شعار قسم مدونات

سقطت الطائرة سيدي الرئيس!

مدونات - سقوط طائرة الجزائر

المكان مطار بوفاريك العسكري، ولاية البليدة الجزائر.
الزمان الأربعاء 11 أفريل/أبريل الساعة السابعة صباحاً وخمسون دقيقة.
الحدث سقوط الطّائرة العسكرية أليوشين مخلّفةً 257 قتيلاً.
الأسباب مجهولة، قيد التحقيق! لكنّ الشعب الجزائري يعلم أنّ الإهمالَ كان سيّد الموقف وأن حالة الطائرة لم تدع مجالاً للحيرة.

 

برقيةُ تعزيةٍ من الرّئيس لأسر الضّحايا يعرِب من خلالها عن خالص تعازيه وصادق مشاعر التعاطف لأسر الضحايا وكافة الشعب الجزائري مضيفا إنه لرزء فادح تنفطر له قلوبنا وتدمع له عيوننا. انتهى. فقط! إن لم تكن أنت المسؤول عماّ حدث سيّدي فمن؟ كونك رئيساً للبلاد لدهرٍ من الزمن، كونك وزيراً للدفاع، برقيةُ تعزيةٍ لن تخفف عن أمٍ فقدت ابناً في عمر الزهور، كان قبل بضع ساعاتٍ يُمنِّيها بعودةٍ قريبة، لن تخفّف من جزعِ امرأة فقدت زوجها أو خطيبها، أو أبٍ التحقت زوجتُه بابنها عند سماعِ الخبر، فأصبحت المصيبة مصيبتين، وآخر ابتلعت الموت زوجته وأولاده الثلاثة فأضحى بلا عائلة.. برقيةُ تعزيةٍ كهذه شبيهة بتلك التي تلقيتها من بعض رؤساء الدول والحكومات، يعرب فيها الرئيس الروسي عن تعازيه ودعمه لأسر الضحايا! والرئيس الصيني شي جين بينغ عن صدمته لتلقيه خبر سقوط الطائرة! برقية تعزية شكلية لا أكثر لا تعبر عن حزن صاحبها ولا عن مسؤوليته عما حدث.

 

وطنٌ دفع مليوناً ونصف مليون شهيد لينال حريته ثمّ ماذا؟ تسرق ثرواته، يموت أبناؤه في عرض البحر وهم يحاولون الوصول للضفّة الأوروبية، يحكمه رئيس مغيب

سيّدي هل سمعت حقاً بما حدث؟! دقائق فقط بعد صعودها تسقط الطّائرة الرّوسية الصنع والتي دخلت قيد الخدمة عام 1971 وكانت مخصّصة لنقل البضائع لا الأرواح! أخاطبك سيّدي، هل لديك علمٌ بالحالة المزرية للطائرات؟ أم أن الأمر لا يعنيك؟ فأنت وعشيرتك ممنن يرتادون الطاّئرات الخاصّة، ممن لا يضيرهم ما أصاب أبناء الشعب، أولئكَ الذّين كانوا يَعُدُّون الأيّام والأسابيع لإتمام الخدمة العسكرية، شبابٌ لايزالون يُجبَرون على ما يسمّى بالواجب الوطني، في حين أن من يحكُمون الوطن لا يخضعون لواجبٍ، ولا يأبهون بوطنيّة.

 

سيّدي، هل تناهى لمسمعِك آخر حديثٍ لقائد الطائرة وهو يفقد السّيطرة عليها، أخبرهم بأنها ستسقط لا محالة، وكآخر محاولةٍ سيحاول تفادي المناطق العمرانية. حاول أن تتخيل كل فرد تلقّى كلماتِ القبطان، تسارعت دقّات قلوبهم صاحوا، بكوا، وربّما استسلم بعضهم للحقيقة، ليس مقلباً من مقالب رامز جلال! لفظوا الشّهادتيْن راحُوا يفكّرون فيمن كانوا ينتظرونَهم، هذا يتخيّل بكاء يتيمه، وآخر عويل أمه، زوجته، صدمة والده وإخوته، وكل من تركهم قبل رحلةٍ لا عودةَ بعدها. صحيحٌ أنّها لحظاتٌ خاطفة لكنّها حتماً كانت الأصعب. اللّهم اغفر لهم وتجاوز عنهم، اللّهم اجعل حياتهم قي هذا الوطن ومِيتَتهُم تِلك شفيعاً لهم يوم القيامة.

 

يقول عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه لو عثرت بغلةٌ في العراق لسألني اللّه تعالى عنهاَ لِمَ لمْ تُمهِّد لها الطريقَ يا عمر! أتركُ لكَ أن تتخيّلَ هاته الأرواحَ التّي احترقت بسبب خردةٍ تحلّق في السّماء، ووزارة الدفاع تأخذ حصّة الأسد من المال العام.

  undefined

 

في اليابان سيدي انحنى وزير الطاقة لمدة عشرين دقيقة أمام الشعب، وهي المدة التي قُطِعت فيها الكهرباء عن بعض المدن اليابانية، لم يكتب بياناً يعبّر فيه عن أسفه أو يحمِّل غيره مسؤولية ما حدث!

 

بالأمس أردتم أن ترموا بإخفاقاتكم على الأطبّاء الذّين بُحّت حناجرهم وهم يحتجّون على ما آلت إليه أوضاع مستشفياتنا، بالأمس ضرب شرطيُّكُم الطّبيب المحتج والأستاذ المحتج، لكن يده لا تمتد إلى من سرق ونهب الوطن.

 

وطنٌ دفع مليوناً ونصف مليون شهيد لينال حريته ثمّ ماذا؟ تسرق ثرواته، يموت أبناؤه في عرض البحر وهم يحاولون الوصول للضفّة الأوروبية، يحكمه رئيس مغيب ينتقل من عهدة لأخرى ويفوز دون عناء إعداد برنامج رئاسي أو حملة انتخابية!

  

ببساطة كان هناك وطن ولم يعد، لكنك تأبى أن ترحل سيدي الرئيس…

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.