اليمن.. دولة عريقة تعاني من الانقسامات والحروب

خارطة اليمن
خارطة اليمن (الجزيرة)

جمهورية عربية تقع جنوب شبه الجزيرة العربية، كانت موطنا لحضارات عريقة خلفت تراثا ثقافيا لا ماديا ومواقع أثرية بالغة الأهمية، كما كانت مسرحا للصراع الروماني الفارسي ثم العثماني البريطاني.

وورثت الاستقلال منقسمة إلى دولتين، وعانت من ويلات الحرب بين الشمال والجنوب ومع تنظيم القاعدة وجماعة الحوثيين، وإثر تباين الرؤى بعد ثورة الشباب في يناير/كانون الثاني 2011 أصبحت خريطة السيطرة موزعة بين الحكومة المعترف بها دوليا والمجلس الانتقالي الجنوبي وجماعة الحوثيين.

الاسم الرسمي

الجمهورية اليمنية

الاسم المختصر

اليمن

العاصمة

صنعاء

العاصمة صنعاء تتميز بمبانيها التاريخية العريقة والجميلة (الأناضول )

الأقاليم

ينقسم اليمن إلى أكثر من 20 محافظة، من أشهرها: صنعاء، وعدن، وحضرموت، ومأرب، وشبوة، وصعدة.

اللغة:

العربية (رسمية)

النظام السياسي:

جمهوري

اليوم الوطني

يحتفل الشعب اليمني بـ22 مايو/أيار يوما وطنيا، باعتباره ذكرى توحيد الجنوب والشمال عام 1990.

العملة:

الريال

الموقع:

تقع الجمهورية اليمنية جنوب شبه الجزيرة العربية وجنوب غرب آسيا، وتحدها شمالا السعودية، وشرقا سلطة عُمان، وجنوبا خليج عدن، وغربا البحر الأحمر.

المساحة

527 ألفا و968 كيلومترا مربعا.

المناخ

صحراوي

السكان

وصل عدد السكان في اليمن إلى 30 مليونا و555 ألفا و777 نسمة، حسب إحصائيات عام 2021، ووصلت نسبة النمو عام 2020 إلى 5% (بحسب الأرقام الرسمية للحكومة).

التوزيع العرقي

غالبية سكان اليمن عرب، مع وجود أقلية منحدرة من أفريقيا وجنوب آسيا، وبعض الأوروبيين.

الديانة:

يعتنق أكثر من 99% من الشعب اليمني الإسلام، وتوجد أقليات من طوائف دينية مختلفة، متمثلة في اليهود والبهائيين والهندوس والمسيحيين.

الاقتصاد

واجه اقتصاد اليمن صعوبات بالغة بسبب الحرب التي اندلعت بين حكومة الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي وجماعة الحوثي، واستمرت من عام 2014 حتى 2022، باستثناء فترة نمو وجيز ومتواضع عامي 2018 و2019.

وحسب تقييم صادر عن البنك الدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقد تأثر الاقتصاد اليمني مجددا بالتطورات التي حدثت بعد انتهاء الهدنة، وخصوصا خفض الحوثيين صادرات النفط وتراجع الطلب على الغاز المستخرج من المناطق التي لا يسيطرون عليها.

وبلغ الناتج المحلي الإجمالي في اليمن 21.05 مليار دولار عام 2023، وهو ما يمثل تراجعا مقابل 23.5 مليار دولار عام 2022، وهو العام الذي حقق نموا إيجابيا بنسبة 1.5%.

وتوقع البنك المركزي اليمني أن يشهد منحنى المستوى العام للأسعار ارتفاعا ملحوظا خلال عام 2022 بمعدل يتجاوز 29% مقارنة بـ26% عام 2021.

كما توقع تراجع التضخم إلى 16% مع نهاية 2023، أما عن التضخم فيتوقع المركزي أن يتراوح عام 2023 ما بين 15و20%.

الدَين الخارجي

5.635 مليارات دولار عام 2021.

الموارد والمنتجات

تتمثل أغلب الموارد الطبيعية لليمن في النفط والغاز والأسماك، والقطن، والمنسوجات، والبذور، والفواكه، والخضر، والبن، إضافة إلى بعض المعادن بكميات ضعيفة أهمها الرصاص والنيكل.

التاريخ

لا تتوفر معلومات كثيرة عن تاريخ اليمن في عهد ما قبل مملكة سبأ التي ظهرت قبل الميلاد بنحو 1000 سنة، إلا أن الدراسات التي أجريت على آثارها، ومنها خط المسند وبقايا سد مأرب وغير ذلك، تشير إلى أنها امتداد لحضارة يمنية سابقة كانت على قدر عال من التطور الثقافي والعمراني.

بينما تتباين الروايات التاريخية عن نزوح كنعاني إلى منطقة اليمن يفسر الارتباط اللغوي بين جنوب وشمال شبه الجزيرة العربية، وأخرى تتحدث عن أصول يمنية للعديد من القبائل التي استقرت بالشمال.

وخلال المراحل المتأخرة لمملكة سبأ استقلت عنها ممالك عديدة منها حضرموت وقتبان ومعين وحمير، مما أدى إلى حروب وصراعات استمرت لعدة قرون، إلا أن وضع سبأ كان أفضل عام 25 قبل الميلاد، وهو ما مكن من تحقيق الهزيمة المدوية للحملة العسكرية التي قادها حاكم مصر الروماني إيليوس غالوس بتكليف من الإمبراطور أغسطس قيصر.

ورغم أن بعض الحملات العسكرية التي غزت اليمن في القرنين الأول والثاني للميلاد واجهت الهزيمة، فإن الرومان المتحالفين مع مملكة أكسوم المسيحية في القرن الأفريقي تمكنوا من السيطرة على ميناء عدن وتوغلوا نحو مناطق داخلية ونشروا المسيحية في نجران والمخا ومناطق أخرى.

وبينما تدخل الفرس لدعم الحميريين كان اليمن خلال هذه الفترة، وخصوصا القرن السادس الميلادي، أحد مسارح الصراع الكبرى بين الإمبراطوريتين الرومانية والفارسية.

ومع ظهور الإسلام، سرعان ما خضع اليمن للحكم الجديد في العهد النبوي والراشدي والأموي والعباسي، الذي بدأت تظهر معه ممالك مستقلة منها دولة بني زياد والإمامة الزيدية ودولة بني يعفر وغيرها.

وحاول العثمانيون السيطرة الكاملة على اليمن إلا أن نفوذهم ظل محدودا في معظم مراحله بالمدن الكبرى.

وخلال يناير/كانون الثاني 1839 سيطرت بريطانيا على عدن لتبدأ حقبة الاحتلال الذي ظل محدودا على المناطق الجنوبية، بينما ظل شمال اليمن وعاصمته صنعاء تابعا للدولة العثمانية مع اعتراف نسبي بحكم الإمامة الزيدية وحالة استقلال تتمتع بها المجموعات القبلية، خصوصا خارج المدن الكبرى.

نحو الاستقلال

بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية عام 1918، بدأ الإمام الزيدي يحيى حميد الدين المتوكل في توسيع نفوذ إمامته (المملكة المتوكلية) مستعينا بأسلحة وذخائر تسلمها من الوالي العثماني محمود نديم بيك.

وشن الإمام الزيدي حروبا على القبائل المجاورة لإخضاعها، وحينما اتجه جنوبا نحو شبوة قصف البريطانيون جيوشه بالطائرات باعتبارها منطقة تابعة لهم وليست ضمن أراضي اليمن الشمالي بموجب اتفاقيات ترسيم الحدود في العهد العثماني.

واضطر الإمام يحيى لتركيز نفوذه في مناطق الشمال، وهو ما جعله يصطدم بملك نجد والحجاز عبد العزيز آل سعود فيما عرف بالحرب اليمنية السعودية عام 1934.

وفي فبراير/شباط 1948، اندلعت ثورة قادها ضباط وأفراد من العائلة المتوكلية الزيدية ومشايخ قبليون، كان من أهدافها تنفيذ انقلاب وإنشاء دستور مدني، وعلى إثرها قتل الإمام الملك وأصبح عبد الله حميد الدين إماما دستوريا.

وأفشل أحمد حميد الدين (نجل الملك القتيل) الثورة بدعم سعودي ومساندة أنصاره من القبائل، فأصبح ملكا جديدا وأفشل عدة محاولات انقلاب ضد حكمه أصيب في إحداها عام 1961.

وبعد وفاته، تولى ابنه محمد البدر حكم البلاد لمدة أسبوع واحد فقط، إذ اندلعت ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962، وأطيح به من طرف قائد الحرس الملكي عبد الله السلال، أول رئيس للجمهورية العربية اليمنية.

أما الجنوب، فقد ظل تحت الحماية البريطانية حتى تاريخ توقيع اتفاقية الاستقلال في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1967م باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، الموقعة بعد عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد البريطانيين.

الصراع والوحدة

بدأت بوادر الخلاف بين الجمهوريتين (الشمالية والجنوبية) في وقت مبكر، وكانت المناطق الحدودية مسرحا للاشتباكات في حرب عام 1972 التي انتهت بوساطة عربية.

وعاد التوتر بين الدولتين بعد حادثتي اغتيال الرئيسين الشماليين في أقل من عام: إبراهيم الحمدي يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول 1977 وأحمد الغشمي يوم 24 يونيو/حزيران 1978، وتولي المقدم علي عبد الله صالح الحكم، واتهم النظام الجديد جنوبَ اليمن بتدبير عملية الاغتيال الأخيرة.

وشهد عام 1979 تجدد الاشتباكات الحدودية بين شطري اليمن، ثم توقفت بوساطات عربية، ورغم توقيع اتفاق الوحدة بالكويت عام 1979، فإن تنفيذه لم يحدث قبل 22 مايو/أيار 1990.

وشهد الجنوب حالة من الانقسام على مستوى القيادات وأزمة اقتصادية خانقة يضاعفها تراجع الدعم المقدم من الاتحاد السوفياتي (السابق) الغارق في وحل أزمات ما قبل الانهيار، فأصبح علي صالح رئيسا لليمن الموحد وعلي سالم البيض نائبا له، وصنعاء عاصمة.

وعاد التوتر من جديد تحت عناوين عديدة: تهميش الجنوب، ومطلب الحكم الذاتي، وآلية توزيع المناصب والمسؤوليات، واكتشاف النفط في حضرموت… بينما تتحدث مصادر أخرى عن دور لعبته بعض الدول الإقليمية التي ترى في وحدة اليمن إضرارا بمصالحها، فاندلعت الحرب من جديد عام 1994، وأعلن البيض نفسه رئيسا لدولة جديدة سماها جمهورية اليمن الديمقراطية من عدن، لكن حكومة الشمال استطاعت السيطرة على المدينة وغادر البيض البلاد، وأصبح عبد ربه منصور هادي المنحدر من محافظة أبين في الجنوب نائبا للرئيس.

ولم تكن حرب الشمال والجنوب العنوان الوحيد لعدم استقرار اليمن خلال هذه الفترة من تاريخها، فقد شهدت البلاد بعد سنوات قليلة حربا بين الجيش وتنظيم القاعدة استمرت أكثر من 10 سنوات، كما اندلعت عام 2004 الحرب ضد جماعة الحوثي واستمرت حتى 2010.

ثورة الشباب

اندلعت ثورة الشباب اليمنية يوم 27 يناير/كانون الثاني 2011 مطالبة برحيل الرئيس علي صالح، وقد امتدت إلى كافة أنحاء البلاد، وهي ثورة تزامنت مع موجة الربيع العربي.

وتصاعدت قوة الثورة بعد انشقاق قائد الفرقة المدرعة الأولى اللواء علي محسن الأحمر، وعدة قادة عسكريين آخرين، عن النظام وانضمامهم للثورة، فضلا عن تحالف قوى ومكونات سياسية معارضة لإسقاط علي صالح، مع رفع سقف المطالب ورفض مبادرة تقدم بها الأخير وأيدتها الولايات المتحدة تتضمن الاستفتاء على دستور جديد والانتقال إلى النظام البرلماني.

وتوصلت قوى الثورة وعلي صالح إلى توقيع مبادرة سياسية قدمها مجلس التعاون الخليجي، وخضعت للعديد من التعديلات قبل أن تأخذ صيغتها النهائية، وبموجبها تنحى علي صالح عن السلطة مقابل حصوله على حصانة من الملاحقة القانونية والقضائية.

وأصبح منصور هادي رئيسا للبلاد عقب فوزه في انتخابات كان مرشحَها الوحيد، أجريت يوم 21 فبراير/شباط 2012، وبدأت مرحلة جديدة كان الحوار الوطني الشامل أبرز عناوينها.

انقسامات جديدة

لم تكتمل فرحة اليمن بمخرجات مؤتمر الحوار الذي دام أكثر من عام بمشاركة مختلف الأطراف، فقد قاطع الحوثيون الجلسة التي تقررت فيها الوثيقة النهائية يوم 21 يناير/كانون الثاني 2014 على خلفية اغتيال أحمد شرف الدين الذي كان يمثل الجماعة في مؤتمر الحوار الوطني.

وبدأت الجماعة حشدها العسكري والسيطرة على العاصمة صنعاء والاستيلاء على مؤسسات الدولة بدعم وتحالف مع علي صالح، فوُضع الرئيس هادي تحت الإقامة الجبرية بمنزله في صنعاء قبل أن يتمكن من الهروب يوم 20 فبراير/شباط 2015 والوصول إلى عدن التي وصل إليها الحوثيون فاضطر للهروب إلى السعودية في 26 مارس/آذار.

وأعلنت السعودية عن عملية عاصفة الحزم لإيقاف تمدد الحوثيين، كما أصدر مجلس الأمن الدولي رقم 2216 القاضي بانسحاب الحوثيين من العاصمة صنعاء وتسليم مؤسسات الدولة لحكومة هادي وتسليم السلاح المنهوب من معسكرات الدولة.

ولم تصمد خارطة التحالفات طويلا في اليمن ما بعد الثورة، فقد أعلن علي صالح انتهاء تحالفه مع الحوثيين، فاغتالوه يوم 4 ديسمبر/كانون الأول 2017 رفقة عدة شخصيات مقربة منه.

ومن جهة أخرى، حدث انشقاق داخل حلف الرئيس هادي، فبعد إقالة محافظ عدن عيدروس الزبيدي ووزير الدولة هاني بن بريك، خرجت مظاهرات واسعة بالمدينة يوم 4 مايو/أيار 2017 ضد القرار. وأعلن الزبيدي عن تشكيل "المجلس الانتقالي الجنوبي" وسيطرت قواته على مؤسسات الدولة في عدن وقصر المعاشيق الرئاسي يوم 10 أغسطس/آب 2019، ووقعت الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي اتفاقا مطلع يوليو/تموز 2021 تضمن تفعيل دور مؤسسات الدولة، إلا أن معظم هذه البنود ظلت حبرا على ورق مع تنازع السيطرة بين الأطراف الثلاثة: الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي والحوثيين.

المصدر : الجزيرة