ابتكار مستشعر يكتشف المواد الكيميائية الضارة في مياه الشرب

المواد الكيميائية المفلورة يمكن أن تأتي من مرافق معالجة مياه الصرف الصحي ومدافن النفايات وينتهي بها الأمر في الماء أو الهواء أو التربة (شترستوك)

صمم كيميائيون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا جهاز استشعار يكتشف كميات صغيرة من مواد البيرفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل، وهي مواد كيميائية موجودة في عبوات المواد الغذائية وأدوات الطهي غير اللاصقة والعديد من المنتجات الاستهلاكية الأخرى.

في الدراسة التي نشرت يوم 11 مارس/آذار في مجلة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" (Proceedings of the National Academy of Sciences) رُبطت هذه المركبات التي لا تتحلل بشكل طبيعي بمجموعة متنوعة من الآثار الصحية الضارة، بما في ذلك السرطان ومشاكل الإنجاب واختلال جهاز المناعة والغدد الصماء.

ملوثات شائعة الاستخدام

في عام 2023، وضعت وكالة حماية البيئة الأميركية حدودا صحية استشارية لمادتين كيميائيتين خطيرتين من مواد البيرفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل، هما حمض البيرفلورو كتانويك وسلفونات البيرفلورو كتيل. وكانت الحدود المسموح بها هي 0.004 جزء من التريليون من الحمض الأول، و0.02 جزء من التريليون من حمض السلفونيك البيرفلورو كتاني في مياه الشرب.

مواد البيرفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل مواد كيميائية موجودة في عبوات المواد الغذائية وأدوات الطهي غير اللاصقة والمياه والعديد من المنتجات الاستهلاكية الأخرى (شترستوك)

يقول أستاذ الكيمياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمعد الرئيسي للدراسة تيموثي سواخر: هناك حاجة حقيقية لتقنيات الاستشعار هذه حتى نتمكن من التخلص من هذه المواد الكيميائية التي تؤرق البشرية لفترة طويلة، لذا نحتاج إلى أن نكون قادرين على اكتشافها والتخلص منها.

ويوضح سواخر في حديث مع "الجزيرة نت" أن هذه المركبات تمثل مشكلة خطيرة لأنها توجد في العديد من السلع الاستهلاكية في صورة طلاءات غير لاصقة، كما هو الحال في الملابس المقاومة للماء، والمواد المقاومة للبقع، وصناديق البيتزا المقاومة للشحوم، ومستحضرات التجميل، ورغوات مكافحة الحرائق، وأدوات الطهي.

ووفقا للباحث، فإن تاريخ هذه المواد الكيميائية المفلورة المستخدمة على نطاق واسع حاليا، يعود إلى الخمسينيات من القرن العشرين، ويمكن أن تأتي من الشركات ومرافق معالجة مياه الصرف الصحي ومدافن النفايات وينتهي بها الأمر في الماء أو الهواء أو التربة.

مستشعر التدفق الجانبي

يقول معدو الدراسة، إن الحل يمكن أن يتمثل في جهاز استشعار يعتمد على تقنية التدفق الجانبي، وهي نفس الطريقة المستخدمة في اختبارات الكشف عن فيروس كورونا المستجد واختبارات الحمل، لتوفير طريقة اختبار أسرع وأقل كلفة. ودُمج المستشعر الجديد مع بوليمر بولي أنيلين الذي يمكنه الانتقال بين حالات شبه الموصلة والموصلة عندما تتوفر البروتونات للمادة عوضا عن شريط اختبار مطلي بالأجسام المضادة.

وضع الباحثون هذه البوليمرات على شريط من ورق النيتروسليلوز، ثم غطوها بمادة خافضة للتوتر السطحي لاستخراج مركبات الفلورو كربون -بما في ذلك مواد البيرفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل- من قطرة ماء موضوعة على الشريط. ويقلل هذا من المقاومة الكهربائية للمادة، ومن ثم يمكن تحديد كمية المركبات الضارة الموجودة كميا باستخدام هذا التغيير في المقاومة، والتي يمكن مراقبتها بدقة باستخدام الأقطاب الكهربائية وتوصيلها إلى جهاز خارجي مثل الهاتف الذكي.

ويمكن للنظام الجديد اكتشاف ما يصل إلى 200 جزء في التريليون من مواد البيرفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل. وبالنظر إلى أن المستشعر يستخدم فقط جزءا صغيرا من مليلتر من الماء، فإن هذا ليس منخفضا بما يكفي للتوافق مع أحدث معايير وكالة حماية البيئة الأميركية، وفقا للبيان الصحفي المصاحب للدراسة.

لذلك سعى الباحثون للوصول إلى الحدود المنخفضة للغاية التي توصي بها وكالة حماية البيئة من خلال تطوير جهاز يمكنه تصفية نحو لتر واحد من الماء باستخدام غشاء بوليانيلين. ويعتقد الفريق البحثي أن هذا النهج يجب أن يعزز الحساسية بأكثر من 100 ضعف.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية