شعار قسم مدونات

فلسطينيون أبدعوا في مجال الأفلام الوثائقية

مدونات - فيلم خمس كاميرات محطمة

يراهن البعض أن الأفلام أفضل وسيلة تعبير ولفت انتباه واهتمام بالقضية الفلسطينية. تعتبر القضية الفلسطينية من أبرز الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، ومنذ عام النكبة سعت جهود فلسطينية وعربية وأجنبية لتوثيق أهم المنعطفات التاريخية والسياسية داخل فلسطين عبر الأفلام التي صورت قضايا فلسطينية مختلفة، مثل عام النكبة والنكسة والهجرة وحق العودة والمجازر المتعددة والانتفاضات وبناء المستوطنات وعمليات الحفر في المسجد الأقصى وبناء جدار الفصل العنصري وحملات الاعتقال والتنكيل بالفلسطينيين.

 

وخوفًا من نسيان القضية أو ضياع تاريخها وقصص شهدائها ومنضاليها ومدنها، جُسِدت معاناة الفلسطينيين داخل الأفلام الوثائقية والسينمائية حتى يعرف العالم الوجع الفلسطيني في مختلف مراحل حياته، والأهم من ذلك، أن الأفلام تلغي أي فرصة تغيير أو تشكيك بالهوية الفلسطينية وعاصمتها وتاريخها.

 

فيلم "النكبة"
المفاجأة في فيلم خمس كاميرات محطمة أن الشخص الذي كتبه وأخرجه يهودي إسرائيلي يدعى جاي ديفيد، وعبر من خلال هذا العمل عن رفضه للسياسة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين

يعتبر من أفضل الأفلام الوثائقية التي تروي التاريخ الفلسطيني منذ عام 1799 وحتى عام النكبة وما بعدها، موثقًا جميع الخطوات السياسية المختلفة التي مرت بها القضية الفلسطينية في تلك الفترة، وسجل أحداث النكبة عبر سلسلة مكونة من أربعة أجزاء، وهي: خيوط المؤامرة وسحق الثورة والتطهير العرقي والنكبة مستمرة.

 

تم إنتاج هذا العمل عام 2008 على يد المخرجة الفلسطينية روان الضامن، واستغرق هذا العمل مجهود 16 ساعة عمل يوميًا، بالاعتماد على مصادر وموسوعات وكتب مختلفة، كما ترجمت هذه السلسلة إلى عشر لغات وفاز بعدة جوائز عربية ودولية. المميز في هذه السلسلة أنها تبدأ بعرض التخطيطات والترتيبات السياسية ببناء دولة إسرائيلية داخل فلسطين قبل النكبة بمئتي عام تقريبًا كدليل على أن المشروع الصهيوني على أرض فلسطين لم يبدأ عام 1948 كما يعتقد الأغلبية.

 

فيلم "جنين.. جنين"

من أشهر الأفلام الفلسطينية التي توثق حقيقة ما حدث في مجزرة جنين عام 2002 عندما خاض أهالي المخيم معارك دامية ضد المقاتلين الإسرائيليين الذين استخدموا الأسلحة والصواريخ والدبابات لمسح المباني وتسويتها بالأرض، بعد أكثر من شهر من الحصار.

 

يروي الفيلم عن مجموعة مختلفة من أهالي المخيم الذين يحاولون وصف ما رأوه من هذا الاحتلال، وقام محمد بكري بإخراج هذا الفيلم، وبعد خروج هذا الإنتاج الفني إلى النور، رفعت دعوى على المخرج بتهمة التشهير، كما رفضت لجنة مراقبة الأفلام الإسرائيلية تقديم ترخيص لعرض الفيلم كونه يشوه الحقيقة ويحرض ضد حق "إسرائيل" في الوجود، وحجب لمدة عامين، لكن محكمة العدل العليا ألغت قرار اللجنة وسمحت بعرض الفيلم. وكرد فعل لحكم المحكمة، أنتجت "إسرائيل" فيلمًا مضادًا باسم "الطريق إلى جنين" وتتلخص أحداثه بأن جنود الاحتلال وجدوا متفجرات في جنين لذلك كان عليهم قتل "المجرمين".

  undefined

 
فيلم "خمس كاميرات محطمة"
المفاجأة في هذا الفيلم، أن الشخص الذي كتبه وأخرجه يهودي إسرائيلي يدعى جاي ديفيد، وعبر من خلال هذا العمل عن رفضه للسياسة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وهذا بالتعاون مع المخرج الفلسطيني عماد برناط الذي روى قصة بلدته بلعين التي تناضل ضد جدار الفصل العنصري وما يجرى من نمو استيطاني داخل أراضي القرية.

 

وبخصوص مشاركة ديفيد في هذا الفيلم فيصرح "أعتقد بأن الكثير من وسائل الإعلام أرادت أن تضعني في موقف "انظروا هذا إسرائيلي جميل يقوم بدعم الفلسطينيين"، نحن لم نركز كثيرًا على ذلك، لأن هدف قصتنا إنهاء الاحتلال وتغيير الواقع وليس تجميل العلاقات والقول للجمهور بأن هناك أملًا".

 

فيلم "الجدار الحديدي"

تناول المخرج الفلسطيني محمد العطار قضية جدار الفصل العنصري على الأراضي الفلسطينية ومحاصرته للقرى والمدن، وتضييقه لحركة أهالي هذا البلد من خلال الحواجز وعمليات مصادرة الأراضي المستمرة لتوسيع المستوطنات، كما يتطرق في هذا الفيلم إلى توثيق الانتهاكات الإسرائيلية لمواطني المدن الفلسطينية ويسجل معاناتهم اليومية وقصة نزوح البعض إلى الأردن والدول العربية الأخرى. هذا بالمقارنة مع حياة الإسرائيليين الذين يعيشون على أرض فلسطين برفاهية وسهولة دون خجل أو حرج، وكيف تحاول حكومة الاحتلال تقديم التسهيلات اللازمة لجعل حياتهم أفضل.

هذه بعض الأفلام التي تروي الحكاية الفلسطينية بتفاصيلها من الداخل ومنذ مئات السنين، وقد يكون الإنتاج ضعيفًا نوعًا ما نتيجة الظروف الاقتصادية والسياسية التي يمر بها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، إلا أنه لا يمكن إنكار أن السينما الفلسطينية وجنودها استطاعوا أن يقدموا مقدارًا لا بأس به من المعرفة عن التحولات والتحديات المستمرة في فلسطين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.