الأكل اليقظ.. تحكم في عاداتك الغذائية ورغباتك المخادعة لتناول الطعام

التنفيس الانفعالي في الطعام..يقودك إلى الجنون
تجربة الأكل اليقظ تساعد على استخدام الوعي للوصول إلى حالة من الاهتمام بتجربة الطعام بشكل كامل (غيتي)

بعد أن احتجزنا فيروس كورونا في المنزل لشهور، وتوقفت الأنشطة الرياضية، وأُغلقت النوادي وصالات الرياضة، واجهت مشكلة الوزن الزائد العديد من الناس، وظهرت حاجة عامة لاكتشاف طرق جديدة ومبتكرة لفقدان الوزن، دون أن تسوء الحالة النفسية، المتأثرة بالفعل بكل أحداث العام الجاري.

يعد أسلوب الأكل اليقظ، أحد الأساليب التي تساعد على التحكم في العادات الغذائية، كما يعزز فقدان الوزن، ويقلل من الإفراط في تناول الطعام، ويساعد على الشعور بالتحسن، ويقوم هذا الأسلوب على التأمل والتعرف على ماهية العواطف التي تدفع الإنسان لتناول الطعام، والطريقة السليمة للتعامل معها، كما يُستخدم لعلاج اضطرابات الأكل والاكتئاب والقلق، والسلوكيات الخاطئة المتعلقة بالغذاء.

تقوم تجربة الأكل اليقظ على استخدام الوعي للوصول إلى حالة من الاهتمام بتجربة الطعام بشكل كامل، ومتابعة الإشارات الجسدية أثناء تناول الطعام، بالإضافة إلى التمييز بين محفزات الجوع الحقيقي والجوع الوهمي أو الرغبة المخادعة في تناول الطعام، عن طريق إشراك الحواس كاملة في عملية الأكل، بمراقبة الروائح والأصوات والقوام والنكهات.

وتركز التجربة أيضا على التعامل مع مشاعر الشعور بالذنب والقلق بشأن الطعام، وملاحظة تأثير كل نوع على المشاعر والأفكار، لتتحول الأفكار وردود الفعل التقليدية أو غير المدركة نحو الطعام إلى ردود فعل أكثر وعيا وصحة.

يساعد الأكل اليقظ على التأمل والتعرف على ماهية العواطف التي تدفع الإنسان لتناول الطعام (غيتي إيميجز)

الأكل ببطء في عالم لا يتوقف عن الجري

تعد السرعة أحد السمات المميزة للعالم المعاصر، لم يعد هناك شيء بطيء، كما أدت عوامل التشتيت المختلفة مثل التلفزيون، والكمبيوتر والهواتف الذكية، إلى تحويل الانتباه بعيدا عن الطعام، حتى أثناء تناوله، فقد أصبح الأكل فعلا نقوم به دون تركيز، فقط لسد الحاجة إلى الطعام، وتخلت العديد من الأسر عن العادات القديمة في تناول الطعام.

يحتاج العقل إلى 20 دقيقة للشعور بالشبع، وعندما يأكل الشخص بسرعة، لا يصل العقل إلى إشارات الامتلاء، حتى يكون قد أكل أكثر مما يحتاج.
لكن من خلال تناول الطعام بوعي وبطء، يستعيد الشخص انتباهه، ويتحول تناول الطعام إلى فعل متعمد يدركه العقل، بدلا من كونه فعلا تلقائيا يحدث دون مراقبة.

الأكل اليقظ وفقدان الوزن

يتضمن الهضم سلسلة معقدة من الإشارات الهرمونية بين القناة الهضمية، والجهاز العصبي، وتناول الطعام بشكل سريع قد يبطئ، أو يوقف عملية الهضم، ويجعلنا نتناول أكثر من احتياجاتنا، لذلك تعد تلك الطريقة أداة قوية لاستعادة السيطرة على طريقتنا في تناول الطعام، وهي تساعد بشكل كبير الأشخاص الذين لم تنجح معهم الطرق التقليدية لفقدان الوزن، كما أنها تجعلنا نحصل على متعة أكبر من الطريقة العادية لتناول الطعام، إذ تتحول تلك اللحظات إلى احتفال شخصي صغير؛ لكنه بسيط، مجرد الشعور والانتباه لما نأكله.

يوصف فقدان الوزن دائما بأنه مسألة إرادة، إذا تمكنت من ترسيخ الانضباط الذاتي لتقليل تناول الطعام سنفقد الوزن بالفعل؛ لكن الأنظمة الغذائية التقليدية لا توفر أدوات أو طرقا للتعامل مع الرغبة الشديدة في تناول الطعام أو إدارة الحالة المزاجية، التي تدفعنا لتناول الطعام عندما لا نكون جائعين، بدلا من محاولات كبت تلك الرغبة، تشجع طريقة الأكل اليقظ على استكشافها وتفكيكها.

إذا تمكنت من ترسيخ الانضباط الذاتي لتقليل تناول الطعام سنفقد الوزن بالفعل (غيتي)

وتقوم تلك التجربة على عدة تساؤلات وأفكار يجب أن نكون على دراية بها منذ بداية تحضير الطعام:
– قبول الجسم دون تعزيز الشعور بالذنب بسبب السمنة، والتركيز على اللحظة الحالية، مع تجاهل كل الأفكار المسبقة عن الطعام.

– اتخاذ قرار واع لتناول الطعام، بمعنى أن يسأل الشخص نفسه: هل أنا جائع بالفعل، أم أتناول الطعام بدوافع مثل العادة أو الملل أو لأسباب عاطفية ونفسية؟

– ضبط الساعة وتناول الوجبة في 20 دقيقة أو أكثر، حتى تصل إشارات الشبع إلى العقل.

– تجنب الملهيات أثناء تناول الطعام، فيفضل البعد عن الهواتف والتلفزيون، وأماكن العمل، حتى تأخذ عملية تناول الطعام الانتباه الكامل.

– التنفس بشكل واع وعميق أثناء تناول الطعام، يساعد على تنظيم مسارات الهواء والطعام في الجهازين التنفسي والهضمي.

– التفكير في تاريخ الوجبة التي نأكلها، ماذا كانت في البداية، وكيف تطورت، والطريق الذي سلكته لتكون بين أيدينا، سواء كانت وجبة نباتية أو حيوانية.

– تناول الطعام بملاعق أو قضمات صغيرة، يجعلنا نشعر بالشبع في وقت أسرع.

يدور الأكل اليقظ في النهاية حول الثقة بأجسادنا، وإعادة الاتصال بإشارتنا الداخلية، وحكمتنا، واحترام أجسادنا، ومعرفة ما تحتاجه، دون أي تأثيرات خارجية، لنمنح أنفسنا وأجسادنا الثقة من جديد.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية