تقنية جديدة لرصد الكائنات المهددة بالانقراض في البيئة البحرية

البحث يقدم مثالا على كيفية توظيف طرق المراقبة المبتكرة للحصول على بيانات موثوقة عن الكائنات النادرة والمهددة بالانقراض

الباحثون اختبروا طريقة جديدة لرصد أسماك قرش "أبو مطرقة" المهددة بالانقراض وتوزيعها (شترستوك)

في الآونة الأخيرة، أصبح تغير المناخ خطرا يهدد حياة الكائنات الحية، ومع الصيد الجائر للأنواع باتت هناك حاجة ماسة لتأمين مستقبل الأنواع المهددة بالانقراض وموائلها، لذلك من الضروري رصد وجمع بيانات عن التنوع البيولوجي في الموائل المختلفة.

لذا استحدث باحثون في جامعة جيمس كوك في أستراليا بالتعاون مع باحثين من جامعة غوام الأميركية طريقة جديدة لرصد أسماك قرش "أبو مطرقة" المهددة بالانقراض وتوزيعها على ساحل جزيرة غوام في جزر ماريانا التي تقع في المحيط الهادي، ونشروا نتائج بحثهم في دورية "بيولوجيكال كونزرفيشن" (Biological Conservation) في عدد فبراير/شباط الماضي.

البحث استخدم اختبار الحمض النووي البيئي مع بيانات مناخية ومعلومات متاحة حول علوم المحيطات والبحار (شترستوك)

عدة تقنيات لاستكشاف الحياة البحرية

قالت أليسا بود الباحثة الأولى في الدراسة، في البيان الصحفي الذي نشره موقع "فيز دوت أورغ" (Phys.org) يوم 17 فبراير/شباط الماضي إن "البحث الذي أجريناه أثبت قوة الدمج بين عدة تقنيات لإجراء مسح للحياة البرية، فقد استخدمنا اختبار الحمض النووي البيئي (eDNA) مع البيانات المناخية والمعلومات المتاحة حول علوم المحيطات والبحار".

والحمض النووي البيئي أو (eDNA) هو الحمض النووي الذي تطلقه الأنواع في بيئتها المحيطة (مثل الماء أو التربة أو الهواء) عبر عمليات الإخراج والإفرازات وتساقط الجلد والشعر، ثم يقوم العلماء باستخراج الحمض النووي من تلك البيئة، ومن ثم استخدامه للإشارة إلى وجود الأنواع أو في بعض الحالات غيابها.

وتعتبر طرق اكتشاف الأنواع باستخدام الحمض النووي البيئي فعالة لعدة أسباب أهمها: أنه لا يحتاج إلى تدخل جراحي وتعامل مباشر مع الكائنات الحية، وتكلفتها المعقولة، كما أن لها كفاءة ملحوظة، ومن المتوقع أن تُحدث مسوحات الحمض النووي البيئي ثورة في رصد التنوع البيولوجي البحري.

الفريق البحثي قام بجمع عينات الحمض النووي البيئي من 5 مواقع في مرفأ أبرا قرب جزيرة غوام (غيتي)

مرحلة جمع العينات

وجمع الفريق البحثي عينات الحمض النووي البيئي من 5 مواقع في مرفأ أبرا وشبه جزيرة أوروت بالقرب من المياه الساحلية لجزيرة غوام وهم: المرفأ الداخلي، ومحمية خليج ساسا البحرية، والمياه الضحلة الوسطى، ومنطقة أوروت (بالقرب من قاعدة جوية سابقة على الجزيرة)، ومن الثقب الأزرق.

وشرحت بود، في البيان الصحفي، "قام الفريق البحثي المعاون من جامعة غوام بجمع عينات الحمض النووي البيئي شهريا لمدة 18 شهرا في الفترة من فبراير/شباط 2019 حتى يوليو/تموز 2020، ثم اختبرنا العينات، للبحث عن الحمض النووي لقرش أبو مطرقة، ثم قمنا بدمج نتائج الحمض النووي البيئي مع البيانات البيئية التي حصلنا عليها من الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) ووكالة الفضاء الأوروبية وغوغل إيرث ثم استخدمنا برمجيات لتحليل النتائج".

نتائج المسح البيئي

وأظهرت نتائج المسح البيئي الوجود المكاني والزماني لأسماك قرش "أبو مطرقة"، وتبين أن وجودها في المنطقة مرتبط بزيادة حركة المياه، والعكارة، واتجاه الرياح وسرعتها، وانخفاض درجة الحرارة.

هذا البحث يقدم مثالا على كيفية توظيف طرق المراقبة المبتكرة للحصول على بيانات موثوقة (بيولوجيكال كونزرفيشن)

ويؤكد المسح أن وجود تلك الأسماك يكثر في بداية موسم الجفاف في شهر يناير/كانون الثاني، وأنها كانت منتشرة في المواقع شديدة العكارة، والأعماق الضحلة، وكانت توجد على بُعد مسافة كبيرة من مدخل ميناء أبرا.

وقال جان ستروجنيل المشرف العام على الدراسة "كان قرش أبو مطرقة من أنواع أسماك القرش المنتشرة ولكن مؤخرا صُنف على أنه مهدد بخطر الانقراض، وجميع المعلومات السابقة عن وجوده في جزر ماريانا كانت تستند فقط إلى ملاحظات شخصية أو أدلة سردية أخرى، لكن الآن لدينا أنظمة مراقبة للمحيطات متطورة بالإضافة إلى تقنيات الاستشعار عن بُعد عبر الأقمار الصناعية والتي توفر المعلومات البيئية بتفاصيل لا نظير لها، ما سمح لنا بتحليل نتائج اختبارات الحمض النووي البيئي بشكل دقيق".

واختتمت بود حديثها "إن هذا البحث يقدم مثالا على كيفية توظيف طرق المراقبة المبتكرة للحصول على بيانات موثوقة عن الكائنات النادرة والمهددة بالانقراض، وعليه يمكننا إنشاء إستراتيجيات مستنيرة لتقليل التأثيرات البشرية السلبية على الأنواع المهددة وموائلها خلال العقد المقبل".

المصدر : فيز دوت أورغ + مواقع إلكترونية