شعار قسم مدونات

لماذا نكتب المُراجعات للكُتب؟

blogs - book
غالباً ما نقوم بأخذ نفس عميق والتحديق في الهواء لدقائق عندما ننتهي من قراءة كتاب أو رواية، أعجبتنا أم لم تُعجبنا، إمّا استراحة لأعصاب أنهكها الكاتب وهي تُلاحق تفكيك عقدة الرواية ، أو لفكرة تبلورت بعد مقدمات طويلة مهد لها الكاتب ليقدمها وقد اكتمل تحضيرها في نهاية الكتاب، وبعدها نضع الكتاب على الرف بجانب أقرانه مع قليل من الشعور بالزهو أننا أنهينا كتاباً جديداً.

بدأت منذ حوالي سنتين في كتابة المُراجعات لكل الكتب التي أقرأها، ألحقها أحياناً بتقييم يتراوح بين النجمة والخمس نجمات -كما يُحددها الموقع- ولم أكن حينها قد جربت الكتابة إلا في مواضيع التعبير التي كانت تُجبرنا المدرسة على كتابتها.

قد يتخذ البعض من القراءة مُتعة وهواية لتمضية ساعات الفراغ، إلّا أنها بتخصيص ولو دقائق للكتابة عمّا قرأت ربما ستكسبك مهارة جديدة لم تكن لديك.

في البداية كانت مُراجعاتي للكتاب تتكون من بضعة كلمات لا أقدم فيها للقارئ أية معلومة مفيدة عن الكتاب ولا أبدي فيه رأياً مُفصلاً فيما قرأته، وأكتفي مثلاً بوضع عدد من النجوم للكتاب مع تعليق بسيط قد يكون: كتاب رائع وجميل، أو كتاب سيء جداً، ومع مرور الوقت والكُتب بدأت أكتسب بعض الجرأة في التعبير عن رأيي في الكتاب، ووجدت مُجتمعاً كاملاً من القُراء الذين يستفيدون حقاً من آراء غيرهم وعلى استعداد تام لمناقشتهم في معايير تقييمهم للتعليق عليها أو للاستفادة منها.

أضافت تجربة كتابة المُراجعات للقراءة مُتعة جديدة! كما وزادت المُراجعات التي أقرؤها لغيري من القُراء حول الكتب زوايا جديدة أنظر من خلالها للكتاب ووجهات نظر أخرى ضيقة تعلّمت ألّا أرتكبها أو أقع في حبالها، ومع الوقت أصبحت المُراجعة تأخذ مني وقتاً أطول مما كانت عليه لأنها كانت تتحول في بعض الأحيان إلى مقالة تفصيلية تُعنى في الكتاب أو الرواية تحليلاً وتذوقاً ونقداً، ولكون المُراجعة تتطلب أحياناً الرجوع إلى الكتاب للتأكد من دقة المعلومات وأسماء الشخصيات -في حالة الرواية- ستلاحظ رسوخ الكتاب الذي قمت بكتابة مراجعة له في ذهنك أكثر من الكتاب الذي اكتفيت بقراءته فقط، فعرض المعلومات وتقديم الرأي حول مسألة ما دائماً ما يتطلب من الإنسان بحثاً قد يستغرق دقائق أو سنوات.

وقد تؤدي المُراجعة أحياناً دور التلخيص للكتاب الذي قد تحتاج إلى العودة إليه يوماً ما ومعرفة معلومة معينة منه، أو مجرد استذكار لرأيك فيه، وإن عدت لقراءة نفس الكتاب بعد سنوات عديدة مثلاً وتقارن بين رأيك فيه آنذاك وبين الوقت الحاضر سيعطيك علامات فارقة للتغيرات والتطورات التي تمرّن ذهنك عليها وطرأت على شخصيتك وفكرك ونظرتك للأمور عبر السنوات.

قد يتخذ البعض من القراءة مُتعة وهواية لتمضية ساعات الفراغ، إلّا أنها بتخصيص ولو دقائق للكتابة عمّا قرأت ربما ستكسبك مهارة جديدة لم تكن لديك، أو تكون أداة تساعدك على إيقاظ موهبة داخلك لم تكن يوماً تظن أنك تمتلكها!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.