الاقتصاد الروسي يدخل معركة الإجراءات المضادة للعقوبات الغربية

مجلس الدوما (البرلمان) يعكف حاليًا على تثبيت أسعار المواد الغذائية الأساسية بالنسبة للسكان، وهو الشيء الأهم في الظرف الراهن

موسكو- ضمن مساعيها للتصدي لحرب العقوبات القاسية، بدأت روسيا معركة الإجراءات الاقتصادية المضادة، في محاولة للتقليل من نتائج العقوبات الغربية، التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا من قبل.

وفي هذا السياق، وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانونًا تضمن حزمة إجراءات اجتماعية واقتصادية لدعم المواطنين، وكذلك الشركات الخاضعة للعقوبات.

وبحسب الوثيقة، ستكون الحكومة قادرة على إجراء فهرسة إضافية لمعاشات التأمين للمتقاعدين، وكذلك الدفع الثابت للمعاشات خلال هذا العام، إضافة إلى تحديد الحد الأدنى للكفاف في البلاد وحساب الحد الأدنى للأجور.

وتضمنت الإجراءات:

  • فرض حظر على عمليات التفتيش المجدولة على الشركات الصغيرة والمتوسطة في العام الجاري، وحتى نهاية عام 2024 على المؤسسات العاملة في صناعة تكنولوجيا المعلومات.
  • كما نص القانون الجديد على إلغاء دفع ضريبة القيمة المضافة للمواطنين عند شراء سبائك المعادن النفيسة في البنوك.

علاوة على ذلك، وُضعت أحكام قانونية منفصلة لجهة توسيع نطاق صلاحيات الحكومة الروسية، ومن بينها حق إعطاء الشركات المختلفة الإذن للقيام بأنشطتها دون الحاجة إلى تمديد التراخيص.

كما تم منح مجلس الوزراء سلطة تبسيط عمليات المشتريات العامة بشكل مستقل، وزيادة استحقاقات المعاشات التقاعدية بشكل عاجل.

تضخم تاريخي

يأتي ذلك في الوقت الذي تسارع فيه التضخم في روسيا على أساس سنوي اعتبارًا من 4 مارس/آذار الجاري، وبلغ 10.42% مقابل 9.05% في الأسبوع السابق، وذلك وفقًا لتقرير وزارة التنمية الاقتصادية حول الوضع الحالي للأسعار.

من جانبها، أصدرت الوكالة الاتحادية تقريرا خاصا في الشهر الجاري ذكرت فيه أنه في الفترة من 19 إلى 25 فبراير/شباط الماضي، بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلك 100.45%، وهو الأعلى منذ أزمة 1994، والتي وصفت بأغسطس الأسود.

تركيز على الفقراء

أوضح ألكسي زوبيتس، مدير معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية بالجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية، أن الإجراءات التي أعلنها الرئيس بوتين ركزت على الشرائح الفقيرة من المجتمع، ولا سيما دعم معاشات التقاعد للمتقاعدين الفقراء، وضمان حياة كريمة لهم في ظروف العقوبات.

ولفت في حديث للجزيرة نت، إلى أن مجلس الدوما (البرلمان) يعكف حاليًا على تثبيت أسعار المواد الغذائية الأساسية بالنسبة للسكان، وهو الشيء الأهم في الظرف الراهن.

وحول نطاق الإجراءات الجديدة، أشار ألكسي زوبيتس إلى أنها لا تشمل جميع القطاعات، لأنه من الصعب ضمها مباشرة في حزمة واحدة، داعيًا للأخذ بعين الاعتبار، أن الإجراءات التي أعلنها الرئيس لم تتضمن كل ما يجب اتخاذه.

وبرأيه، فإنه يجب مواصلة العمل والاستعداد لأي تطورات مفاجئة على صعيد العقوبات، والمشاكل التي يمكن أن تنجم عنها، من خلال توفير الوسائل اللازمة لمواجهة العقوبات، بما فيها منع تصدير المواد الإستراتيجية للدول التي شاركت في العقوبات.

وشدد زوبيتس على أن المهم الآن ليس فقط قانون مساعدة الفقراء، بقدر ما هو المبالغ والأموال الحقيقية التي يجب أن ترصد من أجل ذلك، نظرًا لإمكانية بروز عراقيل فنية أو بيروقراطية تعطل عملية مساعدة الفقراء التي تضمنتها الإجراءات الرئاسية.

أزمة أم كارثة

وردا على سؤال للجزيرة نت، نفى زوبيتس وجود مزاج معارض حاليًا في البلاد، كون الأزمة الاقتصادية لم تصل إلى حدود الكارثة، فضلا عن أن مستوى معيشة المواطنين ما زال متماسكًا، لكن ذلك لا يعني تراكم الأزمة الناجمة عن العقوبات، والتي يحتاج حلها إلى شهور عديدة حسب توقعات أكثر المتفائلين.

ودعا إلى وجوب أن تقدم الحكومة "امتحانًا" شهريا بمادة دعم الفقراء، حسب تعبيره، تثبت من خلاله قدرتها على تحصين مناعة النظام الاجتماعي والاقتصادي.

المصدر : الجزيرة