شعار قسم مدونات

حديث القوائم

blo - palestine
 

تنشغل الأحزاب والفصائل الفلسطينية برسم قوائمها الخاصة بالانتخابات المحلية، وتلقى هذه الحالة رواجاً في الأندية السياسية والثقافية والاجتماعات والملتقيات الحزبية في نشاط حزبي غاب عن الساحة الفلسطينية منذ آخر تجربة تشريعية قبل عقد من الزمن، ووصلت هذه الحالة أخيراً إلى مجالس العائلات، وباتت تستقبل العائلات الفلسطينية الأحزاب في ظلال الانتخابات المحلية.
 

هذا السجال الحزبي المتعلق بالدرجة الأولى بحركتي فتح وحماس والمنافسة بينهما، يخضع لعوامل مهمة في هذه المرحلة من الصراع الانتخابي وخلال تشكيل القوائم الانتخابية واشتعال سوق الدعاية الانتخابية.
 

التجربة الانتخابية الأخيرة للبلديات في سبعينيات القرن الماضي هي تجربة هامة يمكن المرور عليها واستخلاص العبر منها في واقعنا المنقسم

تسارع الفصائل الفلسطينية لترتيب أوراقها على مستوى محافظات الوطن في عقد اتفاقات انتخابية مع العائلات الفلسطينية يشكل استحضار واضح للنزعة القبلية -التي تحاول الصمود أمام الفصائل- بعد تعرضها لتنامي الأحزاب الفلسطينية على حسابها خلال السنوات الأخيرة لتحاول مجددا استعادة الموقف -وإن كان بالحدود الدنيا- بعد الاعتراف الضمني من الفصائل بفشل كادرها وبحثها عن المختصين والمهنيين وحاجتها للعائلات في دعم تحالفاتها وقوائمها.
 

الإعلان الصريح من مجمل الفصائل البحث عن مهنيين وشخصيات تكنوقراط في تشكيل القوائم التي تنوي تشكيلها أو دعمها هي مناورة واستجابة من الفصائل للشارع الفلسطيني الذي بات متشككا من الوعود التي تعلنها الفصائل في برامجها الحزبية، مع التزام أبناء الحزب نسبيا بالقرار الحزبي!!
 

واستناداً إلى ما تقدم تطفو إلى السطح قوائم المستقلين (الذين لا يمكن تحديدهم بطريقة واضحة إلا من خلال الفلسفة الحزبية السائدة، والتي تعبر عن المستقل في كونه لا يحمل بطاقة عضوية لأي من الأحزاب)، أو الدعوة لتشكيل قوائم عائلات بعيدا عن التدخل الحزبي المباشر في تفاهمات قبلية.
 

التجربة الانتخابية الأخيرة للبلديات التي سبقت نشأة السلطة الفلسطينية في سبعينيات القرن الماضي هي تجربة هامة، يمكن المرور عليها واستخلاص العبر منها في واقعنا المنقسم، والذي لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه في ظل الحاجة الشعبية للمصالحة والوحدة، والحق الحزبي في الدعاية الانتخابية القائمة علي الانحياز للقرار الفصائلي.
 

فقد سمح الاحتلال بإجراء الانتخابات وفازت بها شخصيات وطنية، وسعت إسرائيل من خلال هذه الانتخابات للبحث في كشف رصيد منظمة التحرير الفلسطينية ، ولنجد تقدماً واضحاً للشخصيات الوطنية التي شكلت لجنة التوجيه الوطني من رؤساء البلديات الوطنيين.

غير أن أهم ملامح هذه التجربة أن الجسم الداخلي الفلسطيني كان أكثر تماسكا من الآن، بل وأسفرت نتائج الانتخابات عن نقل تجربة لجنة التوجيه الوطني المشكلة من رؤساء البلديات إلى فلسطيني الداخل، في رسالة وحدة لمكونات الشعب الفلسطيني ليشكلوا لجنة التنسيق الوطني والتي كانت بمثابة قيادة سياسية وطنية، لاحقتها إسرائيل وقامت حكومة بيغن بحلها عام 1980 لدورها وفعلها النضالي في قيادة الجماهير.
 

مشاهد الانتخابات ومن شارك فيها وفاز بنتائجها، تعطينا محددات أساسية يجب الوقوف عندها وهي أن الانتخابات مصلحة حتى تصالحنا

أفرزت انتخابات البلدية في عام 1972 كريم خلف رئيسا لمجلس بلدي رام الله ، تعرض علي إثرها للإقامة الجبرية ثم النفي حتى استشهد.
 

كذلك في انتخابات 1976 فاز المناضل بسام الشكعة برئاسة بلدية نابلس، ليلاحقه الإرهاب الإسرائيلي حتى أصيب وتعرض للإعاقة.
 

نماذج التضحيات التي قدمها من فاز بانتخابات البلديات حاضرة وبقوة، لأنهم بالدرجة الأولي هم أبناء القضية وهمها، ومنهم كذلك إبراهيم الطويل، وقد كشف الإعلام الإسرائيلي بعد ذلك، أن منظمة سرية كانت تهدف إلى اغتيال رؤساء البلديات في مطلع الثمانينات عبر تفجير سياراتهم.
 

هذه الإشارات لمشاهد الانتخابات ومن شارك فيها وفاز بنتائجها، تعطينا محددات أساسية يجب الوقوف عندها وهي أن الانتخابات مصلحة حتى تصالحنا، وكشف الحساب للأوزان الفصائلية المترتبة عليها هو رسالة أولاً للأطراف الداخلية بمستواهم لدى الشارع، وثانياً للإقليم وأطرافه الحاضرة بقوة في ساحتنا الداخلية، وثالثاً لإسرائيل.. ومن المهم هنا أن الفت الانتباه أن نتائج الانتخابات المحلية في السبعينيات أفضت في ختام تفاصيلها إلى اتفاق أوسلو.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.