شعار قسم مدونات

الطبقية عند المسلمين وأثرها في السياسة

blogs - مسجد
تناولنا في مقال سابق هنا في مدونات الجزيرة مسار الطبقية عند المسلمين من العرق إلى الدين ميل المسلمين لتكوين طبقات فيما بينهم، وقد أشكل على بعض القراء فهم ما نقصده مما أدى إلى سوء فهم بخلاف ما يهدف إليه المقال. والذي في الأساس يهدف إلى تحديد وتحطيم للأصنام الفكرية وبناء مجتمع يقوم على المساواة والعدالة بلا تمييز على أساس العرق أو النسب أو الدم. قد نجد العذر لصعوبة  تقبل ذلك لمخالفته لما اعتاد عليه الناس ولما استقر في أذهان كثيرين بأن الحياة لا تكون ولا تستمر إلا في ظل طبقات يعلو بعضها فوق بعض.
 
لم يتكلم المقال عن خصوصية أهل البيت؛ بل عن القداسة وباختصار غير مخل لا يقصد آل البيت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم حسب علمي نساؤه كما ذكرت آية سورة الأحزاب ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ ويضاف إليهم  أهل الكساء كما ورد في صحيح الحديث، وهم مع ذلك لم تكن لهم قداسة تعصم رأيهم وتجبر الصحابة على اتباعهم بلا دليل، وقد بسطت لنا الأحاديث في اختلاف الرأي عند الصحابة الكرام مع من ينتمون لبيت النبوة ما ينفي أي قداسة. أما عن الخصوصية فإني أحبهم لحب رسول الله لهم ولا أزيد إلى ذرياتهم كما فعل غيري ولا أقدس رأيا ذهبوا إليه بلا نص من كتاب الله وسنة نبيه.

و الخصوصية تشمل أهل البيت كما هو مبين أعلاه، ولكن لا تتوارث إلى أجيالهم كما هو الحاضر الآن، فكم من فقهاء وأعلام وقيادات مسلمة رفدت طريق المسلمين بالخير الكثير ولم يكن لها صلة أو نسب شريف كما يحلو للبعض أن يسميه. بل إن غالب علماء المسلمين الذين أضافوا وتركوا أثرا في علوم الشريعة  من لدن البخاري، مسلم، ابن ماجة، أبوحنيفة وغيرهم لا ينتمون للعرق العربي ناهيك عن بيت النبوة.

أمام المسلمين طريق طويلة من أجل إصلاح واقعهم السياسي والاجتماعي والديني. وعدم تجاوز معوقات الفهم القويم للدين قد يحول التدين بمفهوم الطبقات لمعوق حضاري بخلاف مقصد الرسالة المحمدية.

وأصل المقال موجه للمسلمين الذين صنعوا طبقات جديدة يطلبون الناس أن تتبعها وتخص ذرية الزهراء رضي الله عنها بذلك؛ بل وتحتج في أحقيتهم في الخمس والحكم والطاعة وتقبيل الأيادي بقصد البركة ويطلق عليهم الأشراف، كأن نسبا لا نبوة فيه غير شريف.

ولا أزال أعتقد حتى  اللحظة أن لا طبقية في الإسلام وأن الناس سواسية، في ظل زمان يحتج فيه بعض الملوك  في المنطقة العربية على أحقيتهم في الحكم وتملك رقاب الناس لنسب بالبيت النبوي، وفي ظل تاريخ قديم للمسلمين ممتلئ بمثل هذه الممارسات من لدن العباسيين والفاطميين إلى حاضرنا كما هو حادث في الأردن والمغرب، مع ما رافق تلك الممارسات من ظلم وسفك للدماء ونهب للأموال لها.

في حاضرنا تكررت مثل هذه الممارسات على طول البلدان العربية إما ملكا عضودا أو قداسة دينية توجب التبرك؛ بل أكثر من ذلك توجب الولاء السياسي كما يحدث في بلدي السودان الذي لم يسلم السلام الاجتماعي فيه حتى  اليوم من أثار الطبقية العرقية حتى جمع معها أخرى دينية.

أمام المسلمين طريق طويلة من أجل إصلاح واقعهم السياسي والاجتماعي والديني. وعدم تجاوز معوقات الفهم القويم للدين قد يحول التدين بمفهوم الطبقات لمعوق حضاري بخلاف مقصد الرسالة المحمدية التي جاءت لينزع الناس الأغلال التي كانت عليهم وينطلقوا في فضاء الحرية والعدالة، في عالم لا ينتظر أحدا ولا يحابي أحدا بقدر الحق الذي عنده بل بقدرة قوة الفكرة التي يحملها مع القوة المادية التي يمتلكها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.