أول دراسة عالمية تقيس الطاقة التي تستهلكها النباتات لتغذية أوراقها بالمياه

الطاقة اللازمة لرفع المياه في نباتات العالم تضاهي كمية الطاقة التي تولدها السدود الكهرومائية في جميع أنحاء العالم (غيتي)

هل نظرت يوما إلى شجرة شاهقة وتساءلت عن مقدار الطاقة التي تبذلها هذه الشجرة وبقية الأشجار والنباتات حولها، لرفع المياه من أعماق الأرض لتغذية فروعها وأوراقها في قممها الباسقة؟

كل النباتات بلا استثناء سواء أكانت قصيرة أم طويلة تسحب الماء اللازم لنموها وعملية التمثيل الضوئي من الأرض، في عملية تتحدى ليس جاذبية الأرض فحسب، بل مقاومة أنسجة النباتات نفسها.

ولك أن تتخيل مقدار الطاقة التي تتطلبها شجرة لرفع لتر واحد من المياه -فضلا عن مئات اللترات كل يوم- من جذورها حتى أوراقها في القمة، وهي في ذلك مطالبة بالتغلب على قوة الجاذبية وتمرير هذا الماء عبر أنسجتها الصلبة من الخشب.

الدراسة العلمية هي الأولى من نوعها التي حاولت حساب الطاقة اللازمة لرفع الماء في النباتات والأشجار (غيتي)

الطاقة اللازمة لرفع المياه

وقد حاولت دراسة علمية هي الأولى من نوعها حساب الطاقة اللازمة لرفع الماء في النباتات والأشجار على مستوى العالم، وتوصلت الدراسة، التي نشرها عالم المناخ غريغوري كويتين في "جامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا" (University of California, Santa Barbra) وزملاؤه في 17 أغسطس/آب الماضي في دورية "جيوفيزيكال ريسيرش: بيوجيوساينسز" (Journal of Geophysical Research: Biogeosciences)، إلى أن الطاقة التي تستهلكها النباتات والأشجار على مدار العام لضخ عصارة الماء داخل نسيج النباتات (النسغ) من أعماق الأرض وعبر جذوعها وفروعها وأوراقها تساوي 9.4 كوادريليونات (مليون مليار) واط/ساعة، أي ما يعادل 90% من إجمالي الطاقة الكهرومائية التي ولدتها السدود في العالم في عام 2019.

تمتص الأشجار نحو 455 لترا من الماء يوميا، ورفع هذا المقدار عبر أنسجتها يتطلب قدرا كبيرًا من الطاقة للتغلب على قوة الجاذبية ومقاومة الأنسجة في سيقان النباتات وجذوعها. وقد كشفت النتائج التي توصلت إليها الدراسة أن الطاقة التي تستهلكها الأشجار لنقل المياه من التربة إلى الأوراق حيث تتم عملية التبخير أو النتح تمثل جزءا كبيرا من مقدار الطاقة التي تولدها النباتات من ضوء الشمس أثناء عملية التمثيل الضوئي.

إجمالي الطاقة التي تستهلكها أشجار العالم لسحب الماء عبر أنسجتها سنويا (غريغوري كويتين وآخرون-بيوجيوساينسز)

مضخة لرفع المياه

وتشير الدراسة إلى أن أوعية النباتات وأنسجتها باتت أقرب إلى مضخة تستهلك الطاقة اللازمة لرفع الماء إلى الأوراق، ولولا هذه القدرة النباتية على الضخ لانتهت الحياة على سطح الأرض.

وتحدث عملية الضخ عن طريق عملية تبخر الماء من الأوراق لتوليد قوة الشفط اللازمة لصعود النسغ إلى أعلى.

ولتقدير القوة التبخيرية لجميع النباتات على الأرض سنويا، قسم فريق الباحثين خريطة اليابسة إلى مربعات أبعادها نصف درجة من خط العرض ونصف درجة من خط الطول، وقام بتحليل البيانات لخليط النباتات في كل مربع بحساب حجم الطاقة التي تستهلكها شهريا لضخ الماء.

وتوصل الباحثون إلى أن مقدار الطاقة المطلوبة كان يزيد بطبيعة الحال في المناطق الكثيفة الأشجار، بخاصة في الغابات المطيرة في المناطق الاستوائية.

وكما يشير تقرير حول الدراسة نشر على موقع "ساينس نيوز" (Science News) في السادس من سبتمبر/أيلول الجاري، فإن الأشجار في الغابات إذا اعتمدت على مخزونها من الطاقة بدلا من عملية التبخير في سحب الماء إلى أعلى، فإنها سوف تستهلك ما يقرب من 14% من الطاقة التي تولدها من عملية التمثيل الضوئي.

أما الأعشاب والحشائش والنباتات الأخرى في غير مناطق الغابات، فإنها تنفق 1% فقط من مخزون الطاقة لديها، لأنها أقصر بكثير، ولأن مقاومة نسيجها لتدفق الماء لأعلى أقل بكثير من مقاومة الأنسجة الخشبية في الأشجار.

المصدر : مواقع إلكترونية