شعار قسم مدونات

كذاب يا سيادة المحايد

blogs - الحياد
يتحدث عن الوطنية وهو يَسبها، ويتكلم عن الأخلاق وهو متجرد منها، يلبس ثياب الواعظ والناصح تارة وثياب الحياد وحبُه للناس تارة أخرى، يستغل المعاناة لتحقيق أهداف خبيثة، وهو صادق في جملة واحدة "أنا فاضي" لذا هو "عامل قاضي"، يرى نفسه أحسن من كل الأفراد والجماعات، وأنّ بيده العصا السحرية لتفكيك الواقع المعقد، ويوهم نفسه قبل أن يخدع الآخرين أنّه غير منحاز لأحد.

سياسة مسك العصا من المنتصف، بل أسميها "مسك العصا من طرفيها"، فلا هو يعرف ماذا يريد، ولا هو يترك الآخرين للوصول لما يريدون، هؤلاء هم من ينزعون الشرف والإخلاص والوطنية عن الجميع ويقلبون الحق باطل والباطل حق، من خلال سياستهم الخبيثة بخلط الأوراق والحديث في الشرق والغرب باستخدام أدلة ليست في موضعها.

فعلاً إنّه مساء سيئ للغاية جعلني أقلب فكرة هذا المقال رأساً على عقب، بعدما تصادفت بداية تسطير كلماتي الجديدة مع بثين مباشرين حملا نفس المضمون بلسانين مختلفين، فمن أقذر الأساليب أنْ تستخدم معاناة الناس لتكسب تعاطفهم في لغو شخصي، نعم إنّه "لغو شخصي" مُجمّل بألفاظ قذرة لا تمس للاحترام الذي تتغنى به أبداً، ولا للعبارات المزينة أيضاً.

كلماتي لكل من هرب من معاناة وطنه وشعبه، وبدأ يرسم لنفسه دور الإنسان الوفي في زمن الخيانة، فلا تحكم على الجميع تحت غطاء أنّه طفح الكيل ولم يبقى مزيداً من الصبر.

لا تُخرجوا قذارتكم لتشوهوا تاريخ نَقش حروفه بالدم، فظلم الأموات أشد ظلماً من الأحياء، ولا تعكسوا وعاكم الخاوي على مجتمع مليء بمن يريد أن يعمل، فتعقيدات الواقع واشتدادها على مر السنين لن تُنسي الناس أصل الحكاية يا سيادة المحايد، ومن المضحك أنّهم يتقلدون دور الأبطال الذين انتفضت قلوبهم لقول كلمة الحق أمام جبروت الظُلّام، ولكن من محاسن الصدف أن يتحدثوا جميعاً من خارج معاناة الناس، ويزعمون أنّهم من الناس ويتشاركون معاناتهم، لذلك علا صوتهم بعد الصحوة الجديدة القديمة التي لا تفارق أجسادهم.

لم تكن أبداً هكذا رسائل الرفض والاحتجاج للواقع المعيشي الصعب، إنّما هي دعوات للتمرد والانتفاض وخلط الأوراق، وأمنيات صادقكم من قلوبكم المريضة لوصول الرمال المتحركة لكل ما هو ثابت في هذا العالم المتقلب، وما هو راسخ أنّ هذا التدليس ما هو إلا محاولة يائسة ضمن المحاولات الحثيثة لتحقيق ما عجزت عنه أساليب أخرى.

كلماتي لكل من هرب من معاناة وطنه وشعبه، وبدأ يرسم لنفسه دور الإنسان الوفي في زمن الخيانة، فلا تحكم على الجميع تحت غطاء أنّه طفح الكيل ولم يبق مزيداً من الصبر، بل انظر لنفسك أين كنت وأين أمسيت؛ ولطفاً يا سيادة المحايد تخلى عن أكاذيبك واحترم عقولنا قليلاً ولا تمارس سياسة "البروباغندا" الباهتة.

أخيراً أعتذر لكل قارئ على الأسلوب "الهجومي" في الكتابة، غير أنّني وجدت نفسي مُجبراً أمام هذه الفئة من الناس أنّ أشارك في المساهمة ولو بالقليل في دق ناقوس الخطر لوقف تضليلهم والحد من أكاذيبهم، في ظل سياسة مضاعفة أزمات ومشاكل العالم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.