من هو غونزالو راموس الذي خطف الأضواء من رونالدو في تشكيلة البرتغال؟

لم يكن الكثير من متابعي كأس العالم 2022 في قطر، يتوقّعون أن يتخطّى المنتخب البرتغالي عقبة سويسرا في ثمن نهائي كأس العالم بمثل تلك النتيجة، التي كانت الأعرض في المباريات الثماني لدور الـ16، وأسهم توهّج المهاجم غونزالو راموس في تأهل أسهل من المنتظر لمنتخب بلاده، بعد أن استغل -على أحسن وجه- مشاركته الأولى في المونديال؛ ليسجل ثلاثة أهداف كاملة "هاتريك"، في مباراة واحدة، وهو ما لم يتحقق منذ 20 عامًا.

ومساء الثلاثاء الماضي، وفي آخر مباريات دور ثمن النهائي لمونديال قطر، اكتسح منتخب البرتغال نظيره السويسري بنتيجة 6ـ 1 ليضرب موعدًا مع المغرب، في ربع النهائي يوم السبت القادم.

وسجّل المهاجم الواعد لنادي بنفيكا البرتغالي راموس 3 أهداف، في حين حقّق المخضرم بيبي، ورافائيل جيريرو ورافائيل لياو هدفًا لكل منهم، وأنقذ أكانجي ماء وجه المنتخب السويريسري بتسجيله هدف الشرف.

اسم مغمور في ظل رونالدو

قبل فوز البرتغال بسداسية على سويسرا، كان عدد قليل فقط من المشجعين يسمعون شيئًا عن غونزالو راموس، ولكن بعد توقيعه على ثلاثية وتمريرة حاسمة أصبح من الصعب جدًا أن ينسى هؤلاء مهاجم نادي بنفيكا الشاب، الذي عوّض كريستيانو رونالدو، كما لن ينسى راموس نفسه في تلك المباراة أبدًا.

مدرب البرتغال فرناندو سانتوس ويظهر خلفه كريستيانو رونالدو على دكة البدلاء (رويترز)

وفي خطوة شجاعة وجريئة تحوّلت إلى ضربة رائعة من المدرب، ترك فرناندو سانتوس قائده كريستيانو رونالدو -الفائز بالكرة الذهبية 5 مرات- على مقاعد البدلاء، ومنح اللاعب -البالغ من العمر 21 عامًا الملقّب "بالساحر"- فرصة المشاركة في التشكيلة الأساسية لأول مرة، ولم يكن يدري أن ذلك القرار الفني سيمكّن المهاجم من كتابة اسمه بأحرف ذهبية في سجلات كأس العالم.

وقدّم راموس -المولود في 20 يونيو/حزيران 2001 في مدينة أولهاو- أداءً لافتًا، ثبّت به أوراق اعتماده بقوة في منتخب البرتغال بديلًا أمثل للدون رونالدو، الذي بدأ المونديال الخامس في مسيرته بشكل مضطرب، وذلك بتسجيله هدف وحيد من ضربة جزاء في مرمى منتخب غانا.

ولم يكن راموس يأمل في ليلة أكثر سحرًا في مونديال قطر، من الليلة التي كان ملعب لوسيل مسرحًا لها، فقد خاض مباراته الدولية الأولى قبل 3 أيام فقط من انطلاق كأس العالم، وذلك عندما أقحمه المدرب سانتوس في الدقيقة 66 من المباراة الإعدادية للبرتغال أمام نيجيريا، وحتى في تلك المباراة، كانت بداياته واعدة جدًا، إذ لم يمضِ على دخوله سوى 16 دقيقة حتى سجّل هدفًا، وصنع آخر في المباراة التي انتهت (4 ـصفر)، وشهدت -أيضًا- غياب رونالدو.

وخلال المباريات الثلاث الأولى للبرتغال في الدور الأول من مونديال قطر، شارك راموس لمدة 12 دقيقة فقط في إجمالي المباريات، وتحديدًا أمام غانا (3 دقائق)، وأوروغواي (9 دقائق)، في حين لازم مقاعد البدلاء أمام كوريا الجنوبية.

لكن فرناندو سانتوس قرّر المجازفة بمهاجم شاب في مباراة قوية وحاسمة، وأقحم راموس في التشكيلة الأساسية بشكل مفاجيء، وكانت النتيجة هجومًا أكثر مرونة من المباريات السابقة، حيث لعب جواو فيلكس وبرونو فرنانديز بحرية أكبر من المعتاد، وبعدما كان كل تحرك هجومي برتغالي -على مدار سنوات- ينتهي عند رونالدو، ظهر خط الهجوم في مباراة سويسرا أكثر صعوبة للتنبؤ به.

 

والبداية كانت من تمريرة بينية رائعة من فيلكس وصلت إلى راموس، الذي لم يضطرب أبدًا وهو يضع الكرة في الشباك من زاوية ضيقة للغاية، ليجعل الحارس السويسري يان زومر ينظر إليها وهي تهزّ شباكه.

ومن لمسة أخرى على القائم القريب سجّل راموس هدفه الثاني، لكنه لم يكتفِ بذلك، بل أكمل الثلاثية بتسديدة في توقيت جيد من أعلى رأس الحارس زومر.

وبين ذلك نجح المهاجم الواعد في تقديم تمريرة حاسمة لرافائيل جيريرو، ليسجّل الهدف الرابع.

أمسية لا تنسى

ولا يبدو أن راموس يملك عضلات مثل رونالدو، ولا يلعب باستمرار في الهجوم مثل قائد البرتغال، لكن فرض نفسه رجلًا للمباراة الختامية لدور ثمن النهائي، وبلمسة حريرية وسريعة أربك المدافعين السويسريين، وشكّل تهديدًا دائمًا على مناطقهم.

وبينما هتف آلاف المشجعين في ملعب لوسيل مرارًا "رونالدو، رونالدو"، على أمل رؤية النجم يشارك في المباراة، أصبح راموس أول لاعب يسجّل ثلاثية في أول مشاركة له في كأس العالم، منذ الألماني ميروسلاف كلوسه قبل 20 عامًا.

وبعد أن حسم رفاق راموس المباراة فعليًا وضربوا موعدا مع المغرب في ربع نهائي كأس العالم، حلّ رونالدو -البالغ من العمر 37 عامًا بديلًا في الدقيقة 66- ولكن بطل البرتغال الجديد راموس كان قد خطف كل الأضواء، وألهب حماسة الجماهير البرتغالية بعد عرض رائع وأداء لا يُنسى .

وبدأ راموس مسيرته الكروية سنة 2009 وعمره 8 سنوات فقط، في "أولهانينسي" الفريق الذي يوجد بمسقط رأس المهاجم الشاب مدينة أولهاو، وهناك صقل موهبته الكروية قبل أن ينتقل إلى نادي "لوي" في سنة 2011.

وفي عام 2013، انتقل إلى نادي بنفيكا البرتغالي -أحد أكبر ثلاثة أندية في البلاد- وتدرّج عبر الأصناف الشابة حتى بلوغه الفريق الأول في صيف 2020، عندما لعب يوم 21 يوليو/تموز من العام نفسه أول مباراة احترافية في مشواره، وذلك ضمن الدوري البرتغالي أمام نادي ديبورتيفو أفيش.

المصدر : الجزيرة + رويترز