شعار قسم مدونات

الحجاب لا يكفي..

مدونات - الحجاب

فرض الحجاب على المرأة المسلمة تكريما لها وليس إنقاصا منها وإعلاء لقيمتها وليس للحط منها وحماية لها من نظرات أشباه الرجال لها كعورة فقط ووقاية لها من أن تسقط في درك المهانة. ومن المؤكد أن هذا الحجاب يندرج ضمن منظومة قيمية لا تفصل بين النظري والتطبيقي. فالإسلام لم يأمر بالحجاب مع السماح بالانحلال الأخلاقي بل أمر به مقرونا بكامل الأخلاق. ومما لا شك فيه أيضا أن الإسلام حين فرض الحجاب لم يفرضه فقط لقيمته الرمزية كزي فقط أو كقطعة قماش على الرأس أو كلباس يستر معالم أنوثة المرأة بل لابد من سلوك متزن وأخلاق مصاحبة تليق بقيمته..

فهو قبل أن يكون رداء خارجياً يواري زينتها ومفاتنها فهو إعلان عن انقيادها التام واستجابتها المطلقة لأمر خالقها (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً). الأحزاب:59 ولو كان في ذلك مخالفة لهوى نفسها (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى).

 

إذا ارتدت المرأة الحجاب فلابد أن ينعكس لباسها على سلوكها وأخلاقها، باعتباره جزءًا من هويتها كمسلمة، فما بتنا نشهده في شوارعنا من مشاهد تحز في النفس يبين مدى عدم استيعاب بعض الفئات لقيمة هذه النعمة. فما معنى أن تجد فتاة محجبة في أماكن مشبوهة غير لائقة لكنها تستر شعرها بحجاب. وما معنى تلفظها بألفاظ لا تليق لا بأنوثتها ولا بتعاليمها ولكنها تستر جسمها بلباس محتشم. بالطبع لا علاقة لهذه المظاهر بالحجاب الذي أمرنا به. (فلا ذنب للعنب بما يفعله الخمر ولا ذنب للحجاب بما تفعله العاهرات ولا ذنب لـ (لحية) بما يفعله شيوخ النفاق).
 

لقد تشوه الحجاب لدرجة أصبح مجرد خرقة تستر بعض الشعيرات متناسيين بذلك أن الحجاب الظاهري لابد أن يرافقه الحجاب الباطني: حجاب النفس والروح عن المعاصي

ربما كله بسبب ثقافتنا (المغلوطة) التي في بعض الأحيان تحتم على الفتاة لبس الحجاب بمجرد وصولها سنا معينة وضغط الأهل عليها دون أن يحددوا لها معنى ذاك الغطاء أو قيمته. فهي بالتالي تتبع ما وجدت عليه أمها وجدتها فحسب. فهنا يأتي دور الأم في التربية أولا لأن التربية كل والحجاب جزء فالأمر يبدأ بالمتابعة والتوجيه بدل الإرغام والتشديد بعد ذلك تدرك الفتاة ما لها وما عليها وما هو معنى تلك القطعة بمضمونها العميق انطلاقا من مرجعيتها وتراكماتها مما تربت عليه من أخلاق.

لقد تشوه الحجاب لدرجة أصبح مجرد خرقة تستر بعض الشعيرات متناسيين بذلك أن الحجاب الظاهري لابد أن يرافقه الحجاب الباطني: حجاب النفس والروح عن المعاصي. وستر الجسم من الفتن غير كاف في الحقيقة ما لم يتوافق مع ستر الغرائز والشهوات. لقد أصبحنا للأسف نشوه قيمنا الإسلامية بأنفسنا. بأياد إسلامية وبعقول إسلامية تخدم مصلحة من ينتظرون الفرصة فقط ليفتحوا أفواههم وتصب في منحى كل الأمم إلا أمتنا الإسلامية. رغم أنه في الحقيقة يجب أن ينسب الخطأ إلى صاحبه وليس إلى الإسلام أو كل الأمة الإسلامية. وأخيرا فإن حجاب الجسم مهم، لكن حجاب الروح أهم وكل واحد منهما هو مكمل للآخر فلا بد من توفر الاثنين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.