لماذا يعد إيلون ماسك رائد صناعة السيارات المستقبلية؟

إيلون ماسك أصبح أغنى شخص في العالم بثروة تقدر حاليًا بنحو 300 مليار دولار (الفرنسية)

تعد شركة تسلا (Tesla) من أضخم شركات تصنيع السيارات الكهربائية، حيث تبلغ قيمتها السوقية 1.051 تريليون دولار؛ مما يجعلها سادس شركة في العالم من حيث القيمة السوقية.

ويتم تداول أسهم تسلا عند 1047 دولارًا، وهو أعلى بنسبة 64%، مما كان عليه في هذا الوقت من العام الماضي، كما يمتلك المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك حاليًا صافي ثروة تقدر بنحو 300 مليار دولار، مما يجعله أغنى شخص في العالم.

ونشرت صحيفة "ذي غارديان" (theguardian) مقالا للكاتب جون نواغتون عن الأسباب التي حسب رأيه يمكن اعتبار إيلون ماسك من رواد صناعة السيارات، وأنه بغض النظر عن الجدل حول شخصيته فلا يجب إغفال إسهاماته الكبيرة في مجال صناعة السيارات.

هل الثروة تشوش إنجازات إيلون ماسك؟

الثروة الهائلة مثل السلطة تعمل منشطا يشوه تصورات الناس عمن يمتلكها، ويبدو الأمر كما لو أنهم محاطون بحقل تشويه للواقع.

ونالت تشويهات مماثلة من أشخاص مثل بيل غيتس وستيف جوبز في وقتها، والآن حان دور ماسك. ونظرًا لأنه مشهور على وسائل التواصل الاجتماعي -خاصة تويتر (Twitter)، إذ لديه 65.7 مليون متابع- فإنه يتم تحليل كل ما يقوله بدقة من قبل المعجبين (الذين ينادونه جميعًا إيلون "Elon"، كما لو كان صديقًا لهم).

وهذا يمنحه تأثيرًا يتجاوز تأثير أي مسؤول تنفيذي آخر في الشركة، وهو تأثير يؤثر في بعض المناسبات على الأسواق المالية العالمية من خلال ما تسميه صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times) عادةً "مجمع تسلا المالي".

ومع ذلك، فإن الفحص الدقيق لحسابه على تويتر يعطي انطباعًا عن فرد معقد -حسب الكاتب- فهو مزيج محير من الذكاء الهائل وعدم القدرة على التحكم، ومستغل للثغرات الضريبية والإعانات الحكومية.

ما (أو أين) إيلون ماسك الحقيقي؟

يعتقد الكاتب أن الإجابة عن هذا التساؤل تكمن في إتقانه تصنيع المنتجات المعقدة. ويمكن أن يرى المرء ذلك؛ فعلى سبيل المثال يمكن رؤيته في الطريقة التي أصبحت عليها شركة "سبيس إكس" (SpaceX)، وهي شركة الفضاء التي أنشأها لتقليل التكاليف الهائلة للسفر إلى الفضاء، وهي أول منظمة غير حكومية تقوم بإطلاق مركبة إلى الفضاء ودورانها فيه ثم استعادتها بنجاح؛ كما قامت بإرسال مركبة فضائية إلى محطة الفضاء الدولية؛ وإدارة الإقلاع العمودي الأول والهبوط العمودي لصاروخ مداري، وإرسال رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية. إن أي شخص يعتقد أن هذه الأشياء سهلة هو بالتأكيد لم يفعلها أبدًا.

تسلا اكتشفت في النهاية كيفية صنع السيارات الكهربائية من هياكل الألمنيوم ثم تجهيزها عبر مزيج من الروبوتات والبشر (مواقع التواصل)

وربما تعتقد أن مجال تصنيع السيارات الكهربائية سيكون بمثابة لعب للأطفال مقارنةً "بسبيس إكس"، ومع ذلك عندما بدأت تسلا صناعة السيارات عام 2008 ضحك العالم ومصنعو السيارات الآخرون من أمثال فورد وجنرال موتورز وبي إم دبليو ومرسيدس وفولكس فاغن وتويوتا؛ وهو الأمر الذي يذكرنا بالطريقة التي سخرت بها نوكيا وموتورولا عام 2007 من فكرة أن شركة آبل تصنع هاتفًا محمولا.

القصة هي نفسها في حالة السيارة؛ فقد اكتشفت تسلا في النهاية كيفية صنع السيارات عن طريق هياكل من الألمنيوم ثم تجهيزها بكل الأشياء التي تدخل في السيارة باستخدام مزيج من الروبوتات والبشر، والآن يظهر طرازها 3 بوصفه السيارة الجديدة الأكثر مبيعًا في عدد من الأسواق.

لكن العمل لم يتوقف عند هذا الحد، فإتقان فن تصنيع السيارات كان مجرد البداية، وتلته محادثة مع أحد المخضرمين في صناعة السيارات، وهو ساندي مونرو الذي زُعم أنه شبّه الطرف الخلفي لسيارة تسلا أثناء التصنيع بلحاف مرقع من كثرة الأجزاء الداخلة في تصنيعه.

وهو ما جعل ماسك يفكر في عملية صب الهيكل بأكمله في قطعة واحدة من الألمنيوم المصهور، تمامًا مثل سيارات ألعاب الأطفال الصغيرة.

وعليه، اشترت تسلا عددًا من آلات الصب ذات الضغط الشديد -التي أطلق عليها "غيغا بريس"- من إدرا (Idra)؛ الشركة الإيطالية التي تصنعها.

وتم نشرها الآن في بعض مصانع تسلا، حيث تحول النصف الخلفي من هياكل طراز "واي" (Y) إلى قطعة واحدة مصبوبة بالضغط الفردي.

وفجأة، تم تنفيذ مهمة تتطلب 70 جزءًا مختلفًا يتم تجميعها بواسطة 300 روبوت بواسطة آلة عملاقة واحدة.

وتتمثل الخطوة التالية الواضحة في استخدام العملية نفسها لتكوين الهيكل بالكامل بضربة واحدة.

الوريث الروحي لفورد

بهذا الأسلوب، استطاع جلب الاستثمارات الضخمة اللازمة لتنفيذ طريقة جديدة للتفكير في حلول لعمل السيارات الكهربائية؛ وبهذا أصبح ماسك الوريث الروحي لهنري فورد.

فمنذ الأيام الأولى لصناعة السيارة، لم يكن هناك سوى 3 تحولات نموذجية رئيسية في عملية التصنيع؛ الأول كان تقديم فورد خط إنتاج متحركا، وجاء التحول النموذجي الثاني من تويوتا في سنوات ما بعد الحرب عبر طريقة الإنتاج "الهزيلة" الشهيرة التي تضمنت تقليل المخزون إلى الحد الأدنى وترتيب سلاسل التوريد لتسليم الأجزاء في الوقت المناسب قبل الحاجة إليها مباشرة في مرحلة التصنيع.

ورغم اختراعها في اليابان، وتجاهلها في البداية من قبل صناعة السيارات الأميركية، فإن كل سيارة في النهاية صنعت على طريقة تويوتا.

وأخيرًا، يأتي التحول الثالث في عالم صناعة السيارات الذي جلبه ماسك بوصول "غيغا برس"، مما يوحي بأنه في النهاية قد يتم تذكر ماسك بوصفه الرجل الذي وجد طريقة جديدة لصنع المركبات الأرضية.

المصدر : غارديان