شعار قسم مدونات

حركة فتح.. وحركة فتح الأخرى

blogs - فتح

في ظل الجو الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية، الذي لو حاولنا وصفه، لن نستطيع رسم صورة واضحة المعالم له، بكل ملامحه الحقيقية، ففي وقت نسمع فيه عن تصريحات وتصريحات أخرى تنفي حول العودة إلى طاولة مفاوضات المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الفلسطيني.
 

وفي وقت تشهد فيه الساحة الفلسطينية حالة من التذمر والغضب ضد الرئيس محمود عباس، لمشاركته في عزاء بيريز، واشتعال الخلاف حول قرار محكمة العدل العليا في رام الله، القاضي بإجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية، وإيقافها في قطاع غزة، مع توصية لجنة الانتخابات المركزية بتأجيل الانتخابات لعدة أشهر حتى يكون الجو ملائم لإجرائها بعد حالة الشد والاتهامات المتبادلة حول من المتسبب في قتل العملية الانتخابية في مهدها، والتي كان يعول عليها الكثير لرتق ولو الجزء اليسير من حالة الانقسام الفلسطيني وتقريب وجهات النظر لحل هذه الأزمة التي تعصف بالمواطن الفلسطيني لا غير.
 

في نفس الوقت تقصف طائرات الاحتلال عدة مناطق في قطاع غزة، وتسيطر على سفينة مساعدات نسائية لقطاع غزة، دون سماع خبر من أي طرف فلسطيني يعطي هذه الأنباء حقها.

تظهر علينا في شوارع غزة صور الرئيس الفلسطيني محمود عباس مطبوعة على علم دولة الاحتلال الإسرائيلي ويتم حرق الصورة من طرف شباب يدّعون أنهم محسوبون على حركة فتح، الذي يمثل الرئيس محمود عباس رأس الهرم في هذه الحركة الفلسطينية.
 

لمن تابع تاريخ حركة فتح جيداً يجد أن الأمر ليس بجديد على الحركة، حيث اشتد أمر الانشقاقات عليها عدة مرات، وكان الناتج أن زاد هذا الأمر لحمة الحركة وتكاتفها في وجه من يحاولون أن يحيدوا بوصلة الحركة لصالح رؤيتهم الخاصة حول الحركة أو لمصالحهم الشخصية أو لمصلحة طرف عربي أو اقليمي أو دولي.
 

هذه الحالة الآن تتجدد على يد أتباع النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح محمد دحلان، العضو السابق في اللجنة المركزية لحركة فتح والمفصول منها بقرار من الحركة، في الفترة السابقة شهدت الساحة الفلسطينية ركود بسيط نظراً لحالة الترقب لما ستفرزه نتائج الانتخابات المحلية على الساحة الفلسطينية وتبعيات هذه النتائج.
 

ولكن مع إلغائها وفك الارتباط بين حركة فتح وحركة فتح الأخرى برؤية أتباع محمد دحلان، حيث يرى دحلان وأتباعه أن الحركة ملك لهم على عكس الانشقاقات السابقة ويسعوا للضغط على الرئيس محمود عباس، واقصاءه من الحركة بأي وسيلة يستطيعون استخداماها مهما كانت، وكانت هذه المظاهرات وحرق صورة أحداها، مع وضوح صورة وقوف أطراف عربية خلف دحلان وأتباعه، محاولة للتدخل في الشأن الفتحاوي والفلسطيني الداخلي، لمصالح ارتأوا هم وجوب وجودها.
 

المشاهد العادي هنا يرى حالة فلسطينية متشرذمة إلى حد الفتات على جميع الأصعدة، ففي نفس الوقت تقصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي عدة مناطق في قطاع غزة، وتسيطر على سفينة مساعدات نسائية لقطاع غزة، دون سماع خبر من أي طرف فلسطيني يعطي هذه الأنباء حقها، أو اتخاذ مواقف عملية على الأرض لمواجهة الاحتلال.
 

بل إن الاحتلال ينعم في هدوء غير مسبوق، ويُسمح له باستمرار عمليات الاستيطان في الضفة الغربية والقدس بكل هدوء وسلاسة، على الرغم أن قطاع غزة يتعرض للظلم من حكومة رام الله في كثير من النواحي، وتعرض أبناء حركة فتح للظلم من قادة الحركة في الضفة الغربية وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس.

لكن هذا ليس مبرراً لكل الأفعال المدانة والتي تسعى بقيادة أطراف خارجية لخلق حركة فتح أخرى لم يسطع عليها من قبلهم من الأطراف الخارجية، فمن الواضح جداً أن هذا الضعف الذي حل بحركة فتح قد أثر على الحالة الفلسطينية ككل وأضعفها إلى الحد كما لم تكن من قبل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.