موجة تضخم جديدة.. رسائل طمأنة وتوقعات إيجابية في منتدى قطر الاقتصادي

محافظ مصرف قطر المركزي (وسط): التعافي السريع بعد الجائحة يقلل آثار التضخم ومداه (الجزيرة)

الدوحة– إزاء التوقعات بموجة تضخم عالمية قد تقود إلى أزمة مالية جديدة، بثّ مسؤولون قطريون رسائل طمأنة حول الوضع الاستثماري في دولة قطر واستقرار جهازها المصرفي.

وأجمع الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار منصور إبراهيم آل محمود ومحافظ مصرف قطر المركزي الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني على أن موجة التضخم ستكون مؤقتة ولن تطول.

وجاءت هذه التقديرات ضمن فعاليات اليوم الثالث لمنتدى قطر الاقتصادي بالتعاون مع شبكة بلومبيرغ (Bloomberg) المنعقد عن بُعد، حيث استعرض المسؤولان القطريان -في مداخلتين منفصلتين- إستراتيجية قطر في الاستثمار وفي تقوية نظامها المالي بمواجهة التحديات الجديدة التي فرضها وباء كورونا على العالم.

رئيس جهاز قطر للاستثمار: فلسفتنا تقوم على الاستثمار بعيد المدى وعلى تنويع الاستثمارات (الجزيرة)

الوباء والاستثمار

ورغم تأثيرات الجائحة على الاستثمارات العالمية، أكد رئيس جهاز قطر للاستثمار أن فلسفة مؤسسته لم تتغير، وتقوم على 3 ركائز: الاستثمار على المدى البعيد، والاستثمار بأهداف واضحة، ثم تنويع الاستثمارات.

وقال آل محمود إن جهاز قطر للاستثمار يقوم بدراسة دائمة وتحليل مستمر للتغيّرات التي يشهدها السوق بعد الجائحة، ومعرفة التوجهات الاقتصادية المستقبلية بغرض الاستثمار في الفرص الواعدة، مضيفا أنه "على سبيل المثال، استثمرنا بشكل كبير في قطاع التكنولوجيا وميدان التعليم عن بعد".

وحسب آل محمود، فإنه لا يجب النظر لأي قطاع بشموليته للحكم على أدائه، وإنما يجب أن يبنى التحليل المالي والاستثماري على قراءة محددة لفرع من هذه الفروع.

وضرب مثلا بالاستثمار في قطاع العقارات، وقال "خلال الوباء وبعده هناك ميادين تعرف تطورا كبيرا مثل المخازن من أجل التجارة الإلكترونية ومراكز البيانات التي تُعتبر من القطاعات الواعدة".

وقدّم المسؤول القطري نموذجا على تنوّع المحفظة الاستثمارية لدولة قطر، التي استثمرت خلال العامين الأخيرين بشكل جيد في قطاع التكنولوجيا والقطاع الصحي أكثر من أي وقت مضى، بغرض تنويع محفظتها، وأيضا للاستفادة من الفرص التي يقدمها السوق. وقال إن "قطاع الاستثمار يؤمن بالتنوع والحفاظ على التوازن، وكلما كانت هناك فرص جيدة سنستثمر فيها".

وعبّر المسؤول الاقتصادي القطري عن رضاه بنتائج الاستثمارات في كل من آسيا وأميركا، وقال إنها "تسير بشكل جيد ومذهل"، وليس لديه أي قلق حيال تهديدات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لاعتقاده أن البلدين قادران على التوصل لاتفاق "رغم أن المفاوضات بينهما طالت أكثر من اللازم".

ولا يرى الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار أي خطر من موجة تضخم عالمية جديدة، متوقعا أن "التضخم سيحصل على المدى القصير، لكنه لا يدعو إلى القلق وسيكون مؤقتا"، وقدّر ألا تشكل هذه الإشكالية خطرا على الاقتصاد القطري ولا على جهازه الاستثماري.

مؤشرات إيجابية

ويتفق محافظ مصرف قطر المركزي الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني مع رئيس جهاز الاستثمار في أن موجة التضخم لن تكون طويلة المدى أو مؤثرة بشكل كبير على الاقتصاد العالمي.

وعزا آل ثاني ذلك إلى التعافي السريع بعد الجائحة بفضل عمليات التلقيح وارتفاع الإنفاق العمومي وزيادة الطلب العالمي، وقال إن "كل هذا قد يؤدي إلى تضخم مؤقت لكنه ليس على المدى البعيد".

إلا أنه في المقابل نبّه إلى وضع "مثير للقلق" في ما يتعلق بانخفاض نسبة الفائدة خلال العقد الماضي، وقال إن هذا قد يدفع للاستثمار في ميادين عالية المخاطر بلا محاذير أو احتياطات بسبب معدلات الفائدة المتدنية.

ونفى الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني أن يكون لدى بلاده أية نية في إحداث تغييرات بنظامها المالي، خاصة مع حالة التعافي الاقتصادي ونمو الناتج الداخلي الخام، الذي توقع أن يسجل أرقاما إيجابية هذه السنة.

وقال آل ثاني "كنا نتوقع أن يصل سعر البرميل إلى 40 دولارا إلا أنه سجل 46 دولارا، ونتمنى أن يستقر على ذلك حتى نهاية السنة".

وحسب محافظ مصرف قطر المركزي، فإن نظام سعر الصرف الثابت يشكل قيمة مضافة لاقتصاد قطر ونظامها المالي، ويبعده عن الكثير من المخاطر، ويجعله أكثر قدرة على التعامل مع الهزات المفاجئة، كما حدث خلال الوباء.

أما عن العملات الرقمية والمشفرة، فقال آل ثاني إن مصرف قطر المركزي لديه إستراتيجية واضحة في التعامل مع هذه العملات، مضيفا أن "هذا الموضوع لا يزال بحاجة للكثير من العمل ووضع إطار تشريعي خاص به، ونحن في المصرف المركزي مهمتنا هي سلامة وأمن أنظمة الأداء التي يجب أن تكون قوية وشفافة وواضحة للمستثمرين".

خبراء اقتصاد عالميون يناقشون أوضاع الاستثمار خلال كورونا وبعد التعافي منه (الجزيرة)

تنقل الاهتمامات الاستثمارية

وفي كلمة له خلال مشاركته بمنتدى قطر، أقرّ الرئيس التنفيذي لمؤسسة "بلاك ستون" للاستثمارات ستفين شوارزمان بتأثير جائحة كورونا -وبشكل كبير- على الاستثمارات وتوجهاتها وانعكاسها على الاهتمام الاستثماري من قطاع الفنادق إلى التكنولوجيا والصحة.

وقال شوارزمان إن جميع القطاعات الاقتصادية واجهت تحديات كبيرة، "ومن استطاع التأقلم بسرعة مع الوضع الجديد هو الذي سيخرج بسرعة من هذه الأزمة". منوها إلى توجهات مؤسسته الجديدة بالاستثمار الكبير في قطاع التكنولوجيا والبحث والطاقات النظيفة، "لأنها قطاعات المستقبل".

ولا يخفي شوارزمان حذره وتخوفه من الإنفاق العمومي غير المسبوق في الولايات المتحدة. وقال "صحيح أنه يحقق نسبة نمو معقولة، لكنه أيضا سيؤدي إلى نسبة تضخم قد تصل إلى 8%"، ثم عاد وطمأن بأن التضخم رغم أنه سيكون الأعلى منذ عقود فإنه "لن يطول كثيرا لأن التطورات في السوق العالمية متسارعة بدرجة لا يمكن استيعابها".

المصدر : الجزيرة