شعار قسم مدونات

انفجار الكون وتوسّعه.. أهمّ دليل على وجود الله

مدونات - انفجار الكون
إنّ حقيقة وجود إله خالق للكون قد تجلّت مع تطوّر العلم وأصبحت غير قابلة للنكران، وكما أكّد "ماكس بلانك" (واضع نظرية الكم أو الكوانتوم) -إلى جانب الكثير من العلماء- هذه الحقيقة قائلاً: "إنّ أيّ عالم حقيقي في جميع فروع العلم، لا يمكنه التغاضي عن الإيمان بوجود خالق للكون". فإنّ العلم قد أثبت منذ مطلع القرن الـ 20 أن للكون بداية ونهاية، ويندرج في هذا القول عدّة أدلّة أبرزها توسّع الكون واستمرار تمدّده إلى الخارج.

 
إنّ الانفجار العظيم -(أو كما يعرف بالإنجيليزيّة : بيغ بانغ)- في علم الكون الفيزيائي هو النظريّة السّائدة حول نشأة الكون. تعتمد فكرة النظرية أن الكون في الماضي قد بدأ من نقطة مركزية كانت في حالة حارّة شديدة الكثافة، انفجرت تحت قوة معيّنة، واحتاجت طاقة مسبِّبة هائلة، وأنّ الكون كان يومًا جزء واحد عند نشأته. ونتج عن هذا الانفجار ما يسمّى بتمدّد أو توسّع الكون، وهذا الإسم يطلق على سرعة تباعد المجرّات عن بعضها البعض، وعن مجرّة درب التبانة. ولقد اكتشفت هذه الظاهرة عام 1998م من قبل مجموعتي بحث دوليتين.

 

وعن هذه النظريّة باختصار، فإنّها تقول أيضاً بأنّ توسّع أو انكماش الكون يعتمد على طبيعته وتاريخه، ومع كمّية مناسبة من المادّة، يمكن أن يتحوّل التمدّد إلى تقلّص وانهيار. وبما أنّ الكون يتمدّد والمجرّات تتباعد عن بعضها، فإنّ متوسّط الكثافة الكونيّة يتناقص، ونستطيع من معدّل سرعة التوسّع الحاليّة أن نستنتج أنّ الكثافة كانت هائلة منذ ثلاثة عشرة إلى خمسة عشر مليار عام، وتبيّن المشاهدة أن المجرّات كانت متقاربة.

 

العلماء الفيزيائيين الذين يقولون باستطاعة الكون أن يخلق نفسه بالاعتماد على قوانين الفيزياء (كالجاذبية مثلاً)، قد تجاهلوا تماماً أنّ هذه القوانين لم تكن لتوجد لولا وجود المادة أوّلاً

ويقول البروفيسور"ايدنجتون" في هذا السّياق: "إن مثال النجوم والمجرّات كنقوش مطبوعة على سطح بالون من المطّاط وهو ينتفخ باستمرار، وهكذا تتباعد جميع المجرّات الفضائيّة عن أخواتها بحركاتها الذاتيّة في عمليّة التوسع الكوني". هذا أولاً، أمّا ثانياً فكان اكتشاف شعاع الخلفية الميكروني الكوني، واكتشاف أنّ النجوم والشموس والمجرات تطلق إشعاعاً كونياً متحركاً ذو موجات، هو دليل آخر على توسّع الكون. إذاً، فإنّ هذه النّظرية التي أقرّ بها كبار العلماء تُعتبر أكبر دليل على وجود خالق محرك ومسبّب للانفجار، ومنشئ عظيم للطاقة الهائلة التي لم تظهر من العدم وللنّقطة المركزيّة التي انفجرت. إنّ الملحدين أو دعونا نسمّيهم "المادّيين" لا يؤمنون بأنّ المادّة خلقت من العدم، فنطرح سؤالنا هنا: من أين أتت إذاً مادّة الكون الأولى؟ ما هو سبب وجودها؟ وكيف تسيّر نفسها؟

 

وكأيّ إنسان يملك أدنى قواعد التفكير المنطقي نقول: إنّ مادة الكون وجدت بالأساس لسبب غير مادّي ولا بدّ من وجود مسبّب موجدٍ لها. وهنا نقف في صراع أمام مسبّبين مرشّحَين: إمّا الأشياء المجردة وإمّا الخالق العظيم. بالنسبة إلى المرشّح الأوّل، فإنّ من المستحيل أن تخلق لنا الأشياء المجردة شيئاً، مثال على ذلك، لن يُحمَّل أي تقرير على هذا الموقع ما لم نقوم نحن بكتابته ومن ثمّ تحميله. 


لذا فإنّ الطبيعة التي تعتبر أم الملاحدة، هي تظهر لنا العلاقة بين الأشياء والأسباب وتصفها (وجود كاتب وموضوع الكتابة والتحميل…) ولكن لا تخلقها من العدم ولا تنتج لنا أحداثاً. هناك حاجة دائمة لقوّة أكبر من الأشياء المجرّدة توجدها، تسيّرها وتتحكّم بها. وإنّ العلماء الفيزيائيين الذين يقولون باستطاعة الكون أن يخلق نفسه بالاعتماد على قوانين الفيزياء (كالجاذبية مثلاً)، قد تجاهلوا تماماً أنّ هذه القوانين لم تكن لتوجد لولا وجود المادة أوّلاً. 

 

وهنا تخلو الساحة للمرشّح الثاني وهو وجود خالق مسيطرٍ على مجاري هذا الكون، هو المسبّب الوحيد لخلق المادّة وانفجارها وخلق الزمان والمكان. ونعود لنستشهد بقول العبقري، مؤسس الفيزياء الحديثة وواضع النظريّة النسبيّة، ألبرت أينشتاين : "من يعمل بشكلٍ جيّد في المجال العلمي، يصل إلى الاقتناع بأنّ قوانين الكون كافة تثبت وجود روحٍ أكبر بكثير من روح الإنسان، علينا جميعاً الشعور أمامه بالصغر".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.