شعار قسم مدونات

أيها الناس.. دعونا وشأننا!

BLOGS لابتوب مواقع التواصل

في خضم هذه الحياة، تنشغل أرواحنا بتدبر ما خُلقت من أجله، نُمارس طقوس حياتنا، نتبنى ما شئنا من المعتقدات، رُبما نتخلى عَنها لاحقاً، ونتبنى غَيرها، ثم نعود لها متى ما اعتقنا بِها، نرتدي بعض الأفكار التي من شأنها أن تجعل الراحة تمتلك مفاتيح قلوبنا، لتسكن فيها، نُحاول كَسر الروتين، والبحث عما يُشعل الفتيل في قناديل شغف قلوبنا، نُمارس تقاليداً، ونترك أخرى، فثمة تقاليد لا تجلب السعادة في دستور عاطفتنا، لسنا مُطالبين بالالتزام بها، مؤمنين بأن الاختلاف نَعمة في هذه الحَياة، إلا أن كثيرين من البشر، يعتقدون أنك سيء بمجرد أنك لا تُشبههم، بمجرد أن تتحدث بلسان لا يوافق لُعاب ألسنتهم، ويمارسون رحلة البحث عن أفكارهم داخل رأسك، وعن إيمانهم داخل قلبك.

حساب الأشخاص على مواقع التواصل، هو مساحتهم الشخصية، يقومون فيها بتوزيع طاقة إيجابية، أو طاقة سلبية، وربما يقومون بتوزيع فول سوداني، ليس لأحد علاقة في ذلك، نقوم بتغيير الصورة الشخصية كُل دقيقة إن أردنا، نقوم بالتصور ونحن نتشقلب بالهواء، أو حَتى ونحن نأكل من عِلب السَردين ووجبات الشاورما، نُتابع مُتشرداً في موزامبيق، أو عازفاً في شوارع فلوريدا أمر يعود لنا، نُصاحب فرانسيس الثاني أو الحفيد الخامس لعمر بن عبد العزيز أمر يعود لنا، سنقتبس من العبارات التي تستسخفونها ولا تروق لكم، سنقوم بالنشر عَن فوائد البِزر غير المقشر، أو فوائد الفاصوليا الخَضراء إن أردنا، سنقوم بتنزيل كلمات حُب، وأبيات غَزل، متى ما راقت لنا، سنكتب عن العُزلة متى ما احتجنا لها وشعرنا بأنها ملجأ لنا، فإن كتبنا عن السعادة ادعوا لنا بدوامها، وإن كتبنا عن الأحزان، ادعوا لنا بالشفاء منها، وإن لم يُعجبكم ما نقوم بطرحه، فليس هنالك من طلب منكم متابعتنا أو مُرافقتنا.

أيها الناس، قاوموا شهوة التدخل بالآخرين، والحديث عنهم وإصدار الأحكام عليهم، علاقاتنا الروحانية مع خالقنا أسمى من أن تتدخلوا بها يا بني البشر

سنرقُص في الشوارع ونمارس طقوس فرحنا كما نشاء، وسنعيش جُنوننا كما نشتهي، دعونا كالأطفال لا يهمنا سوى سعادتنا، لا يهمنا سوى أن نحاول أن نجلس الطفل بداخلنا على أرجوحة الزمان ليبقى ضاحكاً، دعونا نُكافح في معارك حياتنا دون تقييماتكم، سنرتدي من الثياب ما يُضحككم إن استرحنا بِها، سنستمع إن أردنا للموسيقى الصينية، ونترنم على سيمفونية بيتهوفن الثامنة، سنقوم بدراسة كرة القدم أو الرقص الشرقي إن أحببنا، ولن نتقيد بكلامكم ونصائحكم الغريبة، وسنُغازل من نُحب جَهاراً، سنُحب ونفترق، ونتزوج ونُطلق، وأبواب العزوبية سنطرُق، متى ما وجدناها خَياراً، سنُخطئ ونتعثر، ونُحاول ونُصيب، ونفشل وننجح، ولن نُمارس ما لا تُطيقه أنفسنا من أجلكم، سنسلك الطريق الذي تنشرح صدورنا له، فالطريق طريقنا، والخُطى خُطانا، والنور في قلوبنا حصانة، أيها الناس: لسنا بقرة صفراء تسر الناظرين.

إن أردتم الصِدق، ضقنا ذرعاً بكم وبما تتوقعون منا، وحديثكم وتدخلاتكم بشؤون لا تعنيكم، تنشغلون في إظهار نقائص بعضكم، سوء الظنون ينهككم، الصمت تنكرتوا له ولفضله، ولم تعودوا تعرفونه، تنتظرون زلات بعضكم في مطارات انتقاصاتكم، يشغلكم تحريم أفعال بعضكم، بَدلاً من أن تدعوا لهم بالهداية، تُرهقكم فِكرة أن يُنجز أحد بطريقة ليست على هواكم، تشككون في سلامة نوايانا، تُقارنون ما بقلوبكم بما في قلوبنا، تُصنفوننا كما تشتهي ذائقتكم، تضعوننا بقوالب على مقاييس أمتار ظنونكم، تحددون لنا المواضيع التي يجب أن نتحدث بها، أيها الناس: لن نكون كما تُريدون.

أيها الناس، قاوموا شهوة التدخل بالآخرين، والحديث عنهم وإصدار الأحكام عليهم، علاقاتنا الروحانية مع خالقنا أسمى من أن تتدخلوا بها يا بني البشر، وتدخلاتكم بعلاقاتنا مع الآخرين سيقتبسها الزمان ويضع بعدها "هذا ما قاله الخاسرون"، فالخطأ في عقولنا أشهى من صحيح عقولكم، فدعونا نستنشق حُريتنا، ونمارس طقوس حياتنا فإنها وإن طالت واحدة، أيها الناس.. دعوننا وشأننا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.