شعار قسم مدونات

الأزمة اليمنية في دهاليز الأمم المتحدة

blogs - رئيس اليمن في الأمم المتحدة
ليس ثمة ما يلوح في الأفق ويشي بقرب الخلاص من واقع التضعضع وتحاوز حالة التيه الطاغية حاليا على المشهد اليمني ودينامية الفاعلين فيه، سواء على مستوى الفاعل المحلي المنقسم على نفسه إلى أجندات متباينة في إطار الحلف الواحد وبما يفيد التشرذم مقابل الوحدة، أو بالنسبة لحركة الفاعل الخارجي الذي يبدو في حالة عمى استراتيجي لا يعرف ماذا يريد ولا يجد طريقا للخلاص.

وفي واقع الأمر، يمتلك كل طرف من أطراف الصراع في اليمن من العوامل التي من شأنها استنهاض حوافز الصراع ودواعيه ويغيب لدى كل منهم شروط استجلاب عناصر الرؤية المتماسكة باتجاه الحل!حالة التخبط والتيه تلك تجد لها فضاء رحبا وبصمة بارزة في طريقة التعاطي الأممي مع الأزمة اليمنية، فعلى الرغم من معرفة الأمم المتحدة بالجوانب الجوهرية لبنية الصراع في اليمن، وبالتفاصيل الدقيقة المتحكمة بمسار الأزمة، ومن إدراكها بتركيبة أطراف النزاع والزاوية التي ينظر من خلالها كل طرف للدولة التي يتحقق بها مشروعه سواء كان يتلاءم مع مشروع الدولة بمفهومها الحديث، أو من ينظر لمرحلة ما قبل الدولة والعصبيات بحسبانها التجسيد السليم للدولة ما دام يخدم مشروعه.

تعاملت الأمم المتحدة معها القضية اليمنية بطريقة توحي أنها تفتقر إلى الإطار المرجعي المستند إلى بنية قانونية قوية منبثقة من صلب الميثاق الأممي 

وعلى الرغم أيضاً من سلامة الإطار المرجعي القانوني الأممي في إدارة الأزمة اليمنية، (بيانات وقرات الأمم المتحدة) وفقاً لما تخلقه الأحداث من بيئات يستعدى المنطق السليم للأمور حضور تلك المرجعيات بالكيفية التي ترى الأمم المتحدة والمنطق السليم أيضاً أنها السد المنيع الذي يفترض به أن يمنع تدفق سيول الفوضى على النحو الذي يهدد السلم والأمن الدوليين.

إلا أن التعامل الأممي في الواقع لا يجسد ذلك المنطق السليم وفقاً للأطر المرجعية تلك، فعند كل مرحلة يخلق من خلالها بيئات جديدة للمسار الكلي للأزمة اليمنية نتيجة للتفاعلات التي أفرزتها تحركات الفاعلين بمختلف مستوياتهم، تلك ذات الدافع الوطني والأخرى ذات البعد الإقليمي. تعاملت الأمم المتحدة معها بطريقة توحي أنها تفتقر إلى الإطار المرجعي المستند إلى بنية قانونية قوية منبثقة من صلب الميثاق الأممي وعززتها في الواقع التجارب السابقة للعمل الأممي في أكثر من بقعة على وجه البسيطة، وذلك يرجع إلى أن المحدد الخارجي يتشابك مع العوامل الداخلية، ويمتلك الكثير من وسائل التأثير، وبإمكانه أن يرجح مساراً ما من المسارات المستقبلية، لاسيما في ظل الانقسام والصراع بين القوى الداخلية، وصعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها اليمن.

تلك المعادلة بتركيبتها العضوية ذات الصلة بالأزمة اليمنية لا تحتاج إلى كثير من العناء للتدليل عليها؛ الأمر السهل القادر على إثبات تلك الدالة هو أن البيئة السياسية الجديدة التي فُرضت عقب انتهاء مؤتمر الحوار الوطني بالمخالفة لمخرجات ذلك الحوار، ولقرارات مجلس الأمن السابقة، وبما يشكل عقبة أمام استيفاء استحقاقات المرحلة الانتقالية، حيث تجسد الموقف الأممي آنذاك بالعمل على شرعنة ذلك الواقع باتفاق السلم والشراكة الوطنية، لأن رغبة القوى الكبرى كانت لا تتعارض مع ذلك الواقع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.