شعار قسم مدونات

إلى محبي الشاورما اتحدوا ضد "إسرائيل"

BLOGS الشاورما

من منا لا يحب تلك السندويشة اللذيذة، محبوبتي منذ الطفولة ولطالما كنت أمتشق رغيف الخبز من ثلاجة المنزل وأهرول إلى المطعم الجديد في حارتنا بمخيم اليرموك، لشراء سندويشة شاورما بخمس ليرات سورية، وأهيب بصاحب المطعم أن "يسقسقها" بالزيت ويكثر من "المايونيز" ومخلل الخيار لتكون أكثر لذة. هو ذلك السيخ الذي يتربع على واجهة المحل، أول ما تلقفته عيناي عند خروجي من مخيم اليرموك الحزين بعد حصار مطبق لثلاث سنوات، أشبه بالحلم سيخ من الشاورما كبير جدا يكاد يطعم جميع الجياع في مخيمنا المنكوب.

 

نعم يا سادة يا كرام إنها الشاورما، التي لم أفكر يوما بتاريخها من أين بدأت وكيف ومن هو صاحب فكرة الشاورما، لم أتوقع أن يأتي وقت أبحث فيها عن سر هذه الأكلة الشرقية المنتشرة حول العالم، من أين انطلقت لتجوب أركان الأرض وتزاحم في عالم الوجبات السريعة بل وترتقي على كثير منها. أفترض أن جميعنا نعشق الشاورما، فلنعلم أنها أكلة شرقية وتكون من لحم العجل أو الجمل أو الضأن مع التوابل وتوضع بشكل عامودي بحيث تتعرض للحرارة من خلال الغاز أو النار أو الكهرباء، فيما تشتهر بلاد الشام وخاصة سورية بشاورما الدجاج ممممم.

 

تعود أصول الشاورما إلى عهد الخلافة العثمانية، ويعتبر الأتراك أول من صنعوا الشاورما ونقلوها إلى بقية الدول، حيث يحكى أن تركياً كان في طريقه إلى الحج ونزل بالشام وخلال استراحته أخرج بعضا من اللحم وبدأ يعد الشاورما، ليتعلم رجل سوري طريقة إعداد هذه الأكلة. منذ 150 سنة كان محمد إسكندر تركي من سكان مدينة بورصة أول من يصنع الشاورما في العالم، والسباق في نحت ما بات يعرف اليوم بـ "سيخ الشاورما"، وإلى هذه اللحظة تتوارث عائلته هذه المهنة وهناك العديد من المطاعم لهم تعرف باسم " إسكندر كباب" حيث رأس النبع للشاورما.

 

إلى محبي الشاورما لا تصمتوا وجابهوا الاحتلال الإسرائيلي، لا تستخفوا بذلك فإن بدأت بالشاورما فلن تتوقف العاصفة حتى تذهب بالتاريخ والحضارة

وفي رواية أخرى تقول إن قدير نورمان من أصل تركي هو من نقل الشاورما من المحلية إلى العالمية، لتغزوا مختلف الدول وتتربع في أهم الساحات والعواصم لتعشقها قلوب الغرب. اتفقنا إذا أن الشاورما من أصول تركية، والسؤال لماذا تصف صحيفة "هأرتز" الشاورما بالإسرائيلية، هي سرقة في وضح النهار، واستفزاز لكل من كان له دور في صناعة هذه الأكلة الشعبية. ردود غاضبة على هذا التمادي الإسرائيلي عمت منصات التواصل الاجتماعي، ترى فيها احتلالا إسرائيليا لثقافات الأمم ونهبا لتراثها وعاداتها وماضيها.

 

لم يكتفي الاحتلال الإسرائيلي بسرقة الأرض الفلسطينية، بل عمل على تجريد الشعب الفلسطيني من تراثه، لا يترك شيئا فلسطينيا إلا وينقض عليه من أمثال الثوب الفلسطيني وأكلة الفلافل وغيرها من تراث وتقاليد الشعب الفلسطيني. هذه العقلية الإسرائيلية تنم عن شعب لا يملك حضارة ولا تاريخ، كيان مفلس يعيش على الغش والخداع واحتلال مقدرات الشعوب، فلن تكون الشاورما هي الأخيرة في مسلسل "إسرائيل" والاستيلاء على حضارات الأمم.

 

رسالتي إلى أبناء وأحفاد مؤسس الشاورما محمد إسكندر، أن ارفعوا أصواتكم في وجه "إسرائيل" التي تسعى جاهدة للنيل من تراثكم العريق الممتد لعشرات السنين. إلى محبي الشاورما لا تصمتوا وجابهوا الاحتلال الإسرائيلي، لا تستخفوا بذلك فإن بدأت بالشاورما فلن تتوقف العاصفة حتى تذهب بالتاريخ والحضارة، فنجد أنفسنا في عالم كل شيء من حولنا صناعة إسرائيلية. شخصيا أحب شاورما الدجاج السورية وغيري من يعشق "القص" العراقي، وأخر تستهويه تلك التركية وصحة وهنا على قلوبكم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.