شعار قسم مدونات

الحرب سرقت أحلامنا

blogs اليمن

دعونا ولو لمرة واحدة نتحدث عن الحرب، عن الظلم، عن لعنة الساسة، دعونا نسمي كل أطراف النزاع بمسمياتها، ولنكن أكثر حيادًا وأكثر مصداقية، أكثر قربًا من الشارع، أكثر قربًا من المواطن ومن ضحايا الحرب. الحديث عن الحرب في اليمن أصبح حديثًا لا جدوى منه، لقد أصبحت المسألة أكثر تعقيدًا، خمسة أعوام من الحرب، منذُ سقوط صنعاء بيد الحوثيين "جماعة أنصار الله" وحتى بداية التدخل السعودي في اليمن، إلى تفاقم الحالة الإنسانية وزيادة حدة الصراع بين أوساط المجتمع.

 

في 26 مارس 2015 بدأ التدخل العسكري بطلب من عبدربه منصور هادي الرئيس المعترف به دوليًا، وتحت ذريعة مقاومة الانقلاب والفكر الحوثي المدعوم أيرانيًا بدأت سرقة أحلام المواطن اليمني، انقضت أربعة أعوام منذ بدء التدخل وخمسة أعوام منذ بدء الحرب، دونما أي انتصار لأحد من الطرفين.

 

الحرب لم تبدأ منذ بدء التدخل العربي السعودي، بل بدأت منذُ التحركات الأولى لجماعة الحوثي، منذُ حرب دماج ومن ثم حرب عمران وسقوط صنعاء وحرب عدن، وبعدها التدخل العربي، لا يمكن أن نسمي حالة التدخل تلك عدوان ونغض النظر عن العدوان الآخر ضد المواطن وضد مكونات الدولة، نحن في كلا الحالتين في مواجهة حتمية مع صراعات متنوعة ومختلفة، كل هذه الصراعات تبحث عن شيئًا واحدًا فقط وهو سرقة أحلام الشباب، الأحلام التي كنا ننشدها في فبراير 2011، تلك الأحلام البريئة، هذا ما تريده كل أطراف الصراع، وهو الشيء المتفق عليه عندهم وبالإضافة إلى سرقة قوت المواطن المسروقة أصلًا.

 

أصبحت اليمن مقسمة إلى أقسام معينة، وكل فئة لها شطرًا معين، وكل طرف من أطراف النزاع له جذور كثيرة ولك جذر سلطة تختلف عن الأخرى

بعد أن خسرنا الكثير، الكثير من الأحلام، الكثير من الضحايا من الأموال ومن الأنفس والتي هي أعظم من كل شيء، لابد أن نعترف وأن نقر بكل صدق أننا فشلنا في كل شيء، فشلنا في مواجهة الحرب، لابد أن نعترف أننا جزءًا من هذه الحرب بل ممن صنعها، صمتنا تجاه كل شيء كان أكبر سببًا في استمرار لعنة الحرب. صور الموت والضحايا تلك تؤلمني كثيرًا، أنا كإنسان لا احتمل الصمت تجاه ضحايا الحرب حتى ممن كنتُ أختلف معهم اختلاف جذريا. لقد وصلت إلى قناعة تامة أن أطراف الصراع الرئيسة والأطراف الأخرى المتجذرة منها، متفقة على استمرار الحرب، الحرب بالنسبة لهم وجبة دسمة، لا يمكن أن ننتظر السلام منهم طالما وأرصدتهم البنكية تزداد بكل ثانية.

 

في التقرير الأخير للمفوضية السامية لحقوق الإنسان قال: أن عدد الضحايا 6660 قتيلًا منذُ بداية الحرب في سبتمبر / أيلول 2014 حتى نهاية العام الماضي، ومعظم الضحايا من المدنيين العزل، وهذه الإحصائية تشمل كل الضحايا من كل الأطراف حسب التقرير المذكور. لم يعد أمامنا شيئًا غير أن نقف كلنا بوجهة هذا العبث، وهذه الحرب العبثية، لا يمكن أن نبرر لأحد من الأطراف أو أحدٍ من الجهات، كلنا كنا جزءًا من هذه الحرب. وفي النهاية ليس هناك أحد متضرر إلا المواطن الذي انهكته الحرب، والأنظمة الاستبدادية منذُ بداية تأسيس الجمهورية.

  

لقد أصبحت الحالة الإنسانية في اليمن من أصعب الحالات الإنسانية في العالم، تزداد الحالة الإنسانية سوءًا يومًا بعد آخر، أكثر من 18 عشر مليون إنسان بحاجة إلى الغذاء، وآخرون بحاجة إلى الدواء، وهناك الكثير بحاجة إلى السكن، لقد فقدنا كل شيء. لا يمكن أن ننتظر من أطراف الصراع أن تأتي بالسلام وهي من صنعة الحرب وتعمل على زيادة هذه الحرب اللعينة، نحن وحدنا المواطنون من نستطيع أن نقف بوجه كل هذا العبث.

  

أصبحت اليمن مقسمة إلى أقسام معينة، وكل فئة لها شطرًا معين، وكل طرف من أطراف النزاع له جذور كثيرة ولك جذر سلطة تختلف عن الأخرى، نحن نعيش الآن في حالة اللادولة، حالة الفوضى، وهذه الحالة عادةً لا تستمر، حتى وإن طالت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.