شعار قسم مدونات

العدو الأول

Members of the Iranian Revolutionary Guard carry the coffins of Iran's Revolutionary Guard Brigadier General Mohsen Ghajarian and other Iranian 'volunteers', who were reportedly killed in the northern province of Aleppo in the fight against the Islamic State (IS), during their funeral ceremony in the Tehran, Iran, 06 February 2016.

بات على المسلمين العرب إدراك أن العقلية المعوجّة التي رُبُّوا عليها في ظل أنظمة القمع والتسلط غير جديرة إلا بمزبلة التاريخ، لأنها عقلية لم تحمل في مضمونها أي مصلحة حقيقية لهذه الشعوب المستغباة، إذ حضّت في ظاهرها على التحرر ووجوب دحر الاحتلال، وفي باطنها الكذب والخداع.

 

لقد آن لنا بعد كل ما ألمّ بنا من خطوب وما اعترانا من ارتكاس أن نفكر خارج الصندوق ونشخّص المرض بشكل صحيح دقيق، كي نستطب بما يلائم.
 

قال كونفوشيوس "لا يمكن للمرء أن يحصل على المعرفة إلا بعد أن يتعلم كيف يفكر".

ما زال البعض -مع الأسف- مقتنعين أن لا جهاد إلا في فلسطين وأن الكيان الصهيوني عدونا الأول والأخير، متعامين عن السرطان الفارسي المستشري في جسد الأمة، المحتلّ للأحواز السنية العربية المتمدّد في العراق وسوريا ولبنان واليمن وبعض الخليج العربي، دافعه إلى ذلكم حقده على الإسلام وأهله منتعلاً مرتزقة طائفيين.
 

وقد ذكر الدكتور عبد الله النفيسي أنه التقى مع حسن روحاني في اجتماع رسمي في طهران عام 1992، حيث كان في لجنة الشؤون الخارجية لمجلس الشورى الإيراني. وقال له "الساحل الغربي من الكويت إلى عُمان تابع لإيران، وسيأتي اليوم الذي ستصبحون فيه مواطنين إيرانيين".
 

تحتل إيران أراضيَ عربية من خورمشار إلى بندر عباس مساحتها أكبر من مساحة فلسطين بستة عشر ضعفاً.

شاهدت منذ مدة مقطعاً مصوراً لأحد حاملي راية الجهاد يحتفل بما يسمى "يوم القدس العالمي" قائلاً "نتذكر هذا اليوم الذي أعلن عنه الإمام الخميني ذلك الثائر الذي قضى على الطاغوت في إيران. إيران الشقيقة تقف مع القضية الفلسطينية بكل قوة وإمداد. لا توجد معركة أشرف من معركة المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني"!
 

والعجب أن تجد من يسوغ له ولأمثاله ويدافع عنه بحجة "اضطراره" ووضعه الصعب، دونما التفات إلى خطورة قوله وشناعة نسْبة الإمامة إلى الخميني ونعت عدو العرب التاريخيّ اللدود بالشقيق، وحكر الشرف على مقاومي إسرائيل.
 

يقول المتنبي:

وَمَن يَجعَلِ الضِرغامَ بازاً لِصَيدِهِ … تَصَيَّدَهُ الضِرغامُ فيما تَصَيَّدا
 

لا أقلل هنا من أهمية مقاومة الكيان الغاصب، ولا أنسى المجاهدين الشرفاء الذين رفعوا رأس المسلمين عالياً بتمريغهم أنف العدو الصهيوني بالتراب. ولكن أنبه إلى أولويّاتنا وأن ثمة جهاداً مقدساً ضد العدوان الإيراني الحاقد يسقط فيه يومياًّ عشرات الشهداء والجرحى وتُمسح مدن وقرى ويسطر أبطاله الملاحم في سبيل الله؛ لتحرير الأرض والعرض من احتلال فاق مغتصبي فلسطين إجراماً.
 

يقول النفيسي "تحتل إيران أراضيَ عربية من "خورمشار" إلى بندر عباس مساحتها أكبر من مساحة فلسطين بستة عشر ضعفاً".
 

 يعود تاريخ احتلال الأحواز إلى 1925، إذ وجد المحتل الإيراني في هذه البلاد بُعده الاستراتيجي وكنزه الثمين الذي يؤمّن حوالي نصف الناتج القومي الصافي لإيران وأكثر من ثمانين بالمئة من قيمة صادراتها.
 

وقد قال الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي "إيران با خوزستان زنده است"، أي: إيران تحيا بخوزستان، (خوزستان: الاسم الفارسي للأحواز)، فهذه الأرض المغتصَبة من أغنى المناطق بالثروات الطبيعية، ويعيش فيها أفقر شعب.
 

حان وقت إسقاط المفاهيم النمطية الساذجة وتسمية الأشياء بمسمياتها ووقف الانجرار خلف الشعارات الطنانة الفارغة، ومعرفة الواقع جيداً بالتصرف بعقلانية وموضوعية بعد كل هذا المصاب، وإلا فلنبشرنَّ بعقود من التيه.

|فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" سورة الحج : 46.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.