شعار قسم مدونات

"حصحص الحق"

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، الأربعاء، عثور الطواقم الطبية على مقبرة جماعية ثالثة داخل مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، انتشلت منها 49 جثمانا وقال المكتب، في بيان وصل الأناضول نسخة منه: "الطواقم الطبية تتمكن من العثور على مقبرة جماعية ثالثة داخل مجمع الشفاء الطبي انتشلت منها 49 شهيدا حتى الآن، ومازالت عملية الانتشال مستمرة". وأضاف: "لم تنتهِ الطواقم الحكومية من عمليات الانتشال، ونتوقع العثور على عشرات الجثامين الجديدة" ومطلع أبريل/نيسان الماضي، انسحب الجيش الإسرائيلي من مجمع الشفاء، بعد عملية عسكرية استمرت أسبوعين، مخلفا دمارا هائلا وعددا كبيرا من الجثث. وسبق أن اقتحم الجيش مجمع الشفاء في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، بعد حصاره لمدة أسبوع، ودمر آنذاك ساحاته وأجزاءً من مبانيه ومعدات طبية ومولد الكهرباء وحسب المكتب الإعلامي الأربعاء، "ارتفع عدد المقابر الجماعية التي تم العثور عليها داخل مستشفيات قطاع غزة (منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023) إلى 7 مقابر جماعية". Cameraman :Filistin Medya Ajansı Al Rai Publisher:Enes Arslan Details 08.05.2024 17:26Palestinian Territory - Gaza 4Package: GeneralCategory:General Tags :إسرائيل, الجيش الإسرائيلي, الحرب على غزة, الشفاء, جريمة حرب, شهداء, مجمع الشفاء الطبي, مقبرة جماعية
الطواقم الطبية بمجمع الشفاء الطبي في غزة تتمكن من العثور على مقبرة جماعية انتشلت منها 49 شهيدا (وكالة الأناضول)

مرت أكثر من 200 يوم على الحرب التي شنها العالم الإمبريالي على غزة، تلك الحرب التي شاركت فيها أنظمة عظمى بالعدة والعتاد وأنظمة تصنف في مهاجع "المحظيات" اللواتي تقاد بشهوتها السياسية فتتمايل لكسب المال والجاه والتمكن من اللاممكن، أو تلك الأنظمة التي دفنت رأسها في وحل التحالفات الخفية فظل وجهها مسودا، أو تلك التي غطت وجهها دون أن تواري جسدها الذي كان مهبط يستقطب ذباب النفايات السياسية.

هذه الحرب التي أريد منها تغيير مجريات يحسبها الظمآن أو الحالم إلى سيطرة ممتدة من النيل إلى الفرات ومن المحيط إلى الخليج ماء يستساغ شرابه وأنها ستتم في غمضة عين بحكم امتلاكه للممكنات التي تجعل دخوله سهلا، إلا أن ما حدث لم يكن في حسبان المشردين في الأرض الذين عملوا على قتل وطمس الحقيقة عقودا طويلة عندما كان العالم بأسره ينام على ما يقوله الشيطان الأكبر، فترفعه من بعده "المحظيات" وتتغنى به.

مارست حكومة الاحتلال عمليات القمع ضد الشهود الذين يشكلون النخبة من أكاديميين ومفكرين وطلبة جامعات من أجل إنهاء هذا الفصل من رواياتهم التي تدين حماس وحركات المقاومة الأخرى، وتبرأ دولة نتنياهو باعتبار ما تقوم به دفاعا عن النفس

لم تستطع "امرأة العزيز" قتل الحقيقة التي حركتها رغباتها الجسدية المدفونة، ولكنها استطاعت أن تدفع بسيدنا يوسف إلى السجن مواراة للفضيحة فذاع صيتها في المدينة بأنها تراود فتاها عن نفسه، وهذا ما ينطبق في كثير من تجليات الأحداث على إسرائيل التي أطلقت العنان لرغبتها الدموية في طمس هوية الشعب الفلسطيني وحقوقه من خلال القضاء على مقاومات التحرير وتشتيت سكان مدن فلسطين وتاريخهم وأحقيتهم في أرضهم وسمائهم ومائهم، وإصدار حكم الإبادة على كل من يقاوم تلك النزعة السادية لديها ويقف أمامها بمبدأ الحق، على الرغم من أن "العزيز/ الدول العظمى" شمخت ووقفت دعما وتأييدا لكل التصرفات التي تقوم بها تجاه الشعب الفلسطيني، بل أنها رفعت في كل مرة حق النقض "الفيتو" في وجه المجتمع الدولي لإصدار قرار يدين أعمال الإبادة والتهجير القسري، كما تعمدت على قتل الحقيقة التي أيقظت العالم من سبات عميق بعد جرعات من أفيون الإعلام الغربي ووسائله الموجهة بشكل سافر ومعلن.

لم يبتعد الشاهد عن مسرح جريمة التلفيق والتضليل الذي مارسته امرأة العزيز بل كان من أهلها لتكون شهادته أكثر تصديقا، فسرعان ما وضع معيار "قد القميص من قبل أم من دبر" لتقديم الدليل والبرهان على الإدانة أو التبرئة مما نسب إلى يوسف، العملية ذاتها التي تعمد إليها إسرائيل في التضليل واستغلال الدول الداعمة في التستر على جرائمها.

فشهادة الشهود الذين هم من أهلها على ما تقوم به من مجازر تجاه العزل تجاوز سقف الإدانة عبر الانكشاف الواضح على التاريخ الدموي ونزعة السيطرة المدعومة من قبل ساسة وأنظمة ونخب وتجار كان ولا يزال يتحكم فيهم "اللوبي الصهيوني" أيدولوجيا واقتصاديا وسياسيا، في عالم مليء بالأكاذيب وتغيير مقاسات الحقيقة بحسب الجسد الذي تريده إسرائيل، ويرفع من مكانتها تجاه مناصريها الذين أغلقوا أذانهم عقودا طويلة عما يحدث من اجتياح للبشر والشجر، إلا أن الشهود هذه المرة تغيروا مع تحرر الأجيال من رباق كثيرة لفت حول أعناقهم ففهموا الواقع على ما هو عليه من وجهة نظر الضحية وليس كما يريدها الجلاد.

إن الشاهد اليوم قلب الموازيين وحرر الحقيقة من الانعتاق المتسلط والمملوك بسلطة المال في العالم فخرج من بطن الشر وعلى مستوى الجامعات المرموقة والعريقة حيث تشكل هذا الشاهد في عقر دار الداعم والحاضن الأكبر "أميركا"، الخاضعة تحت سيطرت وتوجيهات عائلات روتشيلد وروكفلر ومورغان وباروخ ومردوخ وبريتزكر بأهراماتها السلطوية التي بنت الدولة العبرية، وغطت على جرائمها تمويلا وتحريفا وأبدعت في تشكيل الدمى ووضعها في مراكز صنع القرار لتبقى هي خلف الستار.

حصحص الحق منذ بزوغ طوفان الأقصى، وتأسست حركات أحرار العالم التي نسفت كل ما يمت بصلة إلى "الحريات" التي ادعى الغرب بأنهم راعتها والمدافعين عنها محتضنين الكثير ممن لفظتهم أوطانهم، باعتبارهم نباتات سامة باعت ذممها علها تعود إلى رشدها بعدما تجلت الحقيقة بكل فصولها

لذلك مارست الحكومة عمليات القمع ضد الشهود الذين يشكلون النخبة من أكاديميين ومفكرين وطلبة جامعات من أجل إنهاء هذا الفصل من رواياتهم التي تدين حماس وحركات المقاومة الأخرى، وتبرأ دولة نتنياهو باعتبار ما تقوم به دفاعا عن النفس، وبالتالي فإن هذا الشاهد لا يخضع لأدلجة القناعات التي تحاول أن تفرض تعزيز "سجن" غزة بالكامل، حتى بعد حين مع وجود الآيات والأدلة الدامغة التي تدين كافة الأعمال الممنهجة وغير الإنسانية.

لقد حصحص الحق منذ بزوغ طوفان الأقصى، وتأسست حركات أحرار العالم التي نسفت كل ما يمت بصلة إلى "الحريات" التي ادعى الغرب بأنهم راعتها والمدافعين عنها محتضنين الكثير ممن لفظتهم أوطانهم، باعتبارهم نباتات سامة باعت ذممها علها تعود إلى رشدها بعدما تجلت الحقيقة بكل فصولها، لذلك ومع تلك الوقفات التي غيرت المسارات والمخططات التي طمح المتحالفون تنفيذها، فإن ما نعول إليه انعاش الحراك العربي / الإسلامي حتى ولو من ما باب التقليد الذي عشنا عليه دهور طويله، لأن ما فعلته إسرائيل في رمقها الأخير في غزة وما تفعله في رفح حاليا من اجتياح يعد خطأ استراتيجي وسياسي جسيم، على الرغم من أن حركة حماس وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار ملقية كرة اللهب في ساحة العنجهية الصهيونية، ومع أننا لا نثق بكل الاتفاقات معهم لأنهم ناقضي للعهود، إلا أن ما تفرضه السياسة في كثير من الأحايين يحتاج إلى صبر ومهارة في فهم ما بين السطور.

بعدما حصحص الحق واعترفت امرأة العزيز بأنها هي من راودته عن نفسه، إلا أنها شددت على رغبتها إما أن يفعل أو يسجن، فكان السجن خير مكان لسيدنا يوسف، وهذا ما كان لأهل غزة فالسجن الذي أطبق عليهم وزاد من وطأته اجتياح رفح هو الأفضل لهم لأنهم لا يمكن أن يذلوا رقابهم لعدو ناكث للعهود وعالم متواطئ لتلك الإبادات، وإخوان وجيران أجمعوا أن يجعلوا غزة في غيابت الجب وتقويض حركات المقاومة نظير وعود لا محل لها من التنفيذ، فكانوا ندا غير مجريات الحقيقة التي انطلى نقيضها على العالم أجمع، لذلك دفع الحراك "الجامعي" في أميركا وأوروبا الحكومات إلى استنفار أمني كبير وممارسات تجاه المتظاهرين توحي بأن السحر سينقلب على الساحر آجلا أم عاجلا.

صوت غزة بلغ عنان السماء وارتد إلى الأرض قاطبة وبه ستخرج من السجن كما خرج يوسف ليرعى مصالح الناس، وستكون الصوت الذي يهز العالم ويعيد هوية الإسلام وسترعى كذلك حقوق الناس، لأن الحق حصص وبان.

الحقيقة أصبحت واحدة من الضحايا التي بدأت فصول تحررها تشرق ولو على خجل من خلال منظومات إعلامية كرست جهودها لكسر الاحتكار المعلوماتي والمبني على التضليل والكذب السافر وتشويه الحقائق والتلاعب بها من خلال تواجدها في كل بقعة من العالم ممارسة حيادها التام في نقل الواقع الذي أغضب الحكومة الإسرائيلية وطفقت تخصف على سواءاتها بالإغلاق والمصادرة والقتل واستهداف الصحفيين، كان أحدها وليس آخرها إغلاق مكتب الجزيرة في تل أبيب، وذلك بعدما شكلت الجزيرة بطواقمها المصداقية الأكثر عمقاً حتى وصلت إلى عظم الحقيقة بكشل مهني.

قمع حرية التعبير وتقييد نقل الحقيقة يتمثل بشكل جلي في إغلاق مكتب قناة الجزيرة في تل أبيب وقمع التظاهرات الطلابية في الجامعات الأميركية والأوروبية وهما الحدثان اللذان يسيران جنب إلى جنب في أن يكون للحق صوت وصدى في إنحاء العالم، فانتشار المعلومة وتداول الأخبار الآنية جعل الجزيرة على قمة جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية التي سارعت إلى الإغلاق ومصادرة كل شيء ناقل للواقع، فيما مثل قمع التظاهرات الطلابية استخدام السلطات لتقييد حق الطلاب في التعبير عن آرائهم واحتجاجهم على الأحداث السياسية والانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان.

صوت غزة بلغ عنان السماء وارتد إلى الأرض قاطبة وبه ستخرج من السجن كما خرج يوسف ليرعى مصالح الناس، وستكون الصوت الذي يهز العالم ويعيد هوية الإسلام وسترعى كذلك حقوق الناس، لأن الحق حصص وبان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.