شعار قسم مدونات

كيف تختفي؟ كيف تظهر؟ "تأمّلات في العزلة"

blogs - human
قبل أشهر كنت أتجوّل في معرض القاهرة، ووجدت في أحد الدور كتيّباً صغيراً عنوانه "كيف تختفي؟". كان الكتيّب أشبه بخطّة عمل لكيفيّة الانخراط في الجماعات البشريّة والانسحاب منها. لفتني الكتيّب الصغير فتصفّحته.
 

أذكر أنّ التدريب الأوّل كان يطلب من المهتمّ أن يشغّل كلّ الأجهزة الكهربائيّة في البيت، الغسالة والمايكرويف والساعات والهاتف والتفاز.. وأن يستمع إلى الضجيج لعشر دقائق متواصلة قبل أن يفصل قاطع الكهرباء الرئيسيّ.
 

أحياناً تبدو لي الطبائع البشريّة متخالفة بشكل جوهريّ إلى درجة يصعب معها أن أتأكّد أنني وفلان أو فلانة نشترك في الطينة ذاتها.

في اللحظات التاليّة، كما يقول الكتيّب، سيشعر الخاضع للتجربة بذاته وهي تطفو وسيحسّ بنفسه بوضوح، بعد أن خبت الضوضاء التي كانت تشغل حواسه. كان هذا التدريب محاولة لإبراز ما الذي تعنيه الأنا، كيف تكون حاضرة؟ وكيف تكون غائبة؟
 

بطبيعة الحال، لم أشترِ الكتاب، وجدت لدى الدار نفسها كتاباً لوالتر بنيامين يوثّق فيه تجربته في تعاطي الحشيش والأفيون فاقتنيته.
 

أفكّر في ذلك التدريب الصغير، وأتخيّل ماذا يعني أن تكون ذات الإنسان غائبة، ويحتاج من ثمّ إلى تدريب ما لينتبه لها وهي تطفو فوق بركة إحساسه ووعيه، بعد أن تتدحرج الأحجار كلها إلى القعر. كانت معاناتي على العكس تماماً، فأنا دائماً عالق مع ذاتي الواعية، التي لا تغيب ولا تتراجع إلا في لحظات ظفر نادرة للتلقائيّة والغريزة. وربما كانت حاجتي لتجربة بنيامين أكبر من حاجتي لمن يدرّبني على الشعور بذاتي.
 

لطالما آمنت بأنّ البشر مجبولون من طين متعدد ومختلف، وأنّ كلمة "إنسان" التي تجمعهم، ليست سوى مفهوم "اسمي" كما يقول "الإسمانيون"، فأحياناً تبدو لي الطبائع البشريّة متخالفة بشكل جوهريّ إلى درجة يصعب معها أن أتأكّد أنني وفلان أو فلانة نشترك في الطينة ذاتها، لا لأنني أفضل منه أو لأنها أفضل مني، ولكن لأننا مختلفون جذرياً، هذا كلّ ما في الأمر.

وغالباً ما أفكّر بأنّ أية نزعة تحاول دفع البشر -المختلفين- لفعل الشيء ذاته؛ سواء أكان هذا الشيء نمطاً من القراءة أو الفعالية الاجتماعيّة أو السياسيّة أو تأمّل الذات، هي نزعة شموليّة تفرض منطقها الخارجي على منطق الإنسان الخاصّ والفرديّ. ولذا فإنني أشعر أنّ الكتابة الوحيدة الممكنة، هي تلك الكتابة اللاسلطويّة. أقول للآخر (القارئ): هذا بئري، فإن أحببت فاغرف. وفق هذه القاعدة يمكن أن أواصل الحديث الآن.
 

الموسوم بالثبات محدود، نحن دائماً محدودون، ولكننا نملك الفرصة لتوسيع إطار محدوديّتنا بالتغيّر؛ أي بأن نكون أكثر من شيء واحد في حياتنا.
 

حين يتغيّر البشر، لا تتغيّر عاداتهم وسلوكياتهم فقط، أحياناً، إن تركوا لأزمّتهم سجيّتها أو دفعوا إراداتهم إلى آخرها، سيرون العالم كلّه بصورة مختلفة، لن يكونوا هم، كما كانوا سابقاً. وغالباً ما يعاني هؤلاء من أزمة عميقة مع هويّتهم الشخصيّة وذاكرتهم، فصورتهم عن أنفسهم ليست مستقرّة، ماضيهم لا يشبههم، بل أحياناً يكون نقيضهم. كما إنّ علاقتهم بالحاضر تصبح ملتبسة فليس ثمة ما هو جاهز لديهم دائماً، ذواتهم تتشكّل باستمرار، وبالتالي فعليهم أن يفكّروا، من جديد، في كلّ موقف، بل وفي كلّ كلمة، وكأنهم يعيشون دائماً تجربتهم الأولى في كلّ شيء.
 

وبقدر ما تكون حياة من هذا النوع مثيرة، بقدر ما تكون قاسية ومرهقة. أياً يكن، هذه أقرب للأقدار منها للاختيارات، نعم، هي نتيجة لتراكمات طويلة ومتشابكة من الاختيارات والظروف، ولكنها في النهاية تتسمّر كطبيعة جديدة، طبيعةٍ يصعب الخروج عنها أو تجاهلها.
 

في طريق التغيّر هذا، حين يمسّ التغيّر أعماقنا السحيقة ويبدّلها، تحضر العزلة دوماً كأحد مراحل، وربما شروط، ولادة الذات الجديدة. العزلة هنا تتخطّى كونها نكوصاً ارتكاسيّاً نتيجة أزمة أو كآبة ما. إنها تقترب من أن تكون موقفاً من العالم.
 

لقد ميّز كيركغارد قديماً بين نوعين من السأم. هناك سأم من الأشياء المكرورة، وهناك سأم يتخطّى ذلك، يصبح سأماً من طبيعة الحياة ومن الأشياء كلها ابتداءً. هذا عين ما تحدّث عنه بودلير حين قال: " ذلك العملاق، الذي يوشك على أن يبتلع العالم بتثاؤبة واحدة، إنه السأم!". في السأم الثاني، يمكن للإنسان أن يضحك ويقفز من جغرافيا إلى أخرى ومن عالمٍ إلى عالم. ولكنّ هذا لا يغيّر من حقيقة سأمه، ذلك الإدراك بأنّ كلّ شيء منتهي الصلاحيّة ومشروخ المعنى. إنه سأم نابع من معرفة أنّ الأشياء على اختلافها وجدّتها هي أوجه مختلفة للحياة نفسها، ومن ثمّ تصبح مقولة درويش " أعرف آخر المشوار منذ الخطوة الأولى" منقوشة على كلّ باب.
 

يمكن أن نقول أن هناك نوعين من العزلة أيضاً. في النوع الأول تكون وحيداً/ة عن الناس، في النوع الثاني يمكن أن تكون وحيداً/ة معهم. ثمة سياج من الغرابة التي تحرسك، ثمة أوجه لا نهاية لها يمكنك أن تلبسها وتخلعها، والعزلة تكمن في حقيقة أنّك لا تمتلك وجهاً أصلياً لتكشف عنه. لماذا؟  ليس الأمر متعلّقاً بك وحدك. بل يتعلّق بحقيقة أنّ هناك عتمة تحرس مولد ذاتك، عتمة يستحيل معها أن تقول "أنا اخترت أن أكون أنا".
 

لا يمكننا على وجه الصراحة أن نكشف عن فرادتنا أو جوهرنا الذي يجعلنا جديرين بأن نوجد باستقلاليّة الذات واكتمالها، نحن مزيج معقّد من العوامل والتكوينات. هناك تجربة شهيرة قام بها فريدريك الثاني. كانت التجربة تهدف بالأساس لاكتشاف إن كان ثمة لغة أصليّة لدى البشر -العبرانيّة بحسب الكتاب المقدّس-.
 

حاول الفراعنة، كما يروي المؤرّخ اليوناني هيرودوتس، في القديم عمل هذه التجربة وعزلوا أطفالاً بعد ولادتهم عن الكلام، ثمّ زعموا أنّهم نطقوا كلمة "بيكوز" والتي تعني الخبز بالفريجية -وهي لغة على صلة باليونانية-، لم تكن التجربة موثّقة ومن الواضح أنّ النتيجة غير دقيقة والرواية التاريخيّة ليست صادقة.
 

فحين قام فريدريك الثاني بعزل الأطفال، أوصى بإطعامهم وإرضاعهم، دون الحديث معهم أو حولهم، ودون أيّ تفاعل عاطفيّ ( ابتسامة تلويحة ،. ..) معهم، مات الأطفال. نعم ماتوا كلهم. حصل أمر مشابه حين أوصى السلطان المغولي أكبر بعمل تجربة مشابهة، تقتصر على منع التفاعل اللغوي مع الأطفال، فقد كبر الأطفال بكماً.
 

يمكن الاستنتاج، وهذا صحيح، بأنّ الآخرين هم شرط وجود الذات، وأننا دون مواجهة مع الآخرين لا يمكن أن ندرك ما تعنيه "أنا".
 

هناك الكثير مما يمكن أن يقال حول شروط ولادة الذات، وقد أوردت "جوديث بتلر" في كتابها "الذات تصف نفسها" أفكاراً مهمّة بهذا الصدد ولكنها كلها تتفق على أنّ الآخر شرط لازم لولادة الذات. ولكنّ ما يبدو معانداً ومضيئاً وسط عتمة ميلاد الذات هذه، هو النمط الذي تتشكّل وفقه تلك التفاعلات والتأثيرات المعقدّة. وهو ما تدافع عنه كلّ نزعة مثاليّة؛ أي كلّ نزعة تدافع عن وجود كيان أساسي تجري تلك التفاعلات معه. لماذا لا يصبح البشر متماثلين إن خضعوا لذات الظروف؟ ولعلّ أفضل من يعبّر عن هذه الفكرة هو كارل ياسبرز حين يقول بأنّ "إنّ الظروف تؤثّر فينا بحسب تصميمنا الخاص".
 

ولكنّ، حتى تلك الفكرة التي يصعب تفاديها عن وجود ذات أولى، شخصيّة أساس -بتعبير يونج- تجري تفاعلات الآخرين معها، حتى في مراحل النشوء الأولى، لا تعني بأنّنا نملك ذواتنا امتلاكاً كاملاً، فالعتمة التي تلفّ تكويننا هائلة. لا يستطيع أحد أن يدّعي بأنّه لو ولد في جغرافيا وتاريخ آخر لكان هو هو. كما لا يستطيع أحد أن يقول أنّه كان سيكون نسخة مطابقة لأحد المولودين هناك.
 

ما يجعل الآخر آخراً بالفعل هو عجزنا عن إدراك كنهه وطبيعته، لا ندرك منه سوى تمثّلاته وصوره.

لطالما نُظر إلى العزلة على أنها مقترنة باليأس والكآبة والنبذ، هذا ما كرّسته الوجوديّة والماركسيّة. يدافع ليفيانس عن موقف مختلف في "الزمان والآخر"، موقف يرى بأنّ العزلة هي مهد الذات وحقيقتها الأنطولوجيّة الأصليّة وأنّ علاقتنا مع الآخرين في الحياة اليوميّة لا تخرجنا عن عزلتنا، فنحن نعرف الآخر بنور الذات نفسها، لا يمكننا أن نكون هذا الآخر، أو أن يكوننا، ما نفعله هو جعل الآخر مرآة لنا، كما نكون نحن مرآة له؛ تصلح هذه الاستعارة لأن تكون عنواناً لفكرة الاعتراف الهيجلي والمشاكلة الأفلاطونيّة.
 

لنبسّط المسألة قليلاً، نحن لا نشارك الآخرين فعلاً. حين نكون معهم، غالباً ما نؤدّي دوراً اجتماعيّاً (قناعاً ما). ليس الأمر متعلّقاً بالزيف بالضرورة، ولكنّ الأنا تتعدد بتعدد المخاطَب أوّلاً، ومن ثمّ فإننا نتحدّث بما نعتقد أنه يمكن أن يكون متاحاً في هذه المخاطبة مع هذا الآخر، ويقوم الآخر بهذا الدور معنا أيضاً. كما إنّ الأنا في مسرح المخاطبة محكومة بمجموعة من الأعراف الاجتماعيّة (الأخلاقيّة)، التي تُخضع الأنا والآخر لها.
 

تؤدّي الأخلاق هنا دوراً شموليّاً أيضاً، فهي في وجهها الاجتماعي حكمٌ على الذات، نوع من الإدانة لما ينبغي ألا نفعله أو ألا نفكّر فيه ونوعٌ من التوجيه لما ينبغي أن نكون عليه، ومن ثمّ فهي نوعٌ من القسر للمنطق الداخليّ (الأقرب "للجمالي"/الاستطيقي) للذات. في هذا النوع من المشاركة، لا تواجه الذات الآخرَ حقّاً. إنها تواجه صورةً تشبهها داخل الشرط الاجتماعي، أي قناعاً فوق قناع. كما إنّ ذاتنا، التي أملنا أن تخرج من عزلتها بمواجه الآخر بقيت مقنّعة ومحتجبة هي الأخرى.
 

تريد الذات أن تكون مرئيّة ومفهومة. وحتى لو اختارت الذات العزلة الاجتماعيّة طوعاً، فإنّ شيئاً ما فيها يبقى راغباً في أن تُعرف بأنها في العزلة. الأمر يشبه استحالة تخيّل العدم، لا نتخيّل العدم إلا وتقفز في وجوهنا صور عن أمكنة خاليّة، وبقدر ما نحاول صرف وعينا عن التفكير في أيّ شكل من الوجود، إلا أنّ إصراراً ما عميقاً داخل بنية ذهننا يدفع بملايين الأشكال من الوجود للحضور. لا يمكن تخيّل عدمِ الذات، كما لا يمكننا ان نتخيّل انحجابها المطلق.
 

لو حاولتُ أن ألمّ شتات الأفكار التي أوردتها، سأحاول أن ألخّص الأمر بنقطتين جدليّتين:
– الآخر شرط لازم لولادة الذات ( ليس شرطاً كافياً). ولكنّ الذات الحديثة لا يمكن أن ترى نفسها إلا في عزلة أصليّة عن الآخر.

– العزلة هي الحالة الأصليّة أنطولوجياً للذات. ولكنّ الذات تتوق لأن تصبح مرئيّة.
 

كيف للذات إذاً أن تخرج من عزلتها، لا خروج العائد إلى الزحام البشري المتماثل، بل خروجاً يجعلها ترى الآخر فعلاً، فتتسع هي ذاتها، وخروجاً يجعلها هي ذاتها مرئيّة؟
 

يمكن أن أضيء في ختام هذه التدوينة/المقال مجموعة من المسالك، وتفصيلها أوسع من حدود إمكانات هذه التدوينة:
• في المسلك الأوّل، ولنسمه مسلك الوجود المعاش، نعود إلى ليفيانس. الألم هو أقصى حالات العزلة، لا يمكن للذات التفكير في شيء سواها؛ الألم والمعاناة فرديّان وأنانيّان، لا أحد يستطيع التألّم عوضاً عني، ولا يمكنني أن أنفتح على الآخر في ألمي، الأنا متمركزة أنطولوجياً حول ذاتها. بينما اللذة هي شكل أصلي من الانفتاح، وهي تدريب تفرضه الحياة ابتداءً من علاقتنا الضروريّة بالغذاء، الغذاء حاجة ولكنه شكل من اللذة أيضاً.
 

في اللذة تُستغرق الذات جزئياً في شيء خارجها. يظهر هذا أوضح ما يكون في العلاقة الإيروتيكية. لا يمكن فصل اللذة عن اللغز، فاللذة غير مدركة الكنه، يُمكن أن تُعاش ولا يُمكن أن تُدرك أو تُتصوّر. اللغز هو السمة الأساس للآخر، ما يجعل الآخر آخراً بالفعل هو عجزنا عن إدراك كنهه وطبيعته، لا ندرك منه سوى تمثّلاته وصوره.
 

إنّ تقدير طبيعة العلاقة مع الآخر كلغز ضروريّة لإمكان استئناف العلاقة معه، لا باعتباره صورة أخرى للذات، بل باعتباره المغاير والمختلف. يدفع ليفيانس بأطروحته إلى مناطق لا محلّ لإيرادها هنا. ولكنّ الدرس الشخصيّ المهمّ، هو إمكانيّة بناء العلاقات الإنسانيّة بناء قائماً على محاولة التفهّم والكشف عن اللغز لا على الحُكْم؛ لا تفهّم دون محبّة، ولا تفهّم حين تكون العلاقة محكومة بغرض أو منفعة. هذا ما يمكن أن يجعل الصداقة أحد أخصب أشكال الانفتاح على الآخر.
 

ليس الكون صورة معكوسة لذات الكاتب، إنّها صورة تتمازج فيها حقيقته بما يريده أن يكون حقيقته، وتختلط فيها مخيّلته بوقائعه.

لقد أجاب أرسطو حين سُئل عن الصديق بأنّه " إنسان هو أنت. . ولكنه في الصورة سواك"، والحقيقة هي النقيض تماماً، فما يجعل الصداقة ممكنة وذات معنى، هي المخالفة لا الموافقة وهي الآخريّة واللغز لا انعكاس صورة الذات في الآخر. هذا ما انتبه إليه هيجل حين اعتبر بأنّ علاقة الأخ بالأخت هي أسمى العلاقات، فهي متجرّدة من الأغراض، موصولة بالحبّ، ومؤسسة على الاختلاف. ولا أريد أن أكون متشائماً ولكنّ ما افتتح به أبو حيان التوحيدي كتابه عن "الصداقة والصديق" يلحّ عليّ لأورده، آمِلاً خطأه، "واعلم أنه لا صديق! ".
 

• المسلك الثاني هو الكتابة والقراءة، وبطبيعة الحال فإنني أتحدّث عن كتابة تتصل بالأدب وبالذات. فلا يمكن الحديث حول الذات إلا بالأدب، أي بالمجاز والحكاية والسرد والمخيّلة والرمز. لا تتحرر الذات من عزلتها بطريق مباشر هنا، فممرات الكتابة ليست مستقيمة، لا يتحدّث الكاتب عن ذاته مباشرة، هناك آليّات من الاسقاط والحذف والتحوير، استبدال الحقيقيّ بالمتخيّل، وغالباً ما ينتهي الكاتب إلى اختلاق عالم بأكمله، كون جديد.
 

والقراءة والتلقّي هي عيش في هذا الكون. ليس الكون صورة معكوسة لذات الكاتب، إنّها صورة تتمازج فيها حقيقته بما يريده أن يكون حقيقته، وتختلط فيها مخيّلته بوقائعه. أحياناً، يصبح عالم الكاتب شبه مستقلّ عنه؛ هذا ما تعبّر عنه فكرة "موت المؤلّف". إلا أنّ صاحب المقولة يتغاضى عن رغبة ذات الكاتب في الوجود مرئيّة، إلحاحها على الحضور والتمظهر الدائم. ( بالمناسبة، بين المسلكين يمكن أن نجد في أدب الرسائل أحد المكامن المثيرة للانفتاح المتبادل بين الذوات).
 

تبقى هناك ضرورة للبحث والحديث حول موقع "الله" من عزلة الذات، وهذا حديث مؤجّل إلى كتابة مستقبليّة عن إمكان التصوّف للإنسان الحديث.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.