شعار قسم مدونات

معوقات الاندماج في السويد

blogs - السويد
تحدّث الكثير من الكتاب في مقالات كثيرة باللغات المختلفة عن معنى الاندماج في السويد وباقي البلدان؛ إلا أنّ الكتابة عن اللجوء والاغتراب برأيي تتجاوز المعلومات النظرية عن العادات والتقاليد، إلى الغوص بعمق شديد متحرر من القيود الفكرية إلى المجتمعات المضيفة والعلاقات المتبادلة بين الناس. أُقَسِّم معوقات الاندماج في السويد الى ثلاثة أقسام رئيسة في ما يتعلق بالمجتمع واللاجئين والطقس، لافتاً عناية القارئ الكريم إلى أن المقال يهدف لتوضيح الحقائق وإجلاءها فلا تلتبس الأمور على أحد.
فيما يتعلق بالمجتمع المضيف:
فتوصف السويد كما ورد في موقع قناة BBC بأنها من أصعب الدول في العالم في بناء العلاقات، نحن أمام مجتمع في ظاهره منفتح ومتأثر بالثقافة الأمريكية، إلا أنه حذر للغاية، فيما يعني ذلك أننه يتحدث معك بلباقة ممتازة إلا أنه يصنع حاجزاً بين معلوماته وخصوصياته وعمله وبينك، حتى تثبت له حسن السيرة والسلوك.

يعمل السويديون كل الوقت، وفي فترة الإجازات برنامج كبير من الفعاليات -حيث يكون الكثير منها مجانياً مدعوماً من البلديات- والرياضات المحلية، كالهوكي ورمي الكرة الحديدية، المشي الصباحي او الفرق الموسيقية..

مجتمع اللاجئين يعاني ضعف مستويات التعليم؛ يجعله منغلقاً ولا يستطيع فهم المجتمع الجديد، وضعف روح المبادرة والولاء للمنظومة الحضارية العربية والإسلامية، بمكوناتها الجميلة، من طعام حلال، وفنون، وتقاليد.

ثقافة المجتمع وعلومه تم بناؤه خلال رحلة نضال استمرت مئة عام، تحولت فيها البلاد من فقر متقع وهجرة لأمريكا، إلى بلد تقصده الناس للجوء، هذه الثقافة الخاصة تجعله منغلقاً على ذاته، ويشعر الإنسان بمنظومة كاملة إلا أنه هو غريب عنها، فالموسيقى والأكلات والمناسبات لا تتفق في مجملها مع ما ألفناه في العالم العربي..

الصورة النمطية المبطنة عن مجتمع اللاجئين والمرأة المسلمة والأكل الحلال والفكرة التي مفادها أنك إذا مددت للاجئ إصبعك سوف يسحب كل يدك؛ إنها مؤسفة، قد لا تكون واضحة إلا أن الإنسان المتعايش على مدى أطول في البلاد يشعر بها تماماً.

الفردية التي ترسخت بفعل القوانين تجعل العلاقات أضعف في المجتمع نفسه ككل، وتجعل أفراد الأسرة مستقلين بأنفسهم عن غيرهم، وعلى سبيل المثال تنتشر دور المسنين الكريمة في عموم البلاد، بشكل غير معتاد في البلاد العربية، نظرا لقلة الأوقات في المنازل السويدية للعناية بكبار السن.

العمل في السويد يحتاج التدريب العالي واللغة السويدية الجيدة، والخبرة داخل البلاد، وهذا ما يفتقده أكثر اللاجئين القدامى منهم والجدد في سوق العمل، فيختارون العمل الأسود عند أقرانهم الذين يتحدثون نفس اللغة، مما يحرمهم من حقوق كثيرة واندماج، وظروف عمل أفضل فضلاً عن المساءلة القانونية إذا ما اكتشف الأمر.

أما فيما يتعلق بمجتمع اللاجئين:
فهناك أصناف من اللاجئين حسب الفئة العمرية فالأطفال الصغار يذهبون مباشرة للمدراس ويتبادلون التأثير مع الأطفال السويديين، لدرجة أنه من المألوف كلمات من قبيل : "قول والله" أو "حبيبي" فيما الانتباه إلى تحول اللغة العربية لتصبح لغة ثانية للطفل العربي في هذه المرحلة.

المرحلة العمرية الأكبر بين (15-35) الشباب الذي تأثروا للغاية بفعل الحروب وبحاجة ماسة لمساعدة دراسية، ولم تتشكل لديهم الأرضية الجيدة، فهم يخوضون تجربة حرة لأول مرة، وتعليماً قد لا يتناسب مع البلد المضيف.

المرحلة العمرية (35-50) يواجهون مشاكل جمة في اللغة ونسبة كبيرة من الأكبر سناً تعاني البطالة مع عدد من الأولاد، يحار المرء في تربيتهم بشكل جديد يتلاءم مع البلاد الجديدة.

بين أيدينا إرث جميل من تسجيلات برنامج "موعد في المهجر" بُثّ على قناة الجزيرة الفضائية، يشرح إسهاماتٍ لدكاترة ومصورين وشعراء عرب في المهجر، ألهموا العالم، وبقوا الأقمار في ليلنا الحالك.

مجتمع اللاجئين هو الآخر يعاني ضعف مستويات التعليم؛ يجعله منغلقاً ولا يستطيع فهم المجتمع الجديد، وضعف روح المبادرة والولاء للمنظومة الحضارية العربية والإسلامية، بمكوناتها الجميلة، من طعام حلال، وفنون، وتقاليد، كل ذلك يحدث في بلد متقدم منظم؛ يجعل الإنسان في غربة كبيرة.

مجتمع اللاجئين في نظرته ينطلق من نظرة دينية بحتة، أو غير علمية إحصائية، فيما المجتمع السويدي ينطلق من نظرة تتبنى الإحصائيات والعلوم الحياتية البيئية والاجتماعية، تجعل المجتمعين ضعيفين في التواصل في الجوهر.

ننتقل إلى المحور الأخير في هذه المقالة فيما يتعلق بالطقس، فهو بارد في عموم البلاد، فترات طويلة من السنة، يجعل الفرصة أكبر للالتقاء بين الناس في فصل الصيف في الحفلات الاجتماعية، وحفلات الزواج، والنوادي الرياضية، والمقاهي، يجعلها الفرصة الذهبية لمن يريد تكوين علاقات جيدة..

ما سبق ذكره يعد توصيفاً للحال التي يراها من اختار السويد موطناً، كما أنّ فهم المجتمع بعمق رحلة شاقة طويلة إلا أنّها ثرية بالخبرات، وفي هذه البلاد الرائعة ما يمكن تحقيقه الكثير، وبين أيدينا إرث جميل من تسجيلات برنامج "موعد في المهجر" بُثّ على قناة الجزيرة الفضائية، يشرح إسهاماتٍ لدكاترة ومصورين وشعراء عرب في المهجر، ألهموا العالم، وبقوا الأقمار في ليلنا الحالك..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.