المحترفون في الدوري الأردني.. عقود مالية كبيرة ومستويات فنية هزيلة

الوحدات استغنى عن المحترف السنغالي أنس محمد (وسط) لضعف مستواه (مواقع التواصل)

عمّان- بعد إسدال الستار على مرحلة ذهاب دوري المحترفين الأردني لكرة القدم، بدأت الأندية الأردنية في إعادة ترتيب أوراقها وخاصة بملف اللاعبين المحترفين الذي يمثل عبئا ماليا إضافيا على الأندية التي تعاني من نقص مواردها المالية ومديونيتها العالية، حيث يحظى المحترفون بعقود مالية كبيرة ولا يترجمونها على أرض الملعب ويظهرون مستويات فنية هزيلة.

ويبلغ متوسط عقود اللاعبين المحليين في الموسم الواحد بين 10 و30 ألف دينار (بين 14 و42 ألف دولار)، بينما تتراوح عقود اللاعبين الأجانب بين 50 و120 ألف دينار (70 و170 ألف دولار).

ومنذ 3 مواسم أصبح موسم الكرة الأردني يبدأ في فبراير/شباط، ويختتم في ديسمبر/كانون الأول.

وتتسبب التعاقدات الخارجية في تعريض معظم الأندية لعقوبة المنع من تسجيل لاعبين جدد، الأمر الذي يجعلها أمام معضلة إضافية وهي تأمين مبالغ مالية كبيرة لتسديد الشكاوى لرفع العقوبات.

فعلى سبيل المثال تعاقد فريق الوحدات هذا الموسم مع مهاجمين؛ الأرجنتيني ماتياس كاسترو، والسنغالي أنس محمد مع انطلاقة الموسم الكروي، بيد أن كاسترو ومحمد لم يثبتا قدراتهما الفنية، فجلسا على دكة البدلاء، ولذلك تم فسخ عقديهما، وكلاهما كلف خزينة النادي مبالغ مالية طائلة، مما تسبب في سخرية جماهيره على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكذلك الحال عند غريمه التقليدي الفيصلي الذي يكافح من أجل سداد التزامات سابقة للاعبين ومدربين قدّموا شكاوى لدى الفيفا للحصول على مستحقاتهم المالية، حيث لم يقدم محترفوه المأمول منهم، وفسخ النادي عقود كل من الكونغولي موباكو والأوغندي عبد الله سعودي ويعقوبا من ساحل العاج، وجميعهم كلفوا خزينة النادي المثقلة أموالا طائلة.

وتطول قائمة اللاعبين المحترفين مع الأندية الأردنية الذين لم يظهروا مستويات فنية كبيرة، ولذلك كانوا جلساء دكة البدلاء، أو تم فسخ عقودهم؛ كما هو الحال مع أندية الرمثا بطل الموسم الماضي الذي يصارع على الهبوط الموسم الجاري، و"الحسين إربد" الذي دفع أموالا طائلة من أجل المنافسة على اللقب؛ لكنه أنهى مرحلة الذهاب بالمركز الثالث، وكذلك معان وسحاب والصريح وشباب العقبة وشباب الأردن ومغير السرحان والسلط، وقد يكون الاستثناء الوحيد فريق الجزيرة الذي لم يتمكن من تسجيل لاعبين أجانب بسبب حرمانه من التعاقدات من قبل الفيفا.

المدربون يتحملون مسؤولية التعاقدات

ويحمّل مدير النشاط الرياضي في نادي الوحدات زياد شلباية، الأجهزةَ الفنية للفرق مسؤوليةَ الاختيارات السيئة للمحترفين، حيث إن إدارة النادي لا تتعاقد مع أي لاعب سواء كان محليا أو أجنبيا إلا بعد موافقة أو تزكية المدرب الذي يتحمل المسؤولية الفنية.

ويقول شلباية للجزيرة نت إن اللاعبين يأتون عن طريق الوكلاء الذين يهمهم جني الأموال بغض النظر عن جودة اللاعب، مبينا أن اللاعب يخضع فترة للتجربة قبل إصدار المدرب قراره، مشيرا إلى أن اللاعبين أصحاب المستوى الفني العالي يرفضون التوقيع أكثر من موسم أو موسمين مع الأندية الأردنية؛ كونهم يرون أنها محطة مرور.

زياد شلباية: إن اللاعبين يأتون عن طريق الوكلاء الذين يهمهم جني الأموال بغض النظر عن جودة اللاعب (الموقع الرسمي لنادي الوحدات)

ويضيف أن هذه الظاهرة موجودة لدى اللاعبين المحليين البارزين الذين يرفضون التوقيع أكثر من موسم بانتظار عروض خارجية، وهذا الأمر يجعل الأندية الأردنية تخسر ماديا ولا تستفيد؛ كون عوائد الاحتراف الخارجي للاعبين المحليين أو الأجانب سيجنيها اللاعب ووكيله فقط.

وأوضح شلباية أن الأندية الأردنية هي الخاسرة في جميع الأحوال، فاللاعب المحترف صاحب المستوى المتدني يرفض فسخ عقده قبل الحصول على جميع مستحقاته المالية، واللاعب المحترف صاحب المستوى الفني الجيد أو المرتفع يوقع لموسم أو موسمين ثم ينتقل بصفقة حرة إلى الدوريات الأعلى فنيا وماليا من الدوري الأردني "من دون إدخال فلس لخزينة النادي".

الاختيار يعتمد على مقاطع الفيديو

من جانبه طالب المحلل الرياضي يحيى قطيشات، الأندية الأردنية التعلم من أخطاء الماضي خصوصا أنها تعاني منذ سنوات من عدم نجاح المحترف الأجنبي وفي أوقات كثيرة يكون اللاعب المحلي أفضل بكثير منه.

ويقول قطيشات للجزيرة نت إن ظاهر ضعف مستوى المحترفين يعود إلى أسباب عدة في مقدمتها ضعف الإمكانيات المالية التي تجبر الأندية على البحث عن محترفين بأسعار زهيدة، وتجاهل المواهب الكبيرة، إضافة إلى عدم وجود لجان فنية مختصة بترشيح واختيار أفضل اللاعبين المحترفين بالتعاون مع الأجهزة الفنية.

يحيى قطيشات: ظاهر ضعف مستوى المحترفين يعود إلى أسباب عدة في مقدمتها ضعف الإمكانيات المالية (مواقع التواصل)

وكشف قطيشات أن طريقة التعاقد مع المحترفين في الدوري الأردني قاصرة وغريبة، حيث تعتمد على مقاطع الفيديو التي يجلبها الوكلاء للنادي وتظهر بمساعدة المونتاج اللاعب مبدعا في بعض اللقطات المركبة التي يظهر لاحقا أنها لا تعبر عن مستواه الحقيقي في الملعب.

الاعتماد على الناشئين

ويقول وكيل اللاعبين خالد سلطان للجزيرة نت، إن معظم اللاعبين الذين يحترفون بالدوري الأردني هواة، ومنهم من يحصل على بطاقة لاعب من اتحاده المحلي بالمال، وقد لا يكون قد شارك مع أي فريق قبل الاحتراف في الأردن، ورغم ذلك يكلفون الأندية مبالغ طائلة لا عائد منها.

وأضاف سلطان أن هدف المحترف القادم للدوري الأردني هو تسويق نفسه بالدوريات الخليجية، ولا يهمه الإضافة الفنية بقدر ما يهمه المال، ويدلل على ذلك رفض اللاعبين المميزين توقيع عقود أكثر من موسم واحد فقط.

ونصح سلطان الأندية الأردنية أن يعتمدوا على اللاعبين الموجودين بفرق الناشئين التي تزخر بالمواهب التي قد تمتلك قدرات فنية أكبر من بعض المحترفين لكن ينقصهم الفرصة لإثبات الذات.

كما نصحهم بالتعلم من فرق الدرجة الثانية القطرية أو فرق دوري الدرجة الأولى السعودية، التي تتعاقد مع لاعبين محترفين مميزين بعقود مادية مناسبة.

خالد سلطان: هدف المحترف القادم للدوري الأردني هو تسويق نفسه بالدوريات الخليجية (مواقع التواصل)
المصدر : الجزيرة