شعار قسم مدونات

السيسي يدفع "أبو كيرلس" للنزول ضده!

blogs - egypt Army
مصر فوق صفيح ساخن.. هذه حقيقة وليست مجازاً، وبدلاً من أن يسعى عبد الفتاح السيسي إلى "تبريد" الأوضاع وتخفيف الاحتقان و "لَم الدور"، راح يلقي الحطبَ في الموقد وكأنه يريد اشتعالا كاملاً أو خلاصاً تاماً من القرارات التي قد تشعل الشارع في وقت آخر؛ السيسي قرر دخول المأساة من أبوابها على ما يبدو.
 

قبل يومين أو ثلاثة تقريباً كنت أتحدث مع صديقي المسيحي "الأنتيم" "أبو كيرلس"، في مسألة "11/11″، وقد رأيت في ملامحه قلقاً لا يخفى على أحد، وهو يقول "والله انتو عايزين تخربوها.. طب ولو السيسي مشي مين هيجي بعده؟".
 

قراران خطيران أججا المشهد، أولهما كان قرار تحرير سعر صرف الجنيه في مقابل الدولار، والثاني كان رفع أسعار الوقود بنسبة وصلت إلى "45" بالمئة.

يقترب الحادي عشر من نوفمبر- تشرين الثاني، فيهوي السيسي على رأس مواطنيه بقرارين موجعين "تحرير سعر الجنيه ورفع أسعار الوقود" في موضع واحد شديد الحساسية "جيبهم" وفي يوم واحد أيضاً، في تجاهل تام وغريب للمثل الشعبي القائل "ضربتين في الراس توجع!" يُخيَّل إلي أنه اتخذ القرارات وهو يردد: "والنبي تدوني الولاعة عايز أولع مصر بحالها".
 

قراران خطيران، أولهما كان قرار تحرير سعر صرف الجنيه في مقابل الدولار، والثاني كان رفع أسعار الوقود بنسبة وصلت إلى "45" بالمئة.
 

ورغم أنها قرارات متوقعة إلا أن توقيت اتخاذها كان مثيراً للتساؤلات، فقد أقرت الحكومة الأمرين في وقت يفترض أنها تسعى فيه لتهدئة الشارع الذي يتنادى بالنزول يوم "11/11" في "ثورة غلابة".. السيسي غير مكترث بغضب الناس إذن، لكنه حرر سعر الجنيه في آخر يوم في الأسبوع "على غير المعمول به عالمياً" ورفع أسعار الوقود في منتصف الليل، وكأنه يتعامل بمنطق "اضرب واجري"، أو بمنطق "نكَّد عليهم يوم الخميس"، الإشكالية أن يوم الخميس هو آخر ما بقي للمصريين من أمل في بعض الروقان، فهو كما سمونه في قريتنا "عيد الحَلَّة".

 

يقترب الحادي من نوفمبر .. فيرسل السيسي الدولار للسماء السابعة تاركاً الجنيه تحت الأرض، وذلك بعد ساعات من تأكيدات إعلاميين مصريين مواليين له بأن الحكومة بصدد اتخاذ قرارات ستكسر عنق الدولار، وبعد دفع كل من لديه مدخرات دولاريه للتخلص منها قبل أن يأت الطوفان عليها، وبعد يوم واحد من تهاوٍ سريع وغريب أفقد الدولار أكثر من ثمانية جنيهات في السوق السوداء، في عملية "نصب" واضحة على المصريين؛ "جات الحزينة تفرح ما لقتلهاش مطرح".. هذا حال كثيرين.
 

يقترب الحادي عشر من نوفمبر .. فـ"يَنشِلُ" السيسي جزءاً من مدخرات الناس بعد لعبة "قذرة" مررها من خلال أذرعه الإعلامية، فدفعت البسطاء والحمقى ممن يستمعون لـ"أحمد موسى" إلى تبديل ما لديهم من مدخرات دولاريه بثمن بخس، ثم يأتي على ما تبقى معهم من مال ومرتبات شهرية ليفقدها نصف قيمتها "الجنيه فقد "48" بالمئة من قيمته السوقية".
 

صحيح أن القرارات كانت متوقعة ومعروفة سلفاً، لكن أحداً لم يكن يتوقع أن تصدر على النحو، ولا في هذا التوقيت الحساس؛ خاصة مع اقتراب يوم"11/11″، الذي يتنادى المصريون للتظاهر فيه ضد السيسي رفضاً للغلاء والفقر.
 

ضربتان موجعتان في رأس وفي يوم واحد، ومن رجل يفترض أنه يسعى لتخفيف الاحتقان المتزايد لدى شعب يواجه ارتفاعات متتالية للأسعار وانهيار مدوي للعملة والاقتصاد المحلي جعلت تلبية دخل الغالبية العظمى من المصريين للحد الأدنى من متطلباتهم الأساسية، أمراً شبه مستحيل، لكنه فعلها تاركاً أبواب الدهشة والتساؤلات مفتوحة على مصراعيها.
 

ماذا يريد هذا الرجل؟ هل يدفع الناس للثورة عليه؟ أم هو يخرج لسانه لهم وهو يقول "بالجزمة؟"،لا أعرف!
 

في صباح يوم الجمعة، قال رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل "إن رفع الدعم كان مخططا له "5" سنوات لكننا لا نملك هذه الرفاهية"، انتهى كلام رئيس الحكومة ولك أن تضع كل ما تريده من علامات الاستفهام.
 

يقترب الحادي عشر من نوفمبر .. فترسل الحكومة خطابات للمؤسسات الحكومية تؤكد فيها على ضرورة حضور الموظفين لمقار أعمالهم رسمياً يوم الجمعة المقبل "11/11″، حضور في الثامنة وانصراف في الرابعة، وكل من سيتغيب عن العمل أو ينصرف قبل موعد الانصراف الرسمي أو خلال الساعات الثمانية سيتم فحصه أمنياً..النظام خائف إذًا.
 

يقترب الحادي عشر من نوفمبر .. فيخبرني بلدياتي المجند بأن لديه أوامر بـ "الضرب في المليان" يوم"11/11″ إذا استشعر أي قلق أو لاحظ أي شيء "أي شيء" في يد المتظاهر، إذا حمل المتظاهر حَجراً مثلاً فاضربه بالرصاص خدمة للوطن.
 

ضرب كفّاً بكف، وقال: "طب عليا الطلاق بالتلاتة لأكون أول واحد في الشارع يوم"11/11".

يقترب الحادي عشر من نوفمبر .. فيقسم زوج عمتي "والـ 114 سورة "يقصد المصحف" أيامه خلصت، وكل اللي ليه حق هياخده، الناس خلاص فاقت، ده إحنا في دولة مش في سجن". "زوج عمتي أمي لا يقرأ ولا يكتب".
 

اتصلت أمس بـ"أبو كيرلس"، فأخبرته بأن الدولار وصل إلى "17" جنيهًا في السوق السوداء في أول أيام التعويم، ثم أخبرته بأنه لتر البنزين "92" الذي يستخدمه أصبح بـ "350" قرشًا وأن اسطوانة البوتاجاز أصبحت بـ "15" جنيهاً، في البداية قال لي حرفياً "لا .. ما خلاص الدولار مات، وقصة البنزين دي مستحيل تحصل، بطل حركات الجزيرة دي".
 

بعد ربع ساعة جاءني راكباً "موتوسيكلًا" بدون أرقام، نزل، جلس إلى جواري على غرزة "عصام أبو نجيب"، أمسك بالشيشة، رفض أن يصدق حرفًا مما أقوله له، "يا عم كيف؟ هو عايز يهدِّي الناس ولا يجننها؟"، هكذا سألني، قبل أن يصل ابنه "رائد" ليخبره بأن أسعار البنزين ارتفعت فعلاً، لما تأكد "أبو كيرلس" أن ما قلته صحيحاً، نظر لي، ضرب كفّاً بكف، وقال: "طب عليا الطلاق بالتلاتة لأكون أول واحد في الشارع يوم"11/11" ".
 

لننتظر ونرى؛ اللهم احفظ مصر من كل سوء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.