شعار قسم مدونات

لا نملك لهم إلا الدعاء.. الجواب خاطئ!

blogs - syria
في كل مرة تقع فيها كارثة أو حرب أو مصيبة في إحدى الدول العربية -وما أكثر المصائب- يسارع الناس لنشر آراءهم بطريقتهم المعتادة عبر تطبيقات الهواتف الذكية أو برامج ومواقع التواصل الاجتماعي، وكثيراً ما يستخدمون هذه الجملة المسمومة "لا نملك لهم إلا الدعاء".

سنتجول سوياً حول بعض المعاني والأفكار، لنرى صواب هذه الجملة من عدمه. بالرغم من فقدان معظم الشعوب العربية الثقة بحكامها.. إلا أنه يبقى لدينا أمل ببعض القوى وأصحاب المسؤولية وبعض صنّاع القرار.

فعلى سبيل المثال.. إذا كان المواطن البسيط لا يستطيع أن يغيّر ما حوله بيده، يستطيع أن يخبر قريبه أو أحد معارفه من ضباط الشرطة مثلاً، ويشرح له قضيته التي يعيشها والتي تحتاج حلاً عن طريق تعميم رواية من يعيشونها، وليس ما يريده الإعلام العام المملوك للدولة.

ومن هذا المنطلق.. يستطيع الوزير أن يفعل ذلك، وكذلك السفير من سفرائنا العرب حول العالم -وما أكثرهم- إما أن يؤثر بقضية ما مباشرة، أو يستقيل ليعرف الناس والمجتمع قيمة هذا الموضوع وهذه القضية.

الجميل في الحياة.. أن الدنيا دوّارة، وأنه كما تدين تدان، ولا يوجد ظلم أو احتلال عبر التاريخ استمر إلى الأبد.

إن ما ينبغي علينا فعله، هو البحث عن الشرفاء في زمن قلّ فيه الشرف، والبحث عن الأمناء في زمن ضُيّعت فيه الأمانة -إلا ما ندر- ، والتمسك بحقنا في الحرية وحقوق العيش الكريم في زمن تراجعت فيه الحريات بشكل مخزي.

إن الفراغ الذي نعيشه اليوم في العقل العربي الحديث، هو السبب الأساس برأيي لمعظم أزمات مجتمعاتنا. إذ لا يكفي أن تحمل شهادة جامعية لتكون واعياً ومثقفاً.. فالثقافة "الجماهيرية" إن صح التعبير، هي وعي الناس أو شريحة كبيرة منهم، بأغلب القضايا التي تخص مجتمعهم وفي شتى المجالات.

ثمّ، يا من تقول بصيغة الجمع "لا نملك لهم إلا الدعاء"، من قال لك ذلك! ومن أين عرفتَ أننا جميعاً لا نملك ما نقدمه لأصحاب قضية معينة أو كارثة عاجلة.

لو كان هذا صحيحاً.. لتوقفت فرق الإطفاء والدفاع المدني في حريق ما، تنظر أمام الأشجار والمباني المحترقة، وتدعو دعوتين وتبتهل، من دون الأخذ بالأسباب واستخدام خراطيم ومعدات الإطفاء!.

إن ما يمكننا فعله خلال مسيرة حياتنا هو الكثير الكثير، ولكنّ ذلك لا يحدث ولن يحدث إلا إذا أقنعنا أنفسنا بأننا قادرين على فعل ذلك وتحقيق الكثير من الإنجازات والتأثير الفعّال على أنفسنا وعلى محيطنا. هناك مقولة لأحد علماء التنمية البشرية -لا يحضرني اسمه الآن- يقول " لو أننا فعلنا ما نحن قادرون على فعله لصعقنا أنفسنا" .

الجميل في الحياة.. أن الدنيا دوّارة، وأنه كما تدين تدان، ولا يوجد ظلم أو احتلال عبر التاريخ استمر إلى الأبد.

إن من قوانين الفيزياء التي أكدها العلم: لكل فعل رد فعل، مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه.

فليعلم من يقود حملة "تدمير" على مشرقنا العربي.. هذا الشرق الزاخر بالحضارات والتاريخ والعلوم، أنه سيأتي يوم وترتد هذه القوة عليه و تذيقه مما أذاقنا إيّاه.. وأراه قريباً يلوح في الأفق.

ختاماً.. مهما تكالبت علينا الأمم لتغزو شرقنا العربي، أو أثيرت النعرات لتركيع غربنا، أو هبّت حملات معادية على جنوبنا.. سيبقى الوعي والمعرفة بأعدائنا هو السلاح الأول، وهو منقذنا.

وإلى من استغثنا به يوماً فقال لنا: لا نملك لكم إلا الدعاء.. توقف، توقف بالله عليك؛ فأنت مخطئ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.