شعار قسم مدونات

الأسرى.. أولوية المقاومة وليس الإعلام

فلسطين رام الله 30 نيسان 2017 عائلات شهداء تضرب عن الطعام تضامنا مع الأسرى في سجون الاحتلال

تتعدد التضحيات ولكن تبقى الحرية أعظمها، فهي أغلى ما يقدمه الإنسان في سبيل تحقيق أي قضية عادلة، لا سيما إنْ كانت هذه القضية تمس كياناً عظيماً بحجم الوطن، فلا شيء يعوض سنين الأسر إلا الحرية التي يسعى لتحقيقها الإنسان والوطن سوياً؛ في المقابل يُناضل الأسرى القابعين داخل زنازين الاحتلال الإسرائيلي بين فترة وأخرى من أجل استعادة جزء من كرامتهم المسلوبة داخل السجن، بسلاحهم الأوحد وأمعائهم الخاوية بالإضراب المفتوح عن الطعام.

إنّ الأسرى الفلسطينيين يتجاوزون في إضراباتهم عشرات الأيام، ويبقوا متمسكين بمطالبهم للحد من ظلم السجان، ولكنّ الحقيقة التي لا بد أن نقف أمامها أننا لا نوفيهم حقهم ولا نتضامن معهم سوى دقائق معدودة في وقفات احتجاجية لا يتعدى المشاركين فيها المئات في أحسن الأحوال، وعلى الصعيد الإعلامي نكتفي بموجات تضامنية موسمية وتقارير متفرقة لا ترقى لحجم المعاناة التي يمر بها الأسرى في ظلمة السجن.

وحتى نكون أكثر موضوعية، فإنّ إعلامنا يتسم بالموسمية أكثر من تجاهله التام لهذه القضية المهمة في تاريخ الشعب الفلسطيني، فنجده في يوم الأسير مرهقاً للغاية في متابعة الفعاليات التي تكثر في هذا اليوم، وعلى النقيض الآخر يوجد تقصير شعبي في التضامن مع هؤلاء الأبطال، فحينما نُسطر خبراً قصيراً عن معاناة الأسرى لا نجد اهتماماً من القراء.
 

لا ينبغي علينا إغفال من ينحت الصخر ويتخذ باطن الأرض ملجأ له في غالب الأوقات من أجل تحقيق حرية الأسرى، إنّهم أبطال المقاومة الذين قطعوا على أنفسهم العهد من أجل إنجاز هذا المبتغى الصعب

فالأزمات اليومية للمواطن جعلت قضية الأسرى لا تعتلي سلم أولوياته، بل إنها تلقى تعاطفاً محدوداً مع تجدد الصرخات الصامتة من خلف القضبان، في حين يتلاشى هذا التعاطف رويداً رويداً إلى أن يصل بلا أثر، تدور عقارب الساعة ليعيد الزمن نفسه في ارتفاع وتيرة الألم وصداه للأسرى الفلسطينيين دون محرك لساكن حتى وإن وصل الألم إلى قمة ذروته.

وفي المشهد الآخر لا ينبغي علينا إغفال من ينحت الصخر ويتخذ باطن الأرض ملجأ له في غالب الأوقات من أجل تحقيق حرية الأسرى، إنّهم أبطال المقاومة الذين قطعوا على أنفسهم العهد من أجل إنجاز هذا المبتغى الصعب، فهم لا ييأسون من تسخير كافة الأساليب والطرق الممكنة وغير الممكنة لاسترداد الحقوق المسلوبة وعلى رأسها قضية الأسرى.

فلهؤلاء الرجال تُرفع القبعة عالياً حتى تحقيق مبتغاهم ومن قبله وبعده، فهم ينالون شرف المحاولة وحتماً سيأتي اليوم الذي ينالون شرف الإنجاز بعد تبيض السجون من أسرى الحرية والكرامة، وحينها سيُثبت كل رجال فلسطين سواء من هم داخل السجون أو خارجها أنّهم جديرون بحماية كرامة الإنسان والأرض، وأنّه ما ضاع حقٌ وراؤه مقاتل بكافة الأساليب والتي من بينها "الأمعاء الخاوية".
 

إلى أن ينتهي هذا الاحتلال ويخرجوا جميعاً ليعانقوا شمس الحرية، يأمل الأسرى بأن يهتم الإعلام بقضيتهم وتسليط الضوء على معاناتهم بشكل مضاعف

إذن قضية الأسرى حاضرة بقوة بين سواعد المقاومة، فيما هي غائبة للأسف الشديد عن سلم أولوياتنا الإعلامية والشعبية، على الأقل في الوقت الراهن الذي تشهد فيه القضية الفلسطينية أخطر مراحل التصفية والتضييق واختلاق الأزمة الحياتية التي تمس بكرامة الإنسان وأسس حياته ولا تحترم كافة الأعراف الدولية المتسترة بالدفاع عن الحقوق الأساسية للإنسان.

وما بين كافة المشاهد السابقة ستظل قضية الأسرى الفلسطينيين مرتبطة بشكلٍ أساسي بوجود الاحتلال الذي يُمارس بشكل يومي اعتقالات يومية في مدن الضفة والقدس المحتلة، تُساهم في مضاعفة الأعداد القابعة في الأسر، وتفاقم المعاناة في ظل فرض إدارة السجون الإسرائيلية بشكل تعسفي دائم لا تعطي الأسرى أدنى حقوقهم المنصوص عليها في المواثيق والمعاهدات الدولية.

وإلى أن ينتهي هذا الاحتلال ويخرجوا جميعاً ليعانقوا شمس الحرية، يأمل الأسرى بأن يهتم الإعلام بقضيتهم وتسليط الضوء على معاناتهم بشكل مضاعف كثيراً عما هو الواقع الحالي، وتزيد رقعة التأثير لإيقاظ الحاضنة الشعبية من غفلتها عن قضيتهم الحاضرة الغائبة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.