شعار قسم مدونات

"الماء" على رأس الحكومة المغربية

blogs - morocco
بعد "بلوكاج سياسي" دام لستة أشهر، تشكلت الحكومة المغربية، برئاسة سعد الدين العثماني عن حزب العدالة والتنمية. وحكومة الائتلاف هاته ضمّت إلى جانب "البيجيدي"، خمسة أحزاب أخرى، تختلف مرجعياتها الفكرية والثقافية. بين ليبراليي التجمع الوطني للأحرار، ويساريي الاتحاد الاشتراكي، وكذا شيوعيي التقدم والاشتراكية. حتّى وصفها البعض بـ"حكومة شلاضة"، وهو تعبير بالدارجة المغربية، يشير إلى أكلة السَّلَطة، المختلف مذاق مكوناتها.

 

حزب العدالة والتنمية الذي تصدّر الانتخابات التشريعية، حصل على وزارات التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، والطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، والأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، والشغل والإدماج المهني. فيما يحصل التجمع الوطني للأحرار على وزارات الاقتصاد والزراعة والتجارة، والتي يتزعمها الملياردير "عزيز أخنوش"، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في الحكومة الحالية.

 

كثرت الوزارات بالمغرب، وكثُر عدد القائمين على الشأن السياسي، فأي مستقبل للمغرب بقيادة العثماني؟ وأي إصلاح سيحققه في حكومة الستة أحزاب، والتسعة وثلاثين وزيراً؟

الحكومة المغربية الجديدة لا تتّسم بتعدد المرجعيات والأفكار فقط، فهي أيضاً مساحة لتسعة وثلاثين وزيراً، بين 11 حقيبة وزارية للـ"بيجيدي" وسبع حقائب للتجمع الوطني للأحرار، وخَمْسٍ للحركة الشعبية، وبقية الحقائب للأحزاب الثلاثة الأخرى. والرقم "39" يذكرك بالأسعار التي ترفعها بعض المحلات التجارية، من أجل إيهام المشترين، فتضع لسعر المنتوج 39 دولاراً، بدل 40.

 

إن تعدد الوزراء وكثرتهم، ليس لغاية إلا في نفس يعقوب. ففي البلدان الديمقراطية والمتقدمة، يكون عدد الوزراء قليلاً، وستة منهم أو أربعة، يُسيِّرون بلداً بأكمله، ويُحسنون في تسيير كل القطاعات صنعاً. وإذا كان المغرب اليوم يرجو تكريس الديمقراطية، فالعبرة ليست بعدد الوزراء وكثرتهم، بل بالعمل على أرض الواقع، ومحاولة إصلاح كل الاختلالات التي خلفتها الحكومة السابقة، أو تلك التي كانت نتيجة تراكم تاريخي للفساد.

 

يبدو أن التشكيلة الحكومية الجديدة أولت اهتماماً كبيراً للماء والمياه، وقد يستغرب القارئ من جملة "الماء والمياه"، فلا فرق بين الكلمتين في الواقع، مما يعني أنه لا حاجة لوضع "الواو" بينهما. وحقيقة الأمر أن حكومة العثماني، هي من صنعت هذا الفرق. فقد تم وضع الماء في أكثر من وزارة واحدة.

فالمياه يشرف عليها كل من "عزيز أخنوش"، في وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، و"حمو أوحلي"، كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، المكلف بالتنمية القروية والمياه والغابات، و"امباركة بوعيدة"، كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، المكلفة بالصيد البحري. أما "الماء" فيشرف عليه في هذه الحكومة، كل من "عبد القادر اعمارة"، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، و"شرفات اليدري افيلال"، كاتبة الدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، المكلفة بالماء.

 

وأنت تكتب المناصب التي يشغلها هؤلاء في الحكومة الجديدة، تتساءل عن وضع "الفاصلة" التي ينبغي أن تُدرجها، وأنت تتحدث عن منصب شخصية واحدة. كثرت الوزارات بالمغرب، وكثُر عدد القائمين على الشأن السياسي، فأي مستقبل للمغرب بقيادة العثماني؟ وأي إصلاح سيحققه في حكومة الستة أحزاب، والتسعة وثلاثين وزيراً؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.