شعار قسم مدونات

كلنا عرب.. لكننا صخور صماء

Buses are seen parked in Aleppo's government controlled area of Ramouseh bridge, as they wait to evacuate civilians and rebels from eastern Aleppo, Syria December 15, 2016. REUTERS/Omar Sanadiki TPX IMAGES OF THE DAY

حلب تباد وليس لنا من أمرنا ما نمنع به هذا الهراء. إنه مشهد تنزف فيه الحروف.. وتتوقف له دقات القلوب.. وتمطر أعيننا دما من مجرد قسوة ما نراه من مشاهد في صور على مواقع التواصل الاجتماعي من شدة هذا البلاء..

ماذا بأيدينا نحن الشعوب العربية الضعيفة في بلادها.. فنحن لا نستطيع مساعدة أنفسنا من ظلم نراه حيا يكبر فى بلادنا، فهل سنستطيع مساعدة غيرنا؟

وما أشبه الليلة بالبارحة فها هي فلسطين.. بغداد.. أحداث رابعة بمصر.. وكل مكان محتل.. والآن حلب. رائحة الموت أصبحت تفوح من أرضك لسمائك يا حلب أشلاء أبنائك ها هنا وها هناك، لا تجد من يزيحها جانبا..  كلمات نسطرها بأدمعنا.. والأخبار المتلاحقة.. وصور الجثث والأشلاء نتشاركها..

ليس بأيدينا غير قراءة عدد الشهداء هل هم ألف أم عشرة آلاف.. لا والله بل هي بلد بالكامل تباد..  بدأت أتصفح الأخبار.. ورأيت صور تشيب لها الولدان.. صور شيوخ وأطفال ونساء.. انهارت دموعي.. دمعة تلو الأخرى، تخيلت لوهلة إن كنت سأتحمل أن تكون تلك اللقطات لمن أحبهم!

هل سأتحمل أن ألاقى هذا في بلادي!! هل سأتحمل أن أكون مكان هذه الأم التي تصرخ وتحمل ولدها المشطور نصفين، أو تلك السيدة التي تصف عشرات الأطفال المتوفيين الذين ينزفون دما.. وتنتظر موتها بجانبهم!

هل سأتحمل أن أرى نفسي أركض بين كل هذا الخراب.. أركض وأركض حتى أحاول الاختباء لبضع ساعات أخرى قبل أن يتم اغتصابي من قبل الأعداء! هل سأستطيع أو يستطع أحد تحمل مجرد ذلك التخيل فقط! هل سيتحمل أي رجل في أي بلد غير حلب وكل مكان محتل ما تحمله رجال أهل حلب؟

هل سيتحمل أن تبيد الإبادة رجولته أمام ذويه وهو واقف لا يستطيع حراكا للدفاع عنهم؟ يراهم يقتلون، يراهم يقطعون أشلاء، يرى نساءه يغتصبون وهو مكبل تحت غيابات الطغيان.. يا إلهي ماذا نرى؟ هل قامت القيامة عندهم؟ هل قامت القيامة عندهم؟

ماذا بأيدينا نحن الشعوب العربية الضعيفة في بلادها.. فنحن لا نستطيع مساعدة أنفسنا من ظلم نراه حيا يكبر فى بلادنا، فهل سنستطيع مساعدة غيرنا؟

ماذا بأيدينا غير الدعاء لكم، ماذا بأيدينا غير الهاشتاغات؟ ماذا بأيدينا غير الدمعات ماذا بأيدينا غير أن ندعو الله ألا نلقى فى يوم ما مررتم به؟

إن حياتكم لا تليق بنا يا ملائكة الأرض، فبسبب تخاذل تلك الأمة، أصبحنا على مشارف أن نودع الإنسانية وداعا أبديا من هذا العالم "الأحقر" على الإطلاق؛ عالم النفوذ والسلطة والتخاذل والضعف.  إنهم ربع مليون حلبي، دماؤهم برقبة هذا العالم المجرم المتآمر عليهم

على من نلقي اللوم لوم؟ أنلوم شعوب عربية برجالها ونسائها منكسرة تلاقي ظلما فى بلدانها، وغير قادرة على مكافحته وليس لهم من دون الله كاشفه.

أنلوم أنفسنا على عدم لحاقنا بإخواننا لتحريرهم؟! أم نلوم حكامنا الذين غطوا رؤوسهم فى التراب عن أدوارهم ناحية إخوانهم لما لهم من سلطة وقرار، وتخليهم عن المروءة!

كلنا عرب.. ولكننا صخور صماء، على من يقع اللوم يا بشر؟! نحن أضعف من هذا وذاك. سامحونا أهل حلب!! سامحونا أهل فلسطين، وليسامحنا كل من لم نستطع مساعدته، فنحن أضعف من أن نملك من أمرنا شيئا لأنفسنا حتى نملكه لكم.

يكفيكم شرفا أنكم أقمتم الحجة علينا، ولكن أستحلفكم بالله ألا تشتكوا إخوانا لكم ضعافا إلى الله. أنتم لم تقيموا الحجة علينا نحن المسلمين فقط بل أقمتموها على العالم أجمع، حيث تجردت كل معاني الإنسانية والفضيلة.

أشهدك يا الله أننا شعوب ضعيفة، ولسنا على نصرة إخواننا فى حلب بقادرين، فلا تذلنا وارحم عجزنا وتولهم وانصرهم. 

وسيذكرنا تاريخنا الإسلامي لاحقا تخاذلنا كأمة إسلامية، وسيصبح ذلك التاريخ وشما على جباهنا. وما زلنا ولا نزال غير قادرين إلا على أن نسطر بعض الكلمات.. ونكتب أبيات من الأشعار والكثير من الهشتاغات.

وعمليا نساهم بالمساعدات المالية لإخواننا اللاجئين، وإيصال الحقائق من الأخبار، وندعو ونتضرع لله الواحد القهار فسهام الدعاء لا تخيب رجاء كأقصى ما يمكن أن تقدمه لكم نفوسا أضاعتها حكوماتها فى عالم الظلمات..

لكم الله أهل حلب.. ولنا الله على ما سنلاقيه بعدكم.. اللهم إني أتذكر قول رسولنا الكريم "من أُذلّ عنده مؤمن فلم يَنْصُرْه وهو قادرٌ على أن ينصُرَه أذله الله عزّ وجلّ على رؤوس الخلائق يوم القيامة".

فأشهدك يا الله أننا شعوب ضعيفة، ولسنا على نصرة إخواننا فى حلب بقادرين، فلا تذلنا وارحم عجزنا وتولهم وانصرهم، وتولنا وأفق هذه الأمة إنك على كل شيء قدير.

ولا أجد ما أقوله لنفسي كعزاء على ما يحدث فى الأمة كمبرر أدافع به عن تقصيري أمام الله يوم قيام الأشهاد، غير أن تسامحني يا الله ويقيني وحسن ظني بك لا حدود له. رغم أن حلب تباد. لكنها لن تسقط بإذن الله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.