الثدييات الأرضية الصغيرة ضحية جديدة من ضحايا البلاستيك

هذا البحث يمثل خطوة مهمة في دراسة تأثير البلاستيك على الثدييات الأرضية مع وجود عدد من أنواع الثدييات الصغيرة التي تواجه انخفاضا مقلقا في أعدادها

توصل الباحثون إلى وجود البوليمرات البلاستيكية في 4 من 7 أنواع عند تحليل فضلات الثدييات الصغيرة (شترستوك)

تؤرق مشكلة النفايات البلاستيكية وآثارها البيئية العلماء خلال السنوات الأخيرة، وأولت الفرق البحثية عناية لدراسة آثار النفايات البلاستيكية على البيئات والكائنات المختلفة حول العالم.

ودرس باحثون مؤخرا آثار تعرض الثدييات الصغيرة للمواد البلاستيكية في إنجلترا ومقاطعة ويلز، وأظهرت النتائج التي توصلوا إليها آثارا من بوليمرات البلاستيك في براز أكثر من نصف الأنواع التي تم فحصها.

ففي ورقة بحثية سوف تنشر في عدد 10 أكتوبر/تشرين الأول القادم من دورية "ساينس أوف ذا توتال إنفيرومنت" (Science of the Total Environment) ذكر باحثون من جامعة ساسكس وجمعية الثدييات (Mammal Society) وجامعة إكستر أن كثافة إفراز البلاستيك كانت مماثلة لتلك المذكورة في الدراسات البشرية.

نعرف الكثير عن تأثير البلاستيك على النظم البيئية المائية ولكننا نعلم القليل عن تأثيره على الأنظمة البرية (شترستوك)

البلاستيك في بيئتنا البرية

ويذكر البيان الصحفي المنشور على موقع جامعة ساسكس نقلا عن فيونا ماثيوز أستاذة البيولوجيا البيئية في الجامعة "نعرف الكثير عن تأثير البلاستيك على النظم البيئية المائية، ولكن لا نعلم سوى القليل جدا عن تأثيرها في الأنظمة البيئية البرية، ومن خلال تحليل فضلات بعض الثدييات الصغيرة الأكثر انتشارا تمكنا من تقديم لمحة عن التأثير المحتمل للبلاستيك على حياتنا البرية وأكثر المواد البلاستيكية شيوعا في بيئتنا".

وتوصل الباحثون في الورقة البحثية إلى وجود البوليمرات البلاستيكية في 4 من 7 أنواع عند تحليل فضلات الثدييات، ووجدوا أن كلا من القنفذ الأوروبي (European hedgehog)، وفأر الخشب (wood mouse)، وفأر الحقل (field vole)، والجرذ البني (brown rat) جميعها موجبة للبلاستيك.

آثار موزعة ومنتشرة

وبينما توقع الباحثون رؤية تركيزات أعلى من البلاستيك في عينات مأخوذة من مواقع حضرية ونسبة أقل من البلاستيك في الأنواع آكلة الأعشاب اكتشف الباحثون في الواقع أن ابتلاع البلاستيك كان يحدث في مواقع عدة وكذلك في الحيوانات ذات العادات الغذائية المختلفة، من آكلة العشب وآكلات الحشرات واللحوم والنباتات.

اكتشف الباحثون ابتلاع البلاستيك في آكلة العشب وآكلات الحشرات واللحوم والنباتات (شترستوك)

بدورها، تقول إميلي ثريفت الحاصلة على ماجستير العلوم من جامعة ساسكس "إنه أمر مقلق للغاية أن آثار البلاستيك كانت موزعة على نطاق واسع عبر المواقع والأنواع ذات العادات الغذائية المختلفة، وهذا يشير إلى أن المواد البلاستيكية يمكن أن تتسرب إلى جميع مناطق بيئتنا بمختلف الطرق، نحن قلقون أيضا من أن القنفذ الأوروبي وفأر الحقل يعانيان من انخفاض في أعدادهما بالمملكة المتحدة".

وباستخدام معدات في مختبرات غرينبيس في جامعة إكستر قام الفريق بتحليل 261 عينة براز تحتوي 16.5% منها على بلاستيك، وكانت الأنواع الأكثر شيوعا التي تم تحديدها هي البوليستر والبولي إيثيلين (المستخدمة على نطاق واسع في العبوات ذات الاستخدام الواحد) والبولينوربورنين (تستخدم بشكل رئيسي في صناعة المطاط)، فقد شكل البوليستر 27% من البقايا التي تم تحديدها، ووجد في جميع الأنواع الإيجابية للبلاستيك باستثناء فأر الخشب.

ويوضح البحث أن الألياف الدقيقة المستخدمة على نطاق واسع في صناعة المنسوجات يمكن أن تدخل نظام مياه الصرف الصحي من خلال الغسيل المنزلي، وينتهي بها الأمر بعد ذلك إلى الأرض من خلال استخدام الصرف الصحي كسماد.

مواد قابلة للتحلل العضوي

كان أكثر من ربع المواد البلاستيكية الموجودة في الدراسة أيضا "قابلا للتحلل الحيوي" أو مواد بلاستيكية حيوية، ويحذر الباحثون من أنه في حين أن هذه الأنواع من البلاستيك قد تتحلل بشكل أسرع من البوليمرات إلا أنه لا يزال من الممكن للثدييات الصغيرة ابتلاعها، وهناك حاجة إلى مزيد من البحث للتحقق من آثارها البيولوجية الحقيقية.

التأثير المحتمل للبلاستيك عبر السلسلة الغذائية قضية يهتم بها الباحثون (شترستوك)

كما يعتقد الباحثون أن اللدائن الدقيقة (ميكروبلاستيك) المكتشفة في الدراسة من المحتمل أن تكون قد دخلت أحشاء أنواع الحيوانات نتيجة لأكل فريسة أو من خلال الابتلاع المباشر الذي قد يحدث جراء خلط الأنواع بين البلاستيك والطعام أو مضغ اللدائن الكبيرة المستخدمة مواد للتعشيش.

ويعد التأثير المحتمل للبلاستيك عبر السلسلة الغذائية قضية أخرى يهتم بها الباحثون، ويحثون على مزيد من الدراسة بشأنها، وتضيف البروفيسورة فيونا ماثيوز في البيان "نحتاج حقا إلى فهم أعمق لتأثيرات ابتلاع البلاستيك على الثدييات البرية، والآثار المحتملة لذلك على الحفظ البيولوجي، وفي دراستنا حملت فضلات القنافذ الأوروبية أكبر كمية من بوليمرات البلاستيك، وهي في حالة تدهور بالفعل في المملكة المتحدة لأسباب غير معروفة إلى حد كبير، وهي مصنفة أنها معرضة للانقراض في القائمة الحمراء الإقليمية وفقا للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة "آي أو سي إن" (IUCN)".

مزيد من البحث

تتناول القنافذ الأوروبية ديدان الأرض والتي وجدت الدراسات السابقة أنها تحتوي على المواد البلاستيكية الدقيقة، لذلك يحتاج الباحثون حقا إلى مزيد من البحث لتحديد نطاق وطريق التعرض للبلاستيك بشكل أكثر دقة، ولتقييم انتشار البلاستيك في الأنواع المفترسة التي تقتات على الثدييات الصغيرة حتى نتمكن من اتخاذ الخطوات المناسبة لمحاولة حماية الحياة البرية المتدهورة بسبب البلاستيك.

الأبحاث الجديدة تمثل خطوة مهمة في دراسة تأثير البلاستيك على الثدييات الأرضية (شترستوك)

بدوره، يقول الرئيس التنفيذي لجمعية الثدييات آندي بول "هذا البحث يمثل خطوة مهمة في دراسة تأثير البلاستيك على الثدييات الأرضية، ومع وجود عدد من أنواع الثدييات الصغيرة التي تواجه انخفاضا مقلقا في أعدادها فإنه يسلط الضوء على أحد التحديات التي تواجهها، يمكننا جميعا إحداث فرق للمساعدة في حمايتها من هذا التهديد من خلال تقليل كمية البلاستيك الذي نستخدمه لمرة واحدة وإعادة استخدام وإعادة تدوير ما نستخدمه بشكل صحيح".

ويقول الدكتور آدم بورتر زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في مجلس أبحاث البيئة الطبيعية بجامعة إكستر "في المملكة المتحدة يمكن أن يبدو التلوث البلاستيكي في كثير من الأحيان مشكلة في مكان آخر بعيد عنا، تجلب هذه الدراسة التركيز إلى محيطنا، في أراضينا وفي بعض أنواع الثدييات المحبوبة لدينا، وعلاوة على ذلك توضح أن لكمية النفايات البلاستيكية التي ننتجها تأثيرا، يجب علينا تغيير عاداتنا في استخدام البلاستيك والابتعاد عن المستلزمات ذات الاستخدام الواحد والتوجه نحو الاستعاضة عن البلاستيك ببدائل أفضل وإنشاء اقتصاد دائري".

المصدر : مواقع إلكترونية