شعار قسم مدونات

كواليس البحث عن "عروس أمريكية"

blogs زواج

أمريكا بلاد "العم سام" أو أرض الأحلام كما يحب البعض أن يُسميها ظناً منه أن الأحلام كلها يمكن أن تتحقق على هذه الأرض لما تنعم به من حريات واقتصاديات قوية إضافة إلى حالة التنوع العرقي والديني التي تعيش بسلام فوق هذه الأرض.

كيف تنشأ المشكلة؟

أحد أهم شروط الاستقرار في هذه البلاد هو الحصول على حق الإقامة بداخلها ثم المطالبة بالجنسية بعد استكمال الشروط، وللإقامة في هذه البلاد عدة دروب.. وهي المهاجرين واللاجئين المستقدمين من الخارج حيث تكفل لهم الدولة مباشرة حق الإقامة، أما في يخص من أتى إلى الولايات المتحدة الامريكية عبر تأشيرة السياحة أو الدراسة، لديه طريقين "للإقامة الدائمة" أما اللجوء وهي قضية حبالها طويلة غالبا ما يتم رفضها، والطريق الأخر والأيسر هو الزواج من فتاة تحمل الجنسية الأمريكية وفي هذا المقام أول ما يقال لك من القادمين سابقا إلى الولايات المتحدة "شوفلك عروس أمريكية".

كواليس البحث عن "عروس أمريكية"

بما أننا متفقين على ضرورة الزواج إذ يعتبر الطريقة الأنجع لإنجاز الأمر، فهذا ما سيسعى إليه ذلك الحالم للوصول لمبتغاه، وفي هذه الحالة هناك ثلاثة سيناريوهات:

* الزواج الطبيعي: قد يكون الدافع والمحرك المهم هو الجنسية، لكن لا بأس أن كان زواجا ناجحا يخلق أسرة تعيش بسعادة وسلام.

المجد والأحلام تحتاج رجالا كادحين قادرين على تهذيب أنفسهم بالاستقامة، فلا ديمومة للنجاح دون الاستقامة. "لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر"

* زواج الصفقة: وهو أن يعرض المال على أمريكية مقابل الزواج الصوري أو "الشكلي" لمدة من الزمن حتى يأخذ حق الإقامة وينتهي الزواج عند هذا الحد، على الرغم من حالة الغش القائمة للدولة الأمريكية، إلا أنه لا ضرر على أحد أذ كان الأمر بالاتفاق من جهة وأن كان هذا الشخص ساهم إيجابا في بناء المجتمع الأمريكي مستقبلا من جهة أخرى.

* زواج المصلحة: في هذه الحالة تتم أصعب عملية خداع وقهر للنفس البشرية إذ ما يلبث أن يحصل على الإقامة حتى يشرع في تنغيص حياة شريكته ثم إجراءات الطلاق وإن كان لديه الأولاد منها فلن يعبأ بهم. فكثيرا ما ترى أطفال ضمن حالات "الإنجاب الشرعي" لا يعرفون آبائهم، فما قيمة الجنسية أمام فلذة كبدك؟ ما قيمة الجنسية أمام قهر من أستأمنتك على نفسها؟ كيف يمكن أن تكمل حياتك وأنت تحمل هذا الوزر الثقيل؟ وهنا لا حديث عن ديانة أو ملة.

 

لكن ما يزيد الطين بلة ويجعلها تقف في حلق الفم إن كان عربيا مسلما، فتندهش كمن بلع سكينا حادا ولتكاد تتحاشى أخبار هذه المشكلات لظنك أن منظومتك القيمية التي نشأت عليها ما هي ألا وهم ولشدة وقعها على النفس، أذ تجعل الإنسان أرخص الشهود في هذا القالب الدرامي. وفي نكبة أخرى للضمير الإنساني يرَ بعض من ينجح في هذه الفعلة بأنه "شاطر" فتسمعهم يرددون فلان شاطر تزوج ثم حصل على الجنسية وتخلص من زوجته.

صحيح أن النتائج الناجمة عن هذا الخداع أقل ضررا لدى الأمريكية الأصل، وفي حالة العربية الأمريكية فهي كارثة لما يفرضه النمط الاجتماعي العربي وإن كانت الحياة في أمريكا! فكل يوم نسمع عن قصصا تقشعر لها الأبدان ولا ترغب في تصديقها حتى. على كل حال تبقى الفكرة مرفوضة سواء كانت أمريكية الأصل أو عربية أمريكية.

الإخلاص لله في هذا المشروع
الإخلاص لله في هذا المشروع "الزواج" مطلب لكلا الجنسين، حيث يعتبر مفتاح استقراره ونجاحه،، يتطلب ذلك الاستماع المتبادل والتفهم، والصدق من الطرفين

جدوى هذا الخداع

أكثر ما يثير الغثيان في هذه التدوينة أنه لا جدوى حقيقية من كل تلك الممارسات التي لا تصفها أبشع النعوت، فالذي يسرق يحصل على المال والذي يزني يلبي الشهوة وفي الغيبة تعظم صغائر النفوس حضورها، وهذا ليس تبريرا لتلك الممارسات أنما تفسيرا (فعل ونتيجة). لكن في زواج المصلحة من أجل الجنسية، هل حقق الشهرة؟ هل حقق المجد؟ هل حقق المال؟ هل حقق منصبا رفيعا؟ هل حققا حلما معجزا يستحق تلك الخديعة؟ ماذا حقق هذا الرجل؟

بكل بساطة لم يحقق أي شيء سوى بطاقة تسمح له بالإقامة والتنقل هنا وهناك.. مقابل تكلفة مرتفعة على أنثى ظنته الملجأ الأمين "لا يستويان"، وما يزيد الأمر مضاضة إن كانت الفعلة من الأقربين. المجد والأحلام تحتاج رجالا كادحين قادرين على تهذيب أنفسهم بالاستقامة، فلا ديمومة للنجاح دون الاستقامة. "لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر".
   
الإخلاص لله في هذا المشروع "الزواج" مطلب لكلا الجنسين، حيث يعتبر مفتاح استقراره ونجاحه، يتطلب ذلك الاستماع المتبادل والتفهم، والصدق من الطرفين، الزواج يستلزم التأهيل الجيد لكلا الشباب والفتيات، فالشاب الوسيم قد يكون جاهلاً، أو عاصياً والأقل وسامة قد يكون مثقفاً، وكذا الفتاة، قال سيد الكائنات النبي محمد عليه الصلاة والسلام: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.