحياة بشكل مفاجئ، وعزا ذووها سبب الوفاة إلى الحبوب المذكورة. وقال الأطباء إن سبب الوفاة تلف في الكبد، وانسداد في الأمعاء مما أدى إلى انفجارها لاحقا.

المتحدث باسم وزارة الصحة في إقليم كردستان، آسو حويزي، أكد في وقت سابق بعد الحادث، أنه لا يصح شراء أي دواء دون الخضوع لوصفة من الطبيب، وأن يكون الدواء حاصلاً على تصريح من الوزارة لتأكيد خضوعه لمعايير السيطرة النوعية.

ماريا آزاد حمّلت بعض مشاهير التواصل جانبا من المسؤولية في الترويج للعقاقير غير الموثوق بها (الجزيرة نت)

مسؤولية من؟

ماريا آزاد، مصممة أزياء وشابة كردية لديها عدة آلاف من المتابعين على إنستغرام، تقول إن مشاهير وسائل التواصل في كردستان عادة لا يقومون بالترويج للمنحفات والمسمنات بالكثرة التي تجدها في صفحات المشاهير المعروفين في باقي المحافظات العراقية، مطالبة بالرقابة على ذلك.

وتضيف للجزيرة نت أن غالبية الأشخاص المعروفين في وسائل التواصل لا يمتلكون حساً عالياً بالمسؤولية، فالمهم لدى كثير منهم هو الحصول على المكاسب المالية التي يتقاضونها مقابل الإعلانات.

وعن رأيها بالحلول الممكنة، تتحدث ماريا عن بعض المقترحات التي تتضمن القيام بحملات منظمة على مواقع التواصل من قبل عامة الناس، لمقاطعة هذه المنتجات، وتبيان ضررها، وتسليط الضوء على المعايير الخاطئة الخاصة بالجمال والتي تدفع بالكثيرين لمحاولة تقليد المشاهير.

أدوية التنحيف

طبيبة التغذية سمر البياتي ‎تقول للجزيرة نت إن أدوية التنحيف بشكل عام تحفز الشعور بالامتلاء والشبع، لكنها في ذات الوقت تحوي بعض المواد الداخلة في تركيبها والتي يمكن تصنيفها بأنها ضارة وذات تأثير سلبي بعيد أو قصير المدى وفقا لنوع المواد المستخدمة.

وتضيف أن أغلب هذه العقاقير غير مرخصة من قبل منظمة الصحة العالمية وإدارة الغذاء والدواء الأميركية، ووفقاً للعديد من الدراسات والفحوص السريرية فإنها تؤثر على الكليتين والمعدة والجهاز العصبي ويتسبب بعضها بالإصابة بالتوتر والعصبية، كما تؤثر على وظائف المبايض لدى الإناث.

وتقول أيضا "لا يمكن تناول أي مادة مهما كان نوعها بدون استشارة طبيب مختص، وما يقوم به المشاهير من ترويج لبعض المواد جريمة لأنه ترويج قائم على أساس مادي".

وختمت البياتي حديثها بضرورة سن قوانين تلزم بوقف مثل هذه الممارسات ومنعها تماماً، فالشخص العادي قد ينجر المشاهير ويصدق المحتوى المقدم من قبله، ويغفل عن الدافع الذي دعا للترويج لهذه المادة من الأساس.

الكبد خارج جسم هذه المريضة التي كانت تستخدم عقاقير التنحيف (مواقع التواصل)

ضحية أخرى

(س.م) شابة جامعية، أم لطفل، تعرضت عام ٢٠١٧ لمرض غامض دعا والديها للسفر بها للخارج من أجل العلاج وصرف مبالغ طائلة للوقوف على حالتها الصحية.

والدتها أوضحت للجزيرة نت أن ابنتها كانت تعاني من البدانة، وكانت تسعى للتقليل من وزنها بشتى الطرق، وأنها وبدون علم العائلة كانت تتناول أدوية لتقليل الوزن، وبكميات كبيرة ونوعيات مختلفة، حتى بدأت صحتها بالتراجع.

وتضيف "بعد أن اضطررنا للسفر خارج العراق وإنفاق كل ما لدينا من أموال لدرجة اضطررنا لرهن منزلنا من أجل انقاذ ابنتنا الوحيدة، تبين أنها تعاني من انسداد في الأوعية والشرايين الناقلة للدم، وتضخم في الكبد لدرجة ظهوره خارج الجسم نتيجة مواد غير معلومة المصدر موجودة بالجسم، وأن عليها القيام بعملية عاجلة".

وتكمل السيدة (ف.ج) للجزيرة نت "بعد قرابة السنة من السفر المستمر والجهد والقلق وصرف الأموال، تمكننا من إنقاذ حياة ابنتي الوحيدة. رغم أنها ما زالت إلى يومنا هذا تعاني من بعض الآثار الجانبية المؤذية. ولو عاد بي الزمن لكنت تصديت بكل ما لدي لأمنعها من تناول هذه العقاقير تحت أي مسمى ولأي غرض كان، فقد كادت تودي بحياتها وتقضي على أسرتي الصغيرة الى الأبد".

وتختتم بالقول" قد تكون هنالك مواد سواء منحفات أو مسمنات مصرح بها طبياً وآمنة، لكنني لا أشجع مطلقاً الا الطرق التقليدية للحصول على القوام المناسب، كالالتزام بحمية صحية وتغذية مناسبة، مع ممارسة الرياضة بدل اللجوء لخيارات قد تفسد الصحة، وتقضي على الحياة أيضاً".

"الأكل اليقظ".. عادة صحية تقلل الوزن
الأكل الصحي والحياة السليمة كفيلة بأن تكسبك قواما مقبولا (غيتي)

الدراسات

تؤكد العديد من الدراسات أنه حتى الأدوية المصرح بها لتخفيف الوزن أو زيادته، قد تكون فعّالة في البداية، لكنّها تتسبب لاحقاً بثبات الوزن وتقلّ فعاليتها بعد فترة من الاستخدام.

وينصح أطباء التغذية عموما، من أجل الحصول على قوام صحي ومثالي، بالحرص على اتباع نمط تغذية صحي، شرب المياه بوفرة، مداومة ممارسة التمارين الرياضية، مع المشي المستمر، اتباع عادات صحية تتحول تدريجياً لروتين حياة.

المصدر : الجزيرة