المغرب ثم الأردن.. هل إقامة البطولات في قطر وراء الإنجازات التاريخية للمنتخبات العربية؟

الإنجازات التاريخية التي حققتها المنتخبات العربية على الملاعب القطرية والتي بدأت بدخول تاريخي للمغرب بالمربع الذهبي لكأس العالم لكرة القدم 2022، وتواصلت بتفوق عربي غير مسبوق في كأس آسيا 2023 أفضى لتأهل تاريخي أيضا للأردن للمباراة النهائية، يطرح سؤالا عن دور إقامة البطولتين على ملاعب قطر في تحقيق هذه الإنجازات العربية.

ليس غريبا على منتخب قطر المتوج بلقب النسخة الأخيرة عام 2019 أن يصل لنصف النهائي أو حتى يحصد اللقب مجددا، لكن الجديد في هذه النسخة هو المنتخب الأردني الذي فاجأ الجميع بالتأهل للدور قبل النهائي للمرة الأولى في تاريخه، ثم للمباراة النهائية وعلى حساب منتخب قوي هو كوريا الجنوبية، رغم أن الأرد لم يكن ضمن أي ترشيحات لبلوغ هذا الدور الذي فشلت فيه منتخبات كبرى.

ووسط تشجيع من جماهيره الغفيرة التي زحفت إلى الملاعب تفوق لاعبو المنتخب الأردني وعلى رأسهم موسى التعمري لاعب مونبلييه الفرنسي وأغلى لاعب عربي بالبطولة من حيث القيمة السوقية (6 ملايين يورو)، وسجلوا 12 هدفا خلال مبارياتهم الست بالبطولة حتى الآن، واستقبلت شباكهم 5 أهداف.

ولم يكن التفوق العربي محصورا في قطر والأردن فقط، بل في منتخب فلسطين الذي حظي بتشجيع الجميع واستثمر ذلك بتحقيقه أول فوز في تاريخه بالبطولة بل وتأهله الأول أيضا للدور ثمن النهائي.

وكرر منتخب سوريا إنجاز نظيره الفلسطيني بتأهل تاريخي أيضا لثمن النهائي، وتألق العراق أيضا في البطولة وفاز بجدارة على اليابان -المرشح الأول للقب- واجتاز دور المجموعات لكنه اصطدم بالأردن الذي فاز عليه في الوقت الضائع وتأهل على حسابه لربع النهائي.

الخبراء يجيبون

الجزيرة نت وجهت السؤال المطروح إلى نخبة من خبراء اللعبة، وهم هيثم فاروق نجم منتخب مصر السابق والمحلل بقنوات "بي إن سبورتس"، والدكتور جمال إسماعيل أستاذ كرة القدم في كلية التربية الرياضية، ووسام شامل المدرب والمحاضر بالاتحاد الآسيوي، إضافة إلى محمد نجيب محلل الأداء.

ونبدأ بهيثم فاروق الذي قال للجزيرة نت إن أي بطولة تنظم في دولة عربية يكون ذلك حافزا للفرق والمنتخبات المشاركة فيها وداعما لها، وذلك لوجود جاليات ضخمة لها في الدول العربية وهذا ممتد حتى النسخة القادمة التي ستقام في السعودية، ولكن لكل قاعدة استثناء، في نسخة 2007 في 4 دول شرق آسيوية النهائي كان بين والسعودية العراق التي توجت باللقب بهدف يونس محمود.

وأكد نجم فينورد الهولندي السابق أن منتخب المغرب لم يكن ليتأهل للمربع المربع الذهبي في كأس العالم 2022 لولا أن البطولة تقام في قطر، والشيء نفسه في كأس آسيا لو لم تكن في قطر أيضا لم نكن لنرى إنجازات العرب وخاصة فلسطين وسوريا، ونصف منتخبات الدور قبل النهائي عربية، لأن هذه المنتخبات لن تحظى بالقاعدة الجماهيرية العريضة والتشجيع الضخم الذي وجدته في الدوحة إلا على أرض عربية.

وفي رأي أكاديمي، يقول الدكتور جمال إسماعيل "يرتبط نجاح أي فريق أو أي شخص من الناحية النفسية بما يصدقه بنفسه ويؤمن به وهو ما ذكره جون واير في أحد كتبه (سوف تراه عندما تؤمن به). وقطر عندما نظمت كأس العالم عام 2022 آمنت بقدرتها على النجاح فنجحت، لكنها لم تكتف بالنجاح فقط بل حرصت على إيصال رسالة وهي أهمية الهوية العربية وأبدعت فيها أيضا، حتى أن الإعلام الغربي أقر بأنها نظمت أفضل نسخ المونديال، كل ذلك جعل كل الفرق العربية تنتعش في البطولة، فالسعودية فازت على الأرجنتين (حامل اللقب) والمغرب هزمت المنتخبات الكبرى واحدا تلو الآخر حتى وصلت للمربع الذهبي".

ويضيف أستاذ كرة القدم "وفي كأس آسيا رأينا فلسطين لأول مرة بهذا المستوى الرائع وسوريا تتألق وتعبران لثمن النهائي لأول مرة، وكذلك المنتخب الأردني مفاجأة البطولة، وأتمنى أن يختتم هذا الإعجاز العربي غير المسبوق بتتويج قطر باللقب للمرة الثانية على التوالي".

ويقول وسام شامل للجزيرة نت إن السبب العام في تألق منتخباتنا وجود البطولة على أرض عربية والزخم الجماهيري الكبير، إما من الجاليات الموجودة في قطر أصلا أو التي استغلت سهولة الوصول للدوحة وزحفوا لمساندة منتخباتهم وهو ما أشعل حماسة اللاعبين، كما أن ملاعب المونديال مثلت حافزا كبيرا للاعبين العرب الذين يعرفون قيمة جودة أرض الملعب في إخراج أفضل ما لديهم وبالطبع الحضور الجماهيري.

ويضيف محاضر المدربين بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم، أن جودة الجيل الحالي لمنتخب الأردن والتوليفة الجيدة التي نجح حسين عموتة في الوصول إليها، جعلت النشامى يصلون إلى هذا الإنجاز، وبالنسبة لقطر فهي صاحبة الأرض والجمهور وحامل اللقب ومدربها الإسباني لوبيز كان مدربا لفريق الوكرة ويعرف اللاعبين جيدا واستطاع أن يوصل أفكاره للاعبين الذين أجادوا تنفيذها.

أما محلل الأداء محمد نجيب فقد ربط بين إنجازات المغرب في كأس العالم وفلسطين وسوريا والأردن وقطر وإقامة كأس آسيا في قطر بنقاط مختصرة كالتالي:

  • المنتخب الفلسطيني كان أكثر المستفيدين من الزخم الجماهيري العربي الذي شجعه ودعمه نتيجة اللعب في قطر، وصاحب أكبر إنجازات البطولة رغم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني ومنهم اللاعبون الذين أغلبهم لم يمارسوا كرة القدم على مستوى احترافي منذ عدة أشهر.
  • السبب الرئيسي والأهم في تفوق المنتخبات العربية هو احتضان قطر للمنتخبات والجماهير العربية التي جعلت الفرق تلعب كأنها على أرضها مع قرب قطر من جيرانها الخليجيين ووجود جاليات كبيرة من باقي البلاد العربية مما جعل الحضور الجماهيري أسهل واستضافتهم أفضل وسعادتهم أكبر بوجودهم في الدوحة.
  • لأول مرة يبرز التكاتف والتقارب بين الشعوب العربية والدعم المطلق لمنتخباتنا وخاصة الفلسطيني، بالإضافة لارتفاع عدد اللاعبين العرب المحترفين الذين لعبوا أو ما زالوا ينشطون مع فرق خليجية، وهو عامل مهم في سرعة التأقلم والتعود على الأجواء والملاعب.
  • جودة الملاعب والبنية التحتية في قطر منحت حافزا ودافعا أكبر للاعبين العرب لإظهار وإبراز مواهبهم، وعزز رغبتهم وقدرتهم في التفوق على أنفسهم والوصول لأبعد نقطة ممكنة في البطولة، على غرار المنتخب المغربي الذي وصل إلى أعلى مستوى فني وبدني وتكتيكي في تاريخه وأقصى منتخبات أوربية عملاقة في طريقة للمربع الذهبي لمونديال قطر، وهو إنجاز عربي وأفريقي غير مسبوق، وساعد السعودية وتونس في الفوز على بطل ووصيف كأس العالم 2022 (الأرجنتين وفرنسا).
  • سهولة تنقل الجماهير والوصول للملاعب جعلهم يحضرون كل المباريات لمساندة منتخباتهم، مما حول الملاعب لجحيم على المنافسين نتيجة الضغط الجماهيري المضاعف على المنافسين نفسيا وذهنيا، وهو ما قلل من دافعيتهم مقابل إثارة حماسة لاعبي المنتخبات العربية.
المصدر : الجزيرة