باحثون ينجحون في تدوير الحفاضات واستخدامها لحل أزمة السكن بالبلدان النامية

تم بناء هذا المنزل المكون من طابق واحد في إندونيسيا باستخدام حفاضات ممزقة ومعاد تدويرها (محمد عريف عرفان – ساينس نيوز)

تمكن فريق بحث من جامعة كيتاكيوشو في اليابان (The University of Kitakyushu) من تطوير تقنية لإعادة تدوير الحفاضات المستعملة، واستخدامها بالخرسانة بشكل يسهم في تخفيض تكلفة البناء والحد من التلوث.

وتوصل الفريق المكون من 3 باحثين، اثنان من إندونيسيا وآخر من بلجيكا، إلى إمكانية استبدال نسبة معتبرة من مواد البناء التقليدية على غرار الرمل والحصى بالحفاضات التي تمثل من 2 إلى 7% من الحجم الإجمالي للنفايات المنزلية، وذلك وفق دراسة نشرت بمجلة "ساينتيفيك ريبورتس" (Scientific Reports) في 18 مايو/أيار الماضي.

إدماج الحفاضات مع مواد البناء

تقوم التقنية الجديدة على إدماج الحفاضات في عملية بناء منازل قوية تتشكل من 3 طوابق في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، من خلال الجمع بين مواد البناء المختلفة (الرمل، الإسمنت، الحصى..) ونسب محددة من نفايات الحفاضات المصنوعة من لب الخشب، القطن، حرير الفسكوز والبلاستيك، بعد تنظيفها وتقطيعها.

ومن أجل قياس مقدار الضغط الذي يمكن للبناء تحمله وحمايته من خطر الانهيار، قام الفريق بحساب أقصى نسبة من مواد البناء يمكن استبدال الحفاضات بها، لبناء منزل مساحته 36 مترا مربعا، في 6 عينات من الخرسانة، بحيث تحتوي كل واحدة منها على نسبة معينة من نفايات الحفاضات.

واشتملت الدراسة التجريبية على نوعين من المواد المركبة، وهي مركب "الخرسانة" للعناصر الهيكلية الأساسية مثل الأعمدة ومركب "الملاط" للعناصر الأخرى مثل الجدران والأرضيات.

وأظهرت التجارب أن نفايات الحفاضات يمكن أن تعوض 10% من كمية المواد اللازمة للخرسانة المستخدمة في تشكيل الأعمدة عند بناء منزل من 3 طوابق، وترتفع هذه النسبة إلى 27% في حالة بناء منزل من طابق واحد.

صورة توضح الخصائص الفيزيائية للمواد المستخدمة في البناء من حيث الكتلة والرطوبة (ساينتفيك ريبورتس)

في حين يمكن استبدال ما يصل إلى 40% من المواد التقليدية بالحفاضات عند بناء الجدران الفاصلة، مقابل نسبة 9% عندما يتعلق الأمر بالأرضيات وأرصفة الحدائق. وقد نجح الفريق فعليا في بناء منزل صغير من طابق واحد، يتكون من غرفتي نوم وحمام بأكبر قدر ممكن من نفايات الحفاضات مع مراعاة عاملي السلامة والقوة.

وبشكل عام فإن الدراسة تقدم تصميما لإنشاء منازل منخفضة التكلفة بمساحة مخطط أرضي تبلغ 36 مترا مربعا، بحيث تستخدم فيها نفايات الحفاضات بنسبة 10% في المكونات الأساسية (الأعمدة) و40% في المكونات الأخرى (الجدران والأرضيات)، وهو ما ينتج عنه التخلص من 1.73 متر مكعب من نفايات الحفاضات في كل 36 مترا مربعا.

حل مشكلة السكن في البلدان النامية

تعتبر مواد البناء من العوامل الأساسية في تحديد تكاليف السكن، ومن أجل ذلك حاول الكثير من الباحثين تطوير آليات لإعادة تدوير النفايات غير القابلة للتحلل واستخدامها كمواد بناء صديقة للبيئة على غرار الحفاضات المستعملة، التي يمكن التخلص منها بطريقة آمنة عن طريق دمجها في بناء منزل منخفض التكلفة.

ويُعرف السكن منخفض التكلفة على أنه سكن مناسب من حيث الجودة والموقع، غير أن الحصول عليه صعب في معظم البلدان النامية، بسبب مصدر الدخل الذي لا يكفي للحصول على المنازل رغم توفرها في بعض الدول، أو بسبب عدد المنازل المحدود رغم وجود دخل مرتفع نسبيا في دول أخرى.

وغالبا ما تمثل تكلفة مواد البناء ما يصل إلى 80% من القيمة الإجمالية للمنزل البسيط، ذلك لأن مواد البناء هي الضرورية لضمان سلامة وقوة المنزل، وهو ما يمثل مشكلة لأن العديد من حكومات الدول النامية، على غرار إندونيسيا، تصر على استخدام مواد وتقنيات البناء التقليدية، وتفرض قواعد ولوائح تمنع استخدام مواد وتقنيات بناء جديدة رغم فاعليتها من حيث التكلفة ومكافحة التلوث.

وتواجه البلدان النامية ظاهرة تزايد عدد السكان في المدن وظهور الأحياء الفقيرة بسبب عدم وجود منازل بتكلفة مناسبة، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة استخدام حفاضات الأطفال بسبب فائدتها الاجتماعية للآباء من حيث سهولة الاستخدام والأسعار المناسبة.

صورة توضح اختبارات قوة المواد المركبة في البناء، بالنسبة للعمود على اليسار والجدار على اليمين (ساينتفيك ريبورتس)

نتائج وتوصيات

انتهت الدراسة إلى أن تدوير الحفاضات واستخدامها في البناء، يقدم حلا فعالا لهذه البلدان من ناحية الحد من النفايات عن طريق تنظيف الحفاضات باستخدام محلول كلور الصوديوم بتكلفة أقل من حرقها، ثم دمجها في الخرسانة مما يؤدي إلى تعزيز رطوبة هذه الأخيرة وجعلها أكثر قوة وصلابة، وبالتالي توفير منازل متينة بأسعار مناسبة للسكان.

وتبقى الخطوة الأساسية لإعادة تدوير الحفاضات المستخدمة هي فصل المكونات البلاستيكية عن الألياف العضوية. وهو ما يستلزم تنفيذ العديد من الإجراءات المعقدة، بما في ذلك جمع المكونات وسحقها وتعقيمها وفرزها. وذلك ما يتطلب مشاركة أصحاب المصلحة في الحكومات وشركات معالجة النفايات.

وتوصي الدراسة بضرورة وضع سياسات تشجع خطط وطرق البناء الصديقة للبيئة والتكنولوجيا التي تتسم بالكفاءة في استخدام الطاقة وتنتج تلوثا أقل وجعلها متاحة بسهولة للناس.

المصدر : مواقع إلكترونية