أفريقيا الأكثر تضررا.. 20% من الثدييات البرية في العالم مهددة بالانقراض بحلول عام 2100

تمثل أزمة انقراض الكائنات واحدة من تبعات تغير المناخ، ويرى العلماء ضرورة اتخاذ خطوات استباقية للحفاظ على الأنواع التي قد تكون مهددة بخطر الانقراض في المستقبل.

BLACK RHINOCEROS. DICEROS BICRONIS. ENDANGERED SPECIES. SUB-SAHARAN AFRICA.
الثدييات الكبيرة مثل الفيلة ووحيد القرن والزرافات والكنغر أكثر عرضة للانقراض (غيتي)

في القرون الخمسة الماضية، اختفت مئات الحيوانات من عالمنا، وفي أغلب الحالات يقع اللوم على البشر إما بسبب الصيد الجائر أو بسبب تغير المناخ والتلوث.

ولأن انقراض الأنواع يهدد الطبيعة، فقد أثمرت جهود الحفظ بين عامي 1993 و2020 في الحفاظ على ما يصل إلى 32 نوعا من الطيور وما يصل إلى 16 نوعا من الثدييات.

لكن باحثين من الجامعة الوطنية الأسترالية وجامعة فلوريدا الأميركية ومعهد النظم البيئية الأرضية السويسرية رأوا أنه لا بد من اتخاذ خطوة استباقية للحفاظ على الأنواع قبل فوات الأوان، وذلك بالتنبؤ بالأنواع التي قد تكون مهددة بخطر الانقراض في المستقبل.

ونشر الباحثون نتائج دراستهم بشأن التنبؤ بالأنواع المهددة بخطر الانقراض في المستقبل في دورية "كارنت بيولوجي" (Current Biology) في العاشر من أبريل/نيسان الجاري.

African Elephant herd, Loxodonta africana, on the move. Amboseli National Park Kenya. Dist. Sub-saharan Africa
3 محاور أساسية تُعرض الثدييات للخطر، وهي تغير المناخ، ونمو السكان، ونمط استخدام الأراضي (غيتي)

عوامل انقراض الكائنات

يقول مارسيل كارديلو المؤلف الرئيسي للدراسة والباحث في الجامعة الوطنية الأسترالية -في البيان الصحفي المنشور على موقع "فيز دوت أورغ" (Phys.org)- إن "الوقاية خير من العلاج، وما نحتاجه هو طريقة ما لتوقع الأنواع التي ربما لا تكون مهددة بالانقراض في الوقت الحالي، لكن لديها فرصة كبيرة للانقراض في المستقبل".

وللتنبؤ بخطر الانقراض، درس الباحثون 3 محاور أساسية تُعرض الثدييات للخطر وهي تغير المناخ، ونمو السكان، ونمط استخدام الأراضي، بالإضافة إلى الخصائص البيولوجية الجوهرية التي يمكن أن تجعل بعض الأنواع أكثر عرضة لخطر الانقراض من غيرها.

ويتوقع الفريق البحثي أنه بحلول عام 2100، ستتعرض 20% تقريبا من الثدييات البرية إلى اثنين أو أكثر من عوامل الخطر، وستتعرض ما بين 40% و58% لعامل واحد على الأقل.

للاستخدام الداخلي فقط *** Concentrations of terrestrial mammal species with multiple future risk factors. Credit: Current Biology/Cardillo et al
كثير من الثدييات الكبيرة معرضة لخطر الانقراض في قارة أفريقيا وأستراليا (مارسيل كارديلو- كارنت بيولوجي)

خطر الانقراض في أفريقيا وأستراليا

وتعتبر قارة أفريقيا واحدة من أكثر المناطق تأثرا بتغير المناخ في العالم، ففي وسط وجنوب أفريقيا، يبلغ متوسط الزيادة المتوقعة في درجة الحرارة من الاحتباس الحراري بحلول عام 2100 حوالي 1.5 ضعف المتوسط العالمي.

يقول كارديلو "وجدنا أن كثيرا من الثدييات الكبيرة معرضة لخطر الانقراض في دول جنوب الصحراء الكبرى في قارة أفريقيا وتليها جنوب شرق أستراليا، وذلك بسبب تغير المناخ، والنمو السكاني، وطريقة استخدام الأراضي".

وإضافة إلى ذلك، تؤثر الخصائص الحيوية في انقراض الثدييات في تلك المناطق، فغالبا ما تكون الثدييات الكبيرة مثل الفيلة ووحيد القرن والزرافات والكنغر أكثر عرضة لانخفاض أعدادها، لأن أنماطها الإنجابية تؤثر على تكاثرها، على سبيل المثال فترات حمل الفيلة طويلة وتؤثر على سرعة تكاثرها، على عكس الثدييات الصغيرة، مثل القوارض التي تتكاثر بسرعة وبأعداد أكبر.

MASAI MARA - OCTOBER 02 : people sitting in masai village on October 02 , 2013 in Masai Mara,Kenya
الباحثون يرون أنه لا بد من أخذ الآثار السلبية للمحميات الطبيعة على السكان الأصليين في الاعتبار (شترستوك)

الحفاظ على الأنواع

يقول كارديلو إن "الحكومات عادة اعتمدت على إنشاء محميات طبيعية لإزالة أو تخفيف الأسباب التي تهديد الأنواع، ولكن هذه طريقة غريبة لحفظ الأنواع، لأنها تفصل الناس عن الطبيعة، ولا يلعب البشر دورا في حماية الكائنات، وهذا شيء لا يتوافق مع عديد من الثقافات في أجزاء كثيرة حول العالم".

ويرى الباحثون أنه لا بد من أخذ تأثير المحميات الطبيعة على السكان الأصليين في الاعتبار، حيث يبلغ عدد السكان الأصليين حوالي 50 مليون نسمة في قارة أفريقيا، وحوالي 900 ألف في أستراليا، وإنشاء محميات طبيعية في هذه المناطق قد تكون له آثار سلبية عليهم.

من أجل ذلك، اتخذت أستراليا خطوات جادة في دمج وتعايش البشر مع الحيوانات، فأنشأت محميات يملكها السكان الأصليون، ويعملون مع حراس من المجتمعات المحلية.

التخطيط الجيد

وختاما، يرى الباحثون أن مواجهة أزمة انقراض الكائنات تتطلب تخطيطا جيدا، ونهجا استباقيا للتنبؤ بالعوامل المتغيرة مع الزمن، والتي قد تهدد مزيدا من الكائنات خلال العقود القادمة.

ويقول كارديلو إن "هناك دورا مهما يجب أن تلعبه دراسات النمذجة، لأنها يمكن أن توفر إطارا ورؤية مستقبلية للتخطيط لحفظ الكائنات، ونأمل أن يعمل نموذجنا كمحفز لإحداث نوع من التغيير".

المصدر : فيز دوت أورغ + مواقع إلكترونية