شعار قسم مدونات

بوصلة قادة النهضة

blogs - compass
حركة التاريخ أكبر من عمر الإنسان الفرد، وقد يستغرق التحول التاريخي عشرات السنوات فلا يلحظه معظم البشر، عبر التاريخ نجد أن عواصم الحضارة تتحول باستمرار من مكان لآخر، فمن بابل لمصر لروما لأثينا لغيرها ترتفع عاصمة وتنخفض أخرى، وبعد الإسلام تحولت العواصم من المدينة لدمشق لبغداد ثم للأستانة، بينما في العصر الحديث نجد للأسف أن بلادنا لم تعد تحوي عواصم قرار عالمي، أو علمي، وصدق الشاعر حين قال:

أمتي هل لكي بين الأمم منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك و طرفي مطرق خجلا من أمسك المنصرم

لكن كل المؤشرات تدل على أن الأمة تريد وتسعى أن يكون لها مجدها الحديث ومكانتها بين الأمم وهناك كثير من المؤشرات تدل على ذلك منذ عشرات السنوات، و لعل أبرز المؤشرات على ذلك هو الربيع العربي، حيث شاهدنا بركاناً عربيا في كثير من الدول صاحبه نزول للشوارع للملايين من أبناء الأمة وصاحبه ضروب من الفداء و التحضر والشعارات الفطرية الرائعة التي عبرت عن أمة حية ومتجددة بحق. مخاض عسير طبعاً كلنا شعرنا بهذه المرحلة بعمق، إذ أننا عشناها وما زلنا فالمرحلة لم تنتهي بعد والملفت للنظر في هذه المرحلة شقين: 

1- العوامل الدولية

هناك تغيير كبير في صيرورة الأحداث التاريخية وتدافع رهيب بين البشر دولا وأفراد وهذا يعني أن لكل حدث خصوصيته وبالتالي يجب دائماً أن يبدع القادة في اختيار الحلول المناسبة.

هناك ولا ريب تخاذل عالمي رهيب من الدول التي يفترض أنها متحضرة وحديثة عن مساعدة شعوبنا في طريقها نحو الحداثة ونيل حاجتها الأساسية من حقوق الإنسان والحريات السياسية والفكرية والمادية إن لم نقل أن هناك حربا رهيبة من قبل تلك الدول، والتي يفترض أنها متحضرةعلى شعوبنا لتكريس الدكتاتورية السياسية والتخلف العلمي والحضاري على بلادنا.

2-  العوامل الذاتية الشعوب
 المواطنون العاديون قدموا أكثر من المطلوب منهم في هذه المرحلة، ولكن النخب والقيادات المفترضة في أمتنا لم تكن على قدر المسؤولية التاريخية في توجيه أو قيادة المرحلة، وما زالت النخب الحقيقية – وهي موجودة بالتأكيد – تعاني من أمراض، مازالت النخب أو القيادات الحقيقة للأمة لم تقم بما عليها تجاه هذه المرحلة الحساسة جداً من تاريخ أمتنا والتي إن نجحنا في إدارتها فستكون أمتنا مرة أخرى في مكانها الطبيعي بهذا العالم المتقدم تكنلوجيا الفقير جدا بالأخلاق والمثل الحقيقية على الأقل في ميدان الممارسة العملية.

وظيفة النخب والقيادات
النخب أو القيادات هي كالأطباء للمجتمع عليها أن تشخص حالة المرض والمريض بشكل صحيح أولا ثم تختار العلاج المناسب ثم تطبيق أسلوب العلاج على المرض ليتم الشفاء، مما سبق نقول أن القيادات هي من تجيد العمل والنهوض بمجتمعاتها ضمن الظروف الراهنة وبالوسائل المناسبة لتوصل مجتمعاتها إلى المكان الصحيح وإلا فلا تكون قيادات حقيقية وتكون عبارة عن مراهقين سياسيين لا يجيدون إلا النقد أو البكاء والعويل. ما يلزم للقادة أو النخب العمل عليه في الظروف الحالية:

1 – ملح القيادة
كما هو الطعام لا يأخذ نكهته إلا بالملح نجد أن كثيرا من الشخصيات مؤهلة علمياً ومهنيا وتملك كاريزما قيادية لكن ملح القيادة والذي هو الإخلاص للقضايا الكبرى والأخلاق مفقود لديها مما يجعل هذه الشخصيات تصبح قيادات مدمرة لأوطانها و لنفسها للأسف.

2 – فهم طبيعة القيادة 
فالقيادة قسمين: عمل شاق ودور ريادي يؤديه القائد فسيستحق عليه الثناء والتقدير وسواه من ميزات القائد، بينما الكثيرون يريدون الشق الثاني دون أن يضحوا أو يقوموا بواجبهم تجاه أمتهم.

 3 – الإبداع في الحلول
 هناك تغيير كبير في صيرورة الأحداث التاريخية وتدافع رهيب بين البشر دولا وأفراد وهذا يعني أن لكل حدث خصوصيته وبالتالي يجب دائماً أن يبدع القادة في اختيار الحلول المناسبة لكل مشكلة صغيرة كانت أم كبيرة.

4 – قضايا الساعة

النخب أو القيادات هي كالأطباء للمجتمع عليها أن تشخص حالة المرض والمريض بشكل صحيح أولا ثم تختار العلاج المناسب ثم تطبيق أسلوب العلاج على المرض ليتم الشفاء.

<> تعترض أمتنا حالياً مشاكل هيكليلة تحتاج إلى معالجة مباشرة بما يتناسب مع طبيعة الصراع الحضاري القائم حالياً وعدم الانشغال بالقضايا الهامشية أو الماضية، من هذه القضايا الوعي بتجاوز الفكر المنغلق حزبياً قطريا عرقيا لصالح فكر المواطنة العصرية في دول كبرى قوية متطورة وخاصة أننا في عصر الدول الكبرى كالولايات المتحدة والصين وأوربا الموحدة والذي تؤكل فيه مصالح الدول الضعيفة. ومنها أيضاً قضايا الأمة بين الماضي والمعاصرة وبين سلطة الأمة أم سلطة الأسرة وبين ترك الدين والجذور أم التعامل الصحيح معهما والطريقة المثلى للتقدم الصناعي والتقني دون تسليع البشر والمواطنين.

5 – بين الحكام والقادة
الحكومات السياسية الحالية لم تكن نتيجة انتخابات أو اصطفاء وإنما كانت نتيجة لظروف سياسية معينة مرت بها أوطاننا ولذلك يجب على النخب إيجاد الطرق المناسبة لتحسين أداء القيادات الحالية أو تغييرها نحو الأفضل حين الإمكان، بالتأكيد ليست الأفكار السابقة هي اللازمة والكافية للنهضة ولكن أعتقد أنها هامة جدا ويجب العمل عليها وتوسيعها قبل أن تضع المعركة الحضارية أوزراها وقتها لات حين مندم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.