دربت قطر بالتعاون مع الأوتشا ومؤسسة راف الإنسانية القطرية، 91 منظمة محلية ودولية على الشفافية طبقا لمعايير الأمم المتحدة. هذا جعل الدول المُسيسة للعمل الإنساني تسعى للقضاء على العمل الإنساني القطري. |
1- اكتسبت قطر قوتها الدولية الفاعلة بسياستها القائمة على نشر السلام وعدم التدخل في الصراعات كطرف، ودعم هذا ذراعيها المتميزين (الإعلام والعمل الإنساني)، فاكتسبت قطر زخما سياسيا وثقة لم تحظ بها دول كبرى في المنطقة، ووصف تدخلها في كثير من الملفات الشائكة كملف "درافور" مثلا بالأمل لكل الأطراف المتنازعة، ولك أن تسمع بنفسك تصريحات متمردي دارفور وهم يعلنون ثقتهم التامة فيما تقرره قطر لأنها طرف محايد، وفي ذات الوقت يرفضون تدخل دول كبرى وهيئات أممية شكا في حيادها.
هذا الأمر هدد بالفعل خطط دولية وسياسات إقليمية لدول قامت بدور المستثمر على أشلاء النزاعات) تحت سمع وبصر الدول الكبرى تماما كما فعل النظام المصري من توريد السلاح لرواندا وبورندي وتأجيج الصراع الدائر لتستمر زيادة أرصدة رجال الحرب في بنوك سويسرا، وعلى منواله مع متمردي دارفور وجنوب السودان والصراع اليمني وغيره، وما أُخفي كان أعظم. فكان من الطبيعي التصدي للعمل الإنساني لأنه يحول دون تدفق مليارات الدولارات لجيوب وأرصدة العسكر ويقيض نفوذ تجارة الحرب ويهددها بالبوار.
2- التزام قطر بمعايير الشفافية الدولية في تحويل وصرف أموال العمل الإنساني -على عكس ما يشاع- يجعل منظمات الأمم المتحدة تطالب الدول الأخرى التي تعمل في نفس المجال بالتزام ذات المعايير، واستُبعدت دول من نشاطات إنسانية لهذا السبب، فعندما يتبين قيادة رجال مخابرات لنشاط إنساني كما حدث في غزة، بهدف الإضرار بالمنكوبين، تفقد هذه الدول قيمتها بالمقارنة بمنظمات قطر التي نالت قبولا من كافة الأطراف المتصارعة لحيادها، بل إن قطر بالتعاون مع "الأوتشا" ومؤسسة "راف" الإنسانية القطرية، قامت بتدريب 91 منظمة محلية ودولية على الشفافية طبقا لمعايير الأمم المتحدة. هذا جعل الدول المُسيسة للعمل الإنساني تسعى للقضاء على العمل الإنساني القطري، لعدم القدرة على الالتزام بالمعايير الدولية أو المنافسة تحت شعار "فيها أو أخفيها".
3- وصول كوادر قطرية لصدارة المنظمات الأممية وقبولها وفاعليتها أحرج هذه الدول، التي رغم حجم دخلها وكثرة أعدادها فأدوارها مشبوهة وقيادتها في الخارج ممسوخة وغير قادرة على التصرف في أبسط المواقف لطبيعة العمل الإداري المركزي الشديد، بل تحولها من سفراء ودبلوماسيين إلى عملاء ومشبوهين، ولك أن تتصور حجم الفساد الذي أحدثته أموال الإمارات عن طريق سفيرها في العمل السياسي والأكاديمي داخل أميركا نفسها وعمم ذلك النموذج إن شئت بصورة أوسع في دول أضعف قوة وأقل فسادا من الولايات المتحدة الأمريكية. ولعل هذا الذي جعل دولة كالصومال تمتنع عن الوقوف مع "محور الشر" ضد قطر لما تعلمه من أن الوجود القطري على أرضها يعني السلام والتنمية وأن ملايين الدولارات من "محور الشر" تعني مليارات الخسائر والدماء والمزيد من التمزق في ربوعها.
4- تحقيق العمل الإنساني القطري معدلا من الفائض في العمل الاجتماعي داخل قطر وللدول المحيطة، مما فضح الفساد داخل بعض دول الجوار وكشف تقصيرهم تجاه شعوبهم، ففي الوقت الذي نرى توجه المحتاجين بأوراقهم وما يثبت حاجتهم لقطر في رحلات سياحة إنسانية شملت: العلاج داخل المستشفيات الدولية القطرية مجانا، والمساعدات المختلفة في التعليم وقضاء الديون وكفالات الأيتام، بعد أن طردتهم دولهم من على أبواب مؤسساتها الاجتماعية، فأصبحت قطر تشكل خطرا على الأنظمة المهملة في حق شعوبها، وبدلا من دعم هذه الجهود ومقابلتها بجانب من فهم طبيعة الأشقاء وتقدير أياديهم البيضاء، فكروا في قطع هذه الأيادي حتى تحول بينها وبين المساكين من شعوبهم.
تحركت الدول المنافسة للضغط على قطر محاولة لتوريطها في صراعات تستنزف مواردها، أو الحصول على أموال ومساعدات في صورة إجبارية على هيئة تعويضات أو اختيارية تحت مسمى "منح". |
5- نمو وازدهار المجتمع القطري وتطور خدماته حتى أصبحت قطر ونظمها وخدماتها تضاهي أعظم دول العالم، وحصلت قطر على المركز الأول في السلام الاجتماعي في الشرق الأوسط، وأبسط الأمور المشاهدة أن ترى السيارات والبيوت مفتحة دون أن يمسها أحد، أو يفكر في سرقتها، واختفت تقريبا كل مظاهر الجريمة أو الخلاف والتنازع، على حين عاشت هذه الدول براكين الظلم والغضب والتمييز الطائفي والاجتماعي ونموا في الجريمة. وبدلا من الاقتداء بسياسات قطر لإحلال الأمن والسلام الاجتماعي المجتمعي، سعت لتهديدها ووصلت لحد تحريض الجاليات على العبث بأمن قطر، والتهديد العلني بإحداث تفجيرات وترويع النموذج الآمن في منطقة أهلكتها الصراعات.
6- قوة الاقتصاد القطري الذي أتبعه قوة العمل الخيري، فاستمدت المؤسسات الإنسانية قوتها من قوة النمو الاقتصادي، ولم تنفق قطر أموالها في إحداث انقلابات أو دعم أنظمة مستبدة وفاسدة أو تستورد ثقافات غريبة وشاذة، طورت منظومتها الإنسانية القيمة، حتى أطلق عليها "قطر الخير والعطاء". الأمر الذي جعل الدول المنافسة تحاول تعطيل انطلاقة قطر الاقتصادية والحيلولة دون وصولها المتوقع لمعدل نمو 3.3 % باعتمادهها على صندوق استثمارات سيادي ضخم وثروتها من الغاز الطبيعي، مقارنة بما تشهد الدول العربية المصدرة للنفط حاليا، من واقع اقتصادي مغاير في مستويات النشاط الاقتصادي وأوضاعها المالية العامة، وتوقع انخفاضا نسبيا لمعدل النمو الاقتصادي يصل بها إلى 2.8 أو أقل، طبقا لرأي المؤسسات الاقتصادية العالمية. فتحركت هذه الدول للضغط على قطر محاولة لتوريطها في صراعات تستنزف مواردها، أو الحصول على أموال ومساعدات في صورة إجبارية على هيئة "تعويضات" أو اختيارية تحت مسمى "منح".
7- شكل النظام القطري بكليته ومؤسساته بتفصيلها وخاصة "الإعلامية والإنسانية" نموذجا للنجاح للأنظمة الوطنية، وهو ما يفضح أنظمة باتت "كالبندقية للإيجار" ومثالاً "للعمالة". فسعت لتقويض المخالف لما استقرت عليه المنطقة دولياً، من كونها دول ذات سيادة ظاهرية ولا تمت لشعوبها بصلة، ومنعزلة عن نسيج مجتمعها، تتهددها دولة مؤسسات ملكية ناجحة فاضحة لغيرها حتى في حال صمتها، إذ أصبح المواطن العربي يقارن حال دولته وتعليمها ونظم رعايتها الصحية واقتصادها بقطر، وبدلا من احتذاء النجاح في أساليب الحكم والعمل الإنساني، سعت لتخريبه وحصاره.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.