شعار قسم مدونات

مخاوف فلسطينية مشروعة بعد قمة الرياض

BETHLEHEM, WEST BANK - MAY 23: In this handout image provided by the Palestinian Press Office (PPO) Palestinian president Mahmoud Abbas meets US President Donald Trump on May 23, 2017 in Bethlehem, West Bank. (Photo by PPO via Getty Images)
مخاوف عديدة أصابت غالبية الشعب الفلسطيني وهم يشاهدون الرئيس الأمريكي "دونالد ترمب" يضع حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" ضمن محور الشر وفق المنظور الأمريكي إلى جانب حركات تتهمها واشنطن بالإرهاب.

الهواجس الفلسطينية لم يكن منشؤها اتهام ترمب لحماس بالإرهاب فالإدارات الأمريكية المتعاقبة اعتادت اتهام حماس بالإرهاب ووضعت عددا من قادتها ضمن لائحة الإرهاب الأمريكية، لكن الانزعاج الفلسطيني بدا واضحاً بسبب طبيعة مكان وزمان ومناسبة الاتهام الذي سارعت مختلف الفصائل الفلسطينية إلى رفضه جملة وتفصيلا، بل وانطلقت حملات إلكترونية ذاع صيتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي استنكاراً ورفضاً لإلصاق تهمة الإرهاب بحركة حماس وقد حقق بعضها نجاحات ملموسة في فضاء العالم الأزرق.

المحزن فلسطينياً أن اتهام حماس بالإرهاب جاء في حضور السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وجرى التأكيد عليه مرة أخرى خلال لقاء ترمب بعباس في مدينة بيت لحم حين كال ترمب المديح لعباس على محاربته الإرهاب!

أولى الهواجس الفلسطينية كان بسبب المكان الذي انطلق منه الاتهام الامريكي حيث الديار الحجازية المقدسة والتي تهوي إليها أفئدة المسلمين جميعا بما فيهم أبناء حركة حماس والشعب الفلسطيني المسلم الذين اعتبروا ذلك تواطؤاً سعودياً لوسم مقاومة الشعب الفلسطيني بالإرهاب، خاصة وأن عموم الفلسطينيين ينظرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها داعما رئيسا لسياسات الاحتلال العنصرية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، فكيف بالمملكة العربية السعودية التي تُفاخِرُ برعايتها عموم المسلمين من أهل السنة والجماعة تسمح بصدور اتهام بالإرهاب لشعب عربي سنّي يقاوم احتلالاً عسكرياً غربياً لا يختلف مسلمان في شتى بقاع المعمورة على إجرامه.
 

الهاجس الثاني الذي أصاب الفلسطينيين كان بسبب تلفظ ترمب باتهاماته لحماس أمام حشد كبير من زعماء العرب والمسلمين الذين لطالما تغنى بعضهم في السابق بتأييده حق الشعب الفلسطيني في نيل الحرية وتقرير المصير، فإذا به يخرس لسانُه اليوم أمام ترمب، حيث بدا المشهد وكأن هنالك تأييداً من الزعماء كافة لهذه الاتهامات المجحفة، فهل الخوف من غضب ترمب دفع أولئك الزعماء إلى الصمت على هذا الاتهام؟ أم أن مواقفهم المساندة قد تبدّلت تجاه المقاومة الفلسطينية في المرحلة الآنية والمقبلة؟ سؤال سنعرف إجابته بكل تأكيد خلال الأسابيع المقبلة.

المحزن فلسطينياً أن اتهام حماس بالإرهاب جاء في حضور السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وجرى التأكيد عليه مرة أخرى خلال لقاء ترمب بعباس في مدينة بيت لحم حين كال ترمب المديح لعباس على محاربته الإرهاب!، وهو بالتأكيد يشير هنا إلى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي التي تفاخر عباس مراراً برفضه المطلق لأي من أشكالها حتى ولو كانت انتفاضة شعبية، متناسياً أن حماس التي ترفع برنامج مقاومة الاحتلال وتسيطر على أغلبية مريحة في المجلس التشريعي الفلسطيني فازت قبل أيام قليلة فقط بانتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت حيث المعقل السياسي للسلطة الفلسطينية في رام الله المحتلة مما يؤكد ثقلها السياسي المتزايد لدى أبناء الشعب الفلسطيني.

الهاجس الأخير الذي أصاب أبناء الشعب الفلسطيني هو توقيت اتهام ترمب الذي جاء عشية ثلاثة أحداث مترابطة، الأول هو تدشين مركز إسلامي مقره الرياض لمحاربة التطرف تحت اسم "اعتدال" واتهام ترمب الصريح لحماس هنا يوحي بأن محاربة المقاومة الفلسطينية ستكون ضمن الأهداف المُحتملة لهذا المركز، سيما بعد التغريدات التي أطلقها ناصر البقمي أمين عام المركز مُتَّهماً فيها جماعة الاخوان المسلمين بأنها حاضنة الجماعات الإرهابية، فمن غير المستبعد أن تُتٌهم حماس التي تُقِر أنها حركة فلسطينية ذات مرجعية إسلامية بهذا الإرهاب.

اتهام ترمب لحماس "التي تقاوم الاحتلال بشتى الوسائل المشروعة" عشية زيارته لدولة الاحتلال، يؤكد انحياز الإدارة الأمريكية التام لدولة الاحتلال، ويدمر الآمال الفلسطينية بحيادية الولايات المتحدة في الصراع العربي الإسرائيلي.

الحدث الثاني هو الإعلان عن نية تأسيس "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي" لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة مطلع العام المقبل، والمثير هنا هو تعميم اسم التحالف بما يسمح مشاركة إسرائيلية فيه، وأشير هنا إلى تصريحات ترمب التي جاءت بعد ساعات فقط من قمة الرياض وأكد فيها أمام رئيس دولة الاحتلال بأنه لمس مشاعر جيدة من خادم الحرمين الملك سلمان تجاه إسرائيل، فمن يضمن حال مشاركة دولة الاحتلال في هذا التحالف ألا تصبح المقاومة الفلسطينية في غزة هدفا عسكرياً محتملا له في المستقبل؟؟

أما الحدث الثالث فقد جاء اتهام ترمب لحماس "التي تقاوم الاحتلال بشتى الوسائل المشروعة" عشية زيارته لدولة الاحتلال، مما يؤكد انحياز الإدارة الأمريكية التام في عهد ترمب لدولة الاحتلال، ويدمر الآمال الفلسطينية بحيادية الولايات المتحدة في الصراع العربي الإسرائيلي طوال السنوات الأربع المقبلة.

ختاما ورغم المخاوف الفلسطينية المشروعة فإن الشعب الفلسطيني يؤمن إيماناً جازماً بحقه في مقاومة الاحتلال، وهو يُعَوِّل على علماء الأمة وأحرارها إسناد مقاومته المشروعة تجاه الاحتلال الإسرائيلي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.