اكتشاف جيني قد يحمي مليون رأس من الماشية الأفريقية سنويا من حمى الساحل الشرقي

الاكتشاف يمكن أن يؤدي إلى تربية ماشية انتقائية أفضل، وبمجرد أن يتأكد الباحثون من أن المتغير ليست له آثار جانبية ضارة، يمكن لمربي الماشية الأفارقة تربية سلالة مقاومة لحمى الساحل الشرقي.

حمى الساحل الشرقي تتسبب في نفوق نحو مليون رأس من الماشية سنويا في أفريقيا (غيتي)

تبدأ حمى الساحل الشرقي بعدوى أولية ينقلها القراد الذي يعلق على أذن البقرة، وفي الأيام القليلة التالية، تتكاثر الخلايا الليمفاوية للحيوان، وتتضخم الغدد الليمفاوية، ويتوقف عن تناول الغذاء ويبدأ في السعال جراء امتلاء رئتيه بالسوائل، ويصاب بحمى تصل إلى 41 درجة مئوية، وبعد أسابيع قليلة من اللدغة يموت.

حمى الساحل الشرقي

قالت صحيفة "إيكونوميست" (The Economist) البريطانية، في تقرير لها، إن "حمى الساحل الشرقي" (East Coast Fever ECF) تنتشر في البلدان الأفريقية، وتتسبب هذه الحمى التي تنتشر عن طريق القراد في نفوق حوالي مليون رأس من الماشية سنويا، كما أن انتشار هذا المرض يحول دون جلب سلالات أوروبية سريعة النمو وذات إنتاجية أعلى، إذ تكون أكثر عرضة للإصابة بالمرض من السلالات الأفريقية، وعلى الرغم من توفر اللقاح، وإمكانية مهاجمة القراد برش المبيدات الحشرية، فإن كلتي الطريقتين مكلفتان.

وتبيّن الصحيفة أن معظم المزارعين يستمرون في استخدام أصناف محلية أقل إنتاجية؛ مما يؤدي إلى تقلص مداخيلهم المالية وتقليل الإنتاج الزراعي. وفي الحقيقة، يعد الفرق واضحا؛ فإنتاج بقرة كينية يبلغ نحو عُشر كمية الحليب التي تنتجها بقرة بريطانية.

In an account published in December in the Journal of Medical Entomology, Julian Shepherd, Ph.D., associate professor of biology at Binghamton University, reports keeping a group of Argas brumpti, a species of African soft tick, alive in a lab decades, with the longest individuals living for 27 years. But wait, there’s more: At one point the ticks went eight years without feeding and still survived. Females produced offspring long after the males in the group died, and some of second generation of the ticks are still alive after 26 years. (Photo by Jonathan Cohen, Binghamton University)
تبدأ حمى الساحل الشرقي بعدوى أولية ينقلها القراد الذي يعلق على أذن البقرة (جامعة بينغامتون)

وذكرت الصحيفة أن بحثًا جديدا قد يقدم حلا، حيث وجد علماء بيطريون بقيادة فيل توي من "المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية" (International Livestock Research Institute) في نيروبي، وجيمس برندرغاست من "معهد روزلين" (Roslin Institute) في أدنبره، متغيرًا جينيًّا مرتبطا بمقاومة حمى الساحل الشرقي.

وتفتح هذه النتيجة -المنشورة في مجلة "بلس جينيتيكس" (PLOS Genetics)- آفاقا جديدة لتربية أو حتى تعديل جينات السلالات القادمة من الماشية.

اكتشاف عن طريق الصدفة

تشير الصحيفة إلى أن اكتشاف المتغير جاء عن طريق صدفة؛ ففي أثناء مراقبة تجربة صغيرة للتطعيم ضد التهاب الكبد الوبائي عام 2013، لاحظ الباحثون في المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية أنه من بين 12 حيوانا غير محصن، كان الناجون الثلاثة من سلالة الثور ذاته، واقترحت الأبحاث أن العنصر الجيني المحدد المسؤول كان نسخة من جين يسمى "فاف1″، وأطلقوا عليه اسم "فاف1 ب".

وتتابع الصحيفة قائلة إن الدراسة الحالية فحصت 20 حيوانًا يحمل نسختين من النسخة المتغيرة، إذ أصيبت بقرة واحدة فقط من هذه الأبقار بحمى الساحل الشرقي. وفي المقابل، استسلمت 44 بقرة من أصل 97 من دون هذا المتغير.

هذا المتغير قد يمنع الخلايا الليمفاوية للماشية من التكاثر بسرعة (غيتي)

وحسب الدكتور برندرغاست، تشير النتائج إلى أن بروتين "فاف 1ب" له "تأثير كبير بشكل غير متناسب" على قدرة تحمل الماشية المصابة بحمى الساحل الشرقي، ويعتقد هو وزملاؤه أن هذا المتغير قد يمنع الخلايا الليمفاوية للماشية من التكاثر بسرعة، رغم أنهم غير متأكدين تماما من هذه النتائج.

ماشية أفضل

تبين الصحيفة أن اكتشافهم يمكن أن يؤدي قريبا إلى تربية ماشية انتقائية أفضل، وبمجرد أن يتأكد الباحثون من أن المتغير ليست له آثار جانبية ضارة، يمكن لمربي الماشية الأفارقة اختبار الحمض النووي لحيواناتهم من أجله وتربية سلالة مقاومة لحمى الساحل الشرقي.

وعلى المدى الطويل، قد تسمح تقنيات تحرير الجينات مثل "كريسبر كاس 9" بتقسيم النسخة الواقية إلى سلالات أوروبية منتجة، التي يمكن تربيتها بعد ذلك بنجاح أكبر في أفريقيا.

وتلفت الكاتبة إلى أن برامج تعديل الجينات هذه تنتشر بشكل متزايد وتحظى بقبول رسمي؛ ففي مارس/آذار الماضي، وافقت بعض الجهات التنظيمية في أميركا على المبيعات الأولى للمستهلكين من لحوم الماشية المعدلة جينيا. ويجعل التعديل المذكور الحيوانات ذات وبر قصير يساعدها على التأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة.

وفي الوقت نفسه، يقوم المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية وروزلين بتطوير مواشي مقاومة للأمراض الأخرى، بما في ذلك داء المثقبيات، وهو مرض ينتشر عن طريق ذبابة "تسي تسي".

يأمل العلماء أن يؤدي الاكتشاف إلى تقليل معدل وفيات الماشية وزيادة إنتاجيتها (غيتي)

توضح المجلة أنه من خلال تقليل معدل الوفيات وزيادة الإنتاجية، يمكن أن يكون للماشية الأوروبية المعدلة وراثيا تأثير مفيد في أفريقيا، على الرغم من قلق بعض الخبراء من المبالغة في فوائدها المتأتية.

ويشير الدكتور برندير غاست إلى العديد من الأمراض الحيوانية الأخرى المنتشرة في القارة، التي تظل المواشي الأفريقية معرضة لخطرها، لافتا إلى أن حال المزارعين قد يتحسن من خلال تربية أصناف محلية مقاومة للأمراض وأكثر إنتاجية، ولكن بغض النظر عما إذا كانت مقاومة الأمراض ناتجة عن التربية التقليدية أو تعديل الجينات، فينبغي أن تؤدي إلى تطوير قطعان ماشية تتسم بصحة جيدة وتُدر مداخيل أعلى للمزارعين.

المصدر : إيكونوميست