شعار قسم مدونات

ما نتركه في أطفالنا

blogs الأطفال

كنتُ قد واظبتُ منذ فترةٍ على صنع قائمة امتنان شخصيّةٍ لكتبٍ ومقالات وأعمال وثائقيةٍ ومواقفٍ تركتْ أثرًا في نفسي، لم أجد غير الامتنان لهذه القائمة المتجددة، هذا الامتنان الذي تود لو ينتقل إلى أطفالك، فيتشربونه ويستقون من مَعينه، فتكون أعمق هديةٍ في حياتهم. حوّت القائمة عناوين قصيرةٍ مثل " كتب وقع والدك في حبها " و " مواقف تعلم منها والدك الكثير " و " حين تدخل الجامعة ".

 

علموهم أن يشكروا في كل وقت، ألا تتلاشى " شكرًا " من قواميسهم، خصصوا جلسة استماعٍ يوميةٍ قصيرةٍ لما عرفوه عن أشياءٍ حولهم، علموهم أن الاعتقاد الخاطئ والمعلومة الناقصة مُشكلة متى ما سكنت عقولهم غابوا، أن يكونوا ممتنين لكل كلمةٍ تنجح في إنارةٍ شعلةٍ صغيرةٍ داخلهم قد لا يلتفت إليها أحد.

 

علموهم أن الكبار يُخطئون كما الصغار، والدنيا أجمل خارج شبكات التواصل، والإعجاب بالشيء لا يعني أنه يُناسب، والكتابة بخط اليد أجمل.

 

علموهم أن يبحثوا لا أن يرضوا بالجاهز من كل شيء، أن الأمور الرائعة تأخذ وقتًا، والهواتف المحمولة ليست امتدادًا طبيعيًا لليد.

 

علموهم أن لا يلوموا بسهولةٍ، أن يحترموا كفاح الآخرين من حولهم، وأن الثقافة ليست في الكتب فقط، والزواج ليس غاية، وإهانة المرأة أكبر جُبن.

 

علموهم أن أن الخسارة تعني كسلًا لا فشلًا، أن الهزائم متى ما اعترفوا بها كانوا أكثر نزاهةً وصدقًا، أن " الإيموجي " عدو التعبير، والاسم المُستعار مُشكلة

علموهم أن كسب المعرفة والاحترام أنبل من كسب المتابعين على حسابات التواصل، علموهم أن يفكروا مرتين قبل أن يرشوا أحدًا، أو يضربوا طفلًا، أو يتجاوزوا إشارةً حمراء، أو يلوثوا شارعًا، أو يُلقوا أعقاب السجائر أرضًا، أو يغتابوا أحدًا.

 

علموهم أن أجمل انعكاسٍ للمرء في نفسه هو احترامه لذاته قبل غيره، أن رأس المال الحقيقي هو في محبة الناس، والتنازل قليلًا ليس عيبًا.   

 

علموهم أن لا ينتظروا " اللايك والريتويت "، علموهم أن " البلوك " لا يصلح دائمًا، وفلاتر " سناب " مهما جمّلتك فإن لن تجمّل حياتك، وأن الفتيات لا يحتجن وعودًا تقولها في لحظة حماس.

 

علموهم أن الله موجود في كل مكان، أن الأمور إذا ساءت فهذا لمعنىً يُريده الله، وإذا سارت فليس سوى لمعنىً أيضًا يُريده الله.  أن التطوع التزامٌ شخصي تجاه المجتمع لا مِنةً عليه، أن الصباح امتياز لمن يُدركه، وأن الموسيقى ليست مؤذيةً كما الحُب.

 

علموهم أن حدود الأوطان تبدأ من عقولهم، قول " أحبك " لمن يستحقونها فقط لا مجاملةً، أن التعلّق ليس كتهجئة الحروف. أن الخسارة تعني كسلًا لا فشلًا، أن الهزائم متى ما اعترفوا بها كانوا أكثر نزاهةً وصدقًا، أن " الإيموجي " عدو التعبير، والاسم المُستعار مُشكلة.

 

علموهم أن يتعاملوا مع الاختلاف كأملاح الطعام، ليس سببًا في الفرقة بل الحياة، علموهم بخفّةٍ إلى أي جهةٍ ينظرون، أن التحمّل ميزّة والسعادة ليست مخزونة دائمًا في الأشياء الكبيرة، والسخرية ليست حلًا. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.